لا تزال أسعار النفط أقل من العام الماضي بنحو 40 في المئة على رغم الانتعاش الاقتصادي المسجل أخيراً، كما لا تزال سوق النفط العالمية تشهد فائضاً في العرض. وكان مخزون النفط الخام في الولايات المتحدة عند أعلى مستوياته في آذار (مارس) الماضي عند 474 مليون برميل، أي أكثر بنحو 20 في المئة مقارنة بالعام الماضي، كما تساهم «منظمة البلدان المصدرة للبترول» (أوبك)، التي تنتج نحو ثلث النفط العالمي، في تخمة النفط.
وأشار الخبير الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» كميل عقاد في تقرير، إلى أن «أعضاء أوبك قرروا خلال الاجتماع نصف السنوي الأسبوع الماضي الإبقاء على استراتيجيتهم الحالية التي ستحافظ على الإنتاج لكسب حصة في السوق العالمية، والأهم من ذلك أنهم توافقوا سريعاً على ذلك، إذ عادةً كانت تتعارض آراؤهم خلال اتخاذ القرار».
وأضاف: «سيكون المنتجون ذو التكاليف العالية أول من سيتأثر سلباً بانخفاض أسعار النفط وخفض الإنتاج، إذ أفاد مصرف مورغان ستانلي بأن سعر برنت الخام يجب أن يكون أعلى من 65 دولاراً للبرميل لتسجيل أرباح، وفقاً لمتوسط شركة النفط المنتجة للنفط الصخري في أميركا الشمالية».
ولفت إلى أن «كلفة إنتاج النفط الخام في المتوسط تكون أعلى فقط عندما تستخرج من الرمال النفطية، كما الحال في كندا حيث تبلغ الكلفة 70 دولاراً، ومنطقة القطب الشمالي حيث تبلغ 75 دولاراً، في حين أن متوسط كلفة الإنتاج على السواحل في الشرق الأوسط تبلغ 27 دولاراً فقط».
وأكد أن «استراتيجية أوبك الأخيرة نجحت تماماً، إذ انخفض إنتاج آبار النفط الصخري الشهر الماضي في الولايات المتحدة، وانخفض الحفر بمعدل ملحوظ بلغ 60 في المئة منذ تشرين الأول (أكتوبر)، وبلغ مخزون الخام ذروته ومن ثم تراجع في الأسابيع الستة الماضية». وإضافة إلى ذلك، خفضت أعداد كبيرة من الشركات المنتجة في الولايات المتحدة حجم استثماراتها، إذ أوردت صحيفة «فاينانشال تايمز» أن هذا التوجه للشركة يحدث في أنحاء العالم، حيــث تأثر سلباً أكثر من 100 بليون دولار من الإنفاق الرأسمالي، كما توقع مصرف «مورغان ستانلي» انخفاض الإنفاق الرأسمالي في أكثر من 120 شركة نحو 25 في المئة خلال العام الحالي، من 520 بليون دولار إلى 389 بليوناً.
وأوضح عقاد أن «السوق تستعيد التوازن وتعود الأسعار تدريجاً إلى سعر التوازن. وحتى الشهر الجاري، بقي سعر برنت الخام يراوح بين 60 و 65 دولاراً، وبالنــظر إلى البيئة الحالية، وعلـى افتراض عدم حدوث تغيير في موقف أوبك، يجب أن تستمر الأسعار في الصعود، ولكن ضعف الطلب العالمي يحد من قوة الانتعاش السعري». وفي حين لا تزال السوق تغرق في وفرة النفط، يجب أن تلزم المجموعة المنتجة للنفط الصبر وتحافظ على استراتيجيتها من أجل ضمان أسعار أعلى. وأشار «مورغان ستانلي» إلى أن سعر «برنت» سيتعافى ليبلغ 85 دولاراً عام 2017، وهو السعر الأمثل للدول المنتجة المنخفضة الكلفة.