IMLebanon

تبعات عدم السداد في 2001 ما زالت مستمرة في الارجنتين

ArgentineEconomy
يذكر خطر تخلف اليونان عن السداد بافلاس الارجنتين تحت ثقل ديونها في العام 2001 ما اغرق هذا البلد في ازمة اجتماعية اقتصادية وسياسية خطيرة لا تزال تبعاتها مستمرة حتى اليوم. فعندما اعلنت الارجنتين تخلفها عن تسديد مئة مليار دولار من الديون عشية عيد الميلاد في العام 2001، تحديدا في 23 كانون الاول/ديسمبر، كانت البلاد في حالة غليان. فبعد القمع الدامي للتظاهرات الشعبية هرب الرئيس فرنانندو دي لا روا (1999-2001) بمروحية من القصر الرئاسي الذي اقتحمه المتظاهرون.
وقبل بضعة اسابيع من ذلك وضعت قيود على السحوبات المصرفية ما سكب الزيت على النار، اذ ان تلك القيود اثرت خصوصا على الطبقة الوسطى التي تحركت في تظاهرات على وقع الطناجر. وكان معدل البطالة بلغ 20% ونسبة الفقر تجاوزت عتبة ال50%.وكان ثالث اقتصاد في اميركا اللاتينية يرزح تحت عبء دين ضخم خاصة اثناء دكتاتورية الجنرالات (1976-1983) لشراء العتاد العسكري وفي تسعينات القرن الماضي لتمويل عملية اعتماد الدولار كقيمة قياسية للبيزو، وهي آلية اعتمدت لوقف 40 سنة من التضخم.

وقبل اشهر من تخلف الارجنتين عن السداد ادركت الاسواق وعدد من المراقبين ان الارجنتين باتت على حافة الهاوية بسبب حالة “انكماش طويلة (3 سنوات) وعجز كبير في الميزانية، ومعادلة البيزو-الدولار وبرامج تصحيحات عبثية” كما عدد وزير الاقتصاد السابق (2002-2005) روبرتو لافاغنا.

وفي 2001 و2002 قبل التخلف عن السداد وبعده اغلقت شركات عديدة ابوابها وسجلت البطالة ارتفاعا كبيرا فيما اثر تدهور العملة كثيرا على القوة الشرائية لدى عامة الشعب. وبعد التخلف عن السداد اهتزت البلاد مع زعزعة الاستقرار السياسي، وفي غضون اسبوع توالى خمسة رؤساء الى القصر الرئاسي.ثم تمكن هذا البلد في اميركا الجنوبية من النهوض خصوصا بفضل زراعة حولت نحو التصدير ما سمح بتوفير عملات صعبة للبلاد. وفي اواخر 2002 توقفت دورة الانكماش واعادت شركات مغلقة منذ سنة او سنتين فتح ابوابها ما اعطى زخما للاقتصاد.

لكن على الارجنتين ان تستعيد النمو قبل التمكن من تسديد ديونها والانبعاث من رمادها كطائر الفنيق. واكد الخبير الاقتصادي لخطة “فينيكس” (طائر الفنيق) الدو فيرير “سنعمل بالوسائل المتوافرة” وهو يتطلع الى اسعار المواد الاولية الزراعية التي كان يتوقع ان ترتفع بشكل كبير.وفي 2003 انتخب الحاكم المغمور لمنطقة باتاغونيا نستور كيرشنر رئيسا فاعتمد موقفا جريئا امام الدائنين لتسوية مسألة الدين التي بقيت عالقة منذ نهاية 2001. وقال انذاك من على منصة الامم المتحدة “لم يتمكن احد على الاطلاق من ارغام ميت على دفع دين”.واتهم كيرشنر صندوق النقد الدولي بتسريع هلاك الارجنتين من خلال دعمه للسياسات الليبرالة التي انتهجها الرئيسان كارلوس منعم (1989-1999) ودو لاروا.

ومنذ الازمة سددت الارجنتين دينها مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وابرمت اتفاقا مع نادي باريس، واعادت هيكلة دينها مع 93% من دائنيها الخاصين.
لكن اصحاب 7% من الديون رفضوا اي اعادة هيكلة. وبينهم صناديق تحوط دانت الارجنتين امام القضاء الاميركي الذي اعتبر انها يجب ان تقبض 100% من سندات الخزينة، بينما وافق 93% من المستثمرين على تخفيف الدين لمساعدة الارجنتين على معاودة النهوض.وبحسب حكم محكمة في نيويورك باتت بوينس ايرس مدينة بنحو سبعة مليارات دولار لكنها رفضت تطبيقه.وخلافا للارجنتين فان اليونان في منأى عن الطعون من قبل صناديق التحوط، فبعد ادخال بنود الغالبية في عقود الدين منذ الارجنتين ترغم المستثمرين على القبول باعادة هيكلة توافق عليها غالبية الدائنين.

وباستثناء الاوروغواي المجاورة فان توقف الارجنتين عن الدفع لم يحدث ارتجاجات في المنطقة. وتبعت الازمة عشر سنوات من النمو بنسبة 8% كمعدل وسطي على ما لفت خوان بابلو رونديروس الخبير الاقتصادي في مكتب الاستشارات ابيسيب، في وقت سيكون لاي “تخلف يوناني عن السداد عواقب مؤلمة اكثر كما سيكون له وقع على منطقة اليورو والعملة الاوروبية”.