افادت مصادر لبنانية مقيمة في باريس صحيفة “السفير”، ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ الرئيس سعد الحريري أن موسكو هي التي منعت سقوط النظام السوري وليس طهران، وقال بوتين: “لم يكن الرئيس بشار الأسد صديقا لنا، بل هو أدار ظهره لنا عندما استلم السلطة وكان يراهن على انفتاحه على الغرب، وباشر بخطوات تطبيع سريعة، خصوصا مع الفرنسيين، ولكن مع اندلاع الأزمة في سوريا، تبين له أن لا أحد يمكن أن يحميه أفضل من روسيا”.
وتقول المصادر نفسها ان بوتين نصح السعوديين، عن طريق الحريري، أن يسحبوا من قاموسهم نظرية إسقاط الرئيس الأسد، وقال لهم انه كلما تم التشبث بهذا الشعار ستكون موسكو وطهران معنيتين بإبداء العكس!
وبدا واضحا من خلال مجريات زيارة الحريري الأخيرة أنه حاول تقديم توضيحات للروس حول أسباب عدم مضيه بخيار تسليح الجيش اللبناني عن طريق روسيا، في ضوء “الفيتو” الذي وضعه الأميركيون على أية محاولة لتنويع مصادر تسليح الجيش اللبناني عبر اللجوء الى أسلحة روسية، كما أبلغهم أنه لن يتراجع عن قرار امداد قوى الأمن الداخلي والأمن العام اللبناني بأسلحة روسية بقيمة 22 مليون دولار أميركي، معتبرا أن توقيع وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق صار نافذا في انتظار إيجاد آلية تضمن تحويل الأموال للجانب الروسي، بعد فشل محاولات سابقة بسبب العقوبات الدولية المصرفية المفروضة على روسيا.
يذكر أن وزارة الخارجية الاميركية أبلغت الكونغرس في التاسع من هذا الشهر موافقتها على تزويد لبنان بما طلبه من معدات واسلحة بقيمة ٤٦٢ مليون دولار من أصل هبة المليار دولار وتشمل اسلحة ومدفعية وذخائر وطائرات “سوبر توكانو”.
وكان لافتا للانتباه أن الأميركيين رفضوا أن تمر صفقتهم مع الجيش ضمن القنوات التقليدية التي اعتمدها الحريري في التعامل مع هبة المليار دولار، اذ تقضي قواعد برنامج صندوق “مبيعات الاسلحة الخارجي” الأميركي ان تقوم لجنة اميركية متخصصة تابعة للبنتاغون، بتحديد ماهية الشركات التي تتولى تزويد البلدان المنضوية في هذا البرنامج، وتنفيذ العقود معها، ومنها لبنان، سنويا، بعد الحصول على اللوائح المطلوبة، من دون تدخل الطرف المشتري، تأمينا للشفافية.
وكان الحريري قد اوحى للروس، حتى شباط الماضي، كما يقول مصدر معني، أن مبلغ ٢٧٠ مليون دولار سينفق على صفقة مع روسيا تشمل شراء مروحيات مقاتلة ومنظومة دفاع جوي و٢٥٠ صاروخ كورنيت و٤ منصات لإطلاقها و٦ راجمات صواريخ و٣٠ الف صاروخ يبلغ مداها ٤٠ كيلومترا، طلبها الجيش اللبناني.
كما أوقع الحريري نفسه في التباس مع الفرنسيين عندما أبعد ممثلوه في بيروت الشركات الفرنسية مثل “تاليس” و “ساجيم” و “المطبعة الوطنية” و “اوبرتور” عن مناقصتي الجواز “البيومتري” ونظام “ادفنس باسنجر انفورمايشن سيستم” لمراقبة دخول المسافرين عبر المراكز الحدودية البرية والجوية والبحرية، على قاعدة أن الفرنسيين أخذوا أكثر مما يستحقون من خلال حصولهم على هبة سعودية بقيمة ثلاثة مليارات دولار أميركي لمصلحة تسليح الجيش اللبناني.
وقد ثارت ثائرة الفرنسيين، وما تزال، خصوصا وأن المناقصة رست، في ضوء دفتر الشروط الذي وافقت عليه منظمة “الايكوا”، على شركة “جيمالتو” (75 % على أساس العرض التقني و25 % على أساس العرض المالي) وممثلتها اللبنانية شركة “انكريبت” المقربة من “تيار المستقبل” والتي فازت أيضا بنظام مراقبة الحدود.
وقالت مصادر رسمية لبنانية لـ “السفير” ان العرض الذي قدمته “جيمالتو” يشمل جوازات السفر العادية والخاصة وجوازات سفر اللاجئين الفلسطينيين، وقد أجرى الأمن العام اللبناني، أمس، أول تجربة تبين أنها ناجحة وستؤهل لبنان لأن يكون في مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال. كما أن السفارات والقنصليات اللبنانية في جميع أنحاء العالم ستكون موصولة بالنظام الجديد بحيث يمكن أخذ البصمة عبر جهاز خاص وترسل الطلبات عبر قرص مدمج في الحقيبة الديبلوماسية، ويتم الاستحصال على جواز السفر ضمن مهلة قصيرة في السفارات في الخارج.