Site icon IMLebanon

انتعاش أسعار الحديد الخام ينعكس ايجاباً على شركات التعدين

mines

نيل هيوم

مع انخفاض أسعار الحديد الخام إلى أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية في آذار (مارس)، قام أندرو فوريست، رئيس مجلس الإدارة والمؤسس لشركة التعدين الأسترالية فورتيسكيو ميتالز، بطرح فكرة مثيرة للجدل أثناء عشاء عمل في شنغهاي.

صاحب المشاريع المولود في بيرث، المعروف باسم “المدرك” في الصناعة، قال إنه ينبغي على شركات الإنتاج الكبرى الاتفاق على سقف للإنتاج، وهو ما يعني من الناحية العملية دعوة أكبر شركات التعدين المدرجة إلى تشكيل تكتل على غرار منظمة أوبك.

لكن سرعان ما تم الاعتراض على دعوة فوريست من قبل المنافسين، واعتبارها “مصدر قلق” من قبل هيئات تنظيم المنافسة في أستراليا، لكنها توضح المدى الذي اهتزت به السوق بشدة، مع انخفاض الأسعار إلى النصف في الشهور الـ18 الماضية بعد طفرة السلع الأساسية التي استمرت عشرة أعوام في الصين.

الآفاق لا تزال قاتمة، بحسب معظم المحللين والمتداولين، فيما يلوح في الأفق موردون جدد هذا العام والعام المقبل. لكن بعض من في الصناعة يعتقد أن تدخلات فوريست الغوغائية، والدعوة اللاحقة لإجراء تحقيق برلماني في خطط التوسع في شركة ريو تينتو وشركة بي إتش بي بيليتون – ثاني وثالث أكبر شركات القطاع في العالم على التوالي – ربما كانت علامة على مرحلة بلوغ القاع في سوق الحديد الخام، في الوقت الراهن.

وفي مقابلة مع “فاينانشيال تايمز” يوم الأربعاء، قال فوريست: “إذا لم تتلاعب الشركات الكبرى بأسعار الحديد الخام من خلال إطلاق تصريحات قوية تطلعية تهدف إلى خفض أو رفع الأسعار (…) أعتقد أننا سنرى سعرا يتأرجح حول المستويات الحالية”.

ومنذ نيسان (أبريل) حتى هذا الشهر، ارتفع سعر الحديد الخام القياسي للتسليم الفوري إلى الصين نحو الثلث، من 46 دولارا للطن إلى 65 دولارا. والارتفاع جعل كثيرا من المصارف الاستثمارية تتساءل عما إذا كانت قد علقت في سباق نحو القاع، مع تخفيض مصرف بعد الآخر توقعاته للأسعار هذا العام. وبالتأكيد الانتعاش فاجأ كثيرا من مراقبي الصناعة، نظرا للطلب الضعيف وانخفاض أسعار الصلب في الصين: العقود الآجلة لحديد التسليح في شنغهاي – منتج الصلب المستخدم على نطاق واسع في البناء – وصل إلى مستوى قياسي منخفض يوم الثلاثاء.

لكن محللين يقولون إن الارتفاع يمكن تفسيره ببساطة. يبدو أن أحد العوامل التي أثارت ذلك كان فورة شراء في وقت متأخر من قبل شركات إنتاج الصلب الصينية. توم برايس، المحلل في مورجان ستانلي الذي كان أقل تشاؤما فيما يتعلق بالحديد الخام من معظم المحللين، يقول إنه على الرغم من أن الطلب من الأسواق المهمة – بما في ذلك العقارات والبنية التحتية – بقي ضعيفا، إلا أن مصانع الصلب أرادت الاستفادة من فترة ذروة الطلب في فصل الصيف.

وعادة تجدد مصانع الصلب في الصين مخزونها من الحديد بين شباط (فبراير) وأيار (مايو)، لكن نظرا للتوقعات غير المؤكدة وسوق الائتمان المتشددة هذا العام، فقد انتظرت حتى اللحظة الأخيرة.

وبحسب برايس: “هذا هو ما دفع السوق – حالة تجديد المخزونات في وقت متأخر ـ المصانع ليس لديها خيار. إذا لم تنتج المزيد من الصلب لتلبية ما تبقى من الذروة الموسمية في الطلب، سيكون عليها إيقاف العمليات”. ومع بدء إنتاج الصلب في الانتعاش أخذت الشحنات من أستراليا، أكبر مصدر للحديد الخام في العالم، تتأرجح.

ووفقا لجولدمان ساكس، كان هناك انخفاض كبير في الصادرات الأسترالية في الأسبوع الثالث من نيسان (أبريل)، تبعه أسبوعان من الكميات المخيبة للآمال. وأظهرت بيانات التجارة من الصين، أكبر مشتر للحديد من أستراليا، أن الواردات انخفضت من 80 مليون طن في نيسان (أبريل) إلى أقل من 70 مليون طن بقليل في أيار (مايو).

وهذا اضطر مصانع الصلب إلى الاستفادة من المخزونات المحلية. وانخفضت مخزونات الحديد الخام في موانئ الصين لمدة تسعة أسابيع متتالية، من 98 مليون طن إلى 82 مليون طن، وذلك وفقا لبيانات تتابعها الشركة الاستشارية، ستيل هوم.

يقول جورجي سلافوف، من شركة الوساطة المالية للسلع، ماريكس سبيكترون: “ليس هناك الكثير من المنطق في حجز ملايين الدولارات في مخازن المصانع عندما يكون بإمكانك الشراء من الموانئ في الوقت المناسب”.

ويقول بعض المتداولين إن الانخفاض في المخزونات دفع كثيرا من صناديق التحوط الصينية إلى تغطية التعاملات على المكشوف من خلال مشتقات الحديد الخام. وفي حين أن مخزونات الموانئ تبقى أقل من 85 مليون طن، إلا أنهم يعتقدون أن الحديد الخام من المرجح أن يبقى مدعوما، على الرغم من أن الأسعار قد تراجعت ـ انخفضت 1.20 دولار لتصبح 60.90 دولار للطن يوم الأربعاء. وبالنسبة لشركات الإنتاج الكبرى، من فورتيسكيو إلى فالي في البرازيل، المشكلة هي أن الإمدادات من المرجح أن تزيد هذا العام مع وصول مصدرين جدد إلى السوق. ومن المحتمل أن تتداخل الزيادة في الإمدادات مع انخفاض في إنتاج الصلب قبل فصل الشتاء. ويقول برايس: “إنه اتجاه موسمي لا يمكن تجاهله”.

ومن المتوقع أن تجلب “ريو” و”بي إتش بي” مزيدا من الأطنان منخفضة التكاليف قبل نهاية العام. وفي الواقع، تشير أحدث بيانات الموانئ إلى أن “ريو” شحنت معدلا قياسيا الأسبوع الماضي، وذلك وفقا لمحللين من بنك ماكواري.

يقول جورج شيفيلي، وهو مدير محفظة في شركة إنفيستيك لإدارة الأصول: “إذا نظرت إلى التوازن بين العرض والطلب خلال معظم هذا العام، فهو ليس في حالة حطام وشظايا. لكنه سيبدأ يصبح سيئا في نهاية العام”.

وبحلول ذلك الوقت، قد يضطر فوريست وأنصاره إلى دخول جولة أخرى من المثول أمام وسائل الإعلام للفت الانتباه إلى محنة هذه الصناعة.