علاء بشير
يعلّق الناس آمالاً كبيرة على وزارة الاقتصاد والتجارة، في ضبط إيقاع أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية خلال شهر رمضان، ولا سيما اللحوم والخضر، مع زيادة الطلب عليهما خلال هذا الشهر، ولا سيما أن الموائد الرمضانية لديها موازنة خاصة يلجأ اليها أصحاب الأسر. ورغم أنَّ عملية الأسعار لم تشهد صعوداً صارخاً، إلا أنّ الكثيرين يتوقعون ذلك بمجرد طلقة الإفطار الاولى.
في طرابلس، أرخت الاوضاع المعيشية الصعبة بثقلها على مجمل أحوال المدينة ولا سيما أسواقها التاريخية التي كان يفترض أن تشهد زحمة غير مسبوقة قبيل حلول شهر رمضان حيث يعمد أبناء المدينة الى التسوق وشراء مستلزمات الشهر الكريم. لكن الامر اقتصر على شراء الضروريات من السلع الغذائية قبيل حلول رمضان بما تيسر من امكانات في ظل حركة عادية. وهو ما يعبر عنه مصطفى العبدالله صاحب أحد المحال في سوق العطارين بقوله: «هناك حركة لا بأس بها في أسواق المدينة مع ارتفاع الاسعار بعض الشيء، ولكن هذه الحركة لا تعكس حقيقة البيع والشراء.. هناك عادة لدى سكان المدينة التجوال في الاسواق القديمة لما تتركه من تأثير خاص في حياتهم في هذا الشهر، وشراء حاجياتهم لان الاسعار في السوق تبقى أقل من تلك الموجودة في المحال والسوبرماركت، خصوصاً الخضار والفاكهة ومختلف أنواع الحلويات الشعبية التي تشتهر بها طرابلس«.
وتختصر ام عبدالرحمن المعاناة وهي تستعد لتحضير بسطتها لبيع العصائر الرمضانية في محلة باب الرمل بقولها: «ماشي الحال.. الاوضاع الاقتصادية صعبة جداً، والناس في المدينة معظمهم من الفقراء يعيشون كل يوم بيومه«.
ويشير وليد السيد، وهو صاحب محال لبيع الالبسة في سوق البازركان، الى غياب مظاهر الاحتفاء بالشهر الكريم وتحديداً الزينة في الاسواق التاريخية، وهذا «يعطي انطباعاً عن الاوضاع المقلقة التي وصلنا اليها، الاستعدادات محصورة فقط بموائد الافطار، ونأمل أن يحمل معه الخير وتتحسن الاوضاع في الايام العشرة الاخيرة من الشهر الكريم«. وأكد ان «أسواق المدينة لم يسجل فيها اي حركة اضافية كما كان يحصل في السنوات الماضية، وكما تختزن ذاكرتنا من أجواء عامرة واستعدادات لاستقبال الشهر الكريم«.
ويرد عامر صفصوف بحسرة وهو صاحب محل لبيع الخضار في محلة أبي سمراء على الأحوال المعيشية التي وصلنا اليها، بقوله: «أين كنا، واين صرنا، الاقبال على شراء الخضار لا يتوقف ولكن تشعر بمدى الضيق الذي تعاني منه الغالبية العظمى من الزبائن، واذا ما تحدثنا عن الزبائن من النازحين السوريين فان أوضاعهم وصلت الى مرحلة الاختناق وليس من يسأل؟ حركة البيع طبيعية جداً«.
ولا يختلف رأي تاجر الخضار عبد الخالق اليخني كثيراً عن الآخرين، بل بادر الى الحديث عن جمود كبير في الاوضاع، و«الحركة أقل من عادية وبتنا على باب شهر رمضان نكاد نلج فيه«.
ويعتبر أن الضائقة المعيشية والاقتصادية هي السبب الرئيسي في هذا الجمود، «فطرابلس في مثل هذه الايام كانت ترقص فرحاً وتتزيا، واليوم تعيش أجواء غير طبيعية تحمل في طياتها الكثير من الأوجاع والمآسي«.