ينظر خبراء ومتابعون إلى القطاع السياحي في العالم العربي بكثير من التشاؤم، بعدما تعرض إلى الكثير من الهزات مع انتشار ما أصبح يعرف بـ «الربيع العربي،».
ويرى عدد من المراقبين بصيص أمل، مع الاتجاه إلى تعزيز الامن والاستقرار، في عدد من الدول مثل مصر، والتي من المؤمل أن تنعكس إيجابيا على السياحة، وعدد آخر من القطاعات الاقتصادية.
مصر
فمن مصر، تأثرت حركة السياحة سلبا بثورة كانون الثاني، نظرا إلى تخوّف العديد من السياح العرب والأجانب، في ظل حالة عدم الاستقرار التي شهدتها البلاد. واعتبر الخبراء ان «الانفلات الأمني الذي حدث في مصر في أعقاب الثورة، أثر بشكل كبير على حركة السياحة، وقد زار نحو عشرة ملايين سائح فقط مصر عام 2014، وهو انخفاض بأكثر من 30% مقارنة بعام 2010 (لكنه ارتفاع طفيف مقارنة بعام 2013)». ولفت الخبراء إلى أن «دعم رجال الأعمال للسياحة لم يتوقف قبل وبعد الثورة، حيث اتفق عدد منهم على إعادة استثمار أموالهم داخل القطاع لتنشيط السياحة، كما أن القطاع المصرفي أعلن دعمه للسياحة إذ يوجد اتفاق عام بأن السياحة تمرض لبعض الوقت ولا تموت مهما حصل من نكبات.»
تونس
أما في تونس، فقد انخفض عدد السياح بشكل كبير نتيجة الاضطرابات الأمنية والسياسية التي عاشتها البلاد بعد أن قُتل في شهر آذار 20 سائحا بأيدي الإرهابيين في متحف في العاصمة تونس، إضافة إلى الوضع السياسي المضطرب في ليبيا، مما لم يجذب تماما المزيد من السياح إلى الدولة الشمالي إفريقية، وقد هبطت إيرادات السياحة التونسية بنسبة 50 في المائة تقريبا.
ولم يسلم المغرب من انعكاسات الاضطرابات السياسية على أداء القطاع السياحي، وقد عاش حالة ركود حاد، ليس فقط بسبب الاضطرابات السياسية ببعض البلدان، بل أيضا كنتيجة لحدة الأزمة الاقتصادية العالمية.» ولاحظ المعنيون في المغرب نقصا ملحوظا في التدفقات الواردة من الأسواق التقليدية للسياحة المغربية، وخصوصا فرنسا، اسبانيا وايطاليا.
السياحة في لبنان
وتشير البيانات الأخيرة إلى نمو بنحو 30% في النشاط السياحي في لبنان في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2015.
ويستند الخبير الاقتصادي الدكتور كمال حمدان في تقديراته بعدم تحسّن العائدات السياحية في لبنان إلى إحصاءات المجلس العالمي للتجارة السياحية التي سجلت انخفاضا بلغ 13 في المئة.
أما رئيس تجمّع أصحاب الفنادق بيار أشقر فيوكد تراجع الحجوزات الفندقية في لبنان بنسبة 50 في المائة لعام 2014.
وربط حمدان تحسّن قطاع السياحة أو تراجعه بأمرين، أولهما الاستقرار السياسي في لبنان وأداء الحكومة ، والأمر الثاني «تطور الأحداث في سوريا.» ويشير حمدان إلى أنّ «الأحداث الأمنية قد أثرت سلبا ومن دون شك في عائدات قطاع السياحة في لبنان إلا أن توقعات التراجع كانت أيضا محسوبة.
سوريا
وفي سوريا، فإنّ «القطاع السياحي هو أحد القطاعات الاقتصادية الأساسية في البلاد التي تأثرت بشكل مباشر في الأحداث الأخيرة، باعتبار السياحة صناعة مرنة وقلقة تتأثر بشكل سريع ويمكن استردادها بشكل سريع أيضاً. ورأى بعض الخبراء أن «تأثير الأحداث كان واضحاً جداً، ونسبة الإشغال في الفنادق انخفضت بشكلٍ حاد، خاصة أنّ السائح يبحث عن مقصدٍ سياحي آمن»، ولا توجد أرقام محددة حالياً لحجم الخسائر. وقد ألغت شركات الطيران الرحلات الجوية إلى دمشق، ودُمّرت فنادق وسيستغرق الأمر سنوات حتى تتعافى البلاد من الحرب الأهلية وتنجح في جذب السياح مجدّدا إلى تلك المعالم التي دُمّرت.
ليبيا
أما في ليبيا فارتفع دخلها وبشكل مفاجئ، من السياحة عام 2014 (مقارنة بالعام السابق)، ولكن الحرب الأهلية الدائرة في البلاد منذ سقوط معمر القذافي أثرت بطبيعة الحال على هذه الصناعة.
الاردن
وفي الأردن، فإن «حالة من الشلل أصابت موسم السياحة في الأردن منذ بداية الثورات العربية في المنطقة». وسيُلغي الأردن في نهاية هذا العام رسوم الفيزا المطلوبة من أجل زيارتها، أملا بجذب سياح آخرين إلى معالمها المختلفة، ومن بينها المدينة النبطية البتراء، بقايا المدينة اليونانيّة – الرومانية جرش والمناظر الطبيعية الصحراوية الجميلة في وادي رم، أعلنت وزارة السياحة والآثار الأردنية عن أنّ عدد السياح الأجانب قد تراجع من 8.2 ملايين عام 2010 (قبل الربيع العربيّ) إلى 5.3 ملايين عام 2014. وتراجع عدد زوار البتراء إلى نحو النصف.
اليمن
وتعتبر اليمن، الدولة الأفقر في الشرق الأوسط، هي أيضا أحد كنوزه السياحية البارزة. فهي مليئة بالمعالم القديمة المحافظ عليها جيّدًا نسبيا، ولكن الحرب التي تدور روحاها في البلاد تمنع من وصول السياح.
الخليج العربي
وعلى الجانب الآخر، وفي دبي، أكثر مدن الخليج العربي جذبا للسياح، يرى المتابعون للواقع السياحي أن «هناك تحول نسبي واضح في النشاط السياحي في منطقة الشرق الأوسط هذا العام، نتيجة عدة أسباب، أهمها عدم الاستقرار السياسي والأمني.» وأن «هناك مشكلة تواجه السياح حالياً، وهي عدم استيعاب السوق السياحي لهذه المتغيرات، فشركات الطيران مثلا لم تغير من جداول رحلاتها، لتزيد من عدد رحلاتها إلى الوجهات التي تحول إليها السياح، ما يؤدي إلى صعوبة حصول المسافر على تذكرة طيران إلى هذه الوجهات، كذلك مشكلة التأشيرات.» وازدادت نسبة السياحة في منطقة الخليج ووصلت إشغالات وحجوزات الفنادق إلى اكثر من 70 في المائة ، بعد أن كانت تصل بالكاد إلى 50 في المائة، وهذه فرصة استفادت منها دول الخليج.» العراق تراجعت اعداد السياح ووصلت، على الأقل، إلى 900,000 في عام 2013، بحسب بيانات البنك الدولي. وتدهور الوضع أكثر عندما احتلّت داعش محافظة الموصل والأنبار.
تركيا
غير ان تركيا لا تزال تتمتّع بسياحة واسعة.فقد ارتفع عدد السياح من البحرين، على سبيل المثال، بنسبة 700%. وفقا لبيانات حديثة، تقع تركيا في المركز الثالث عالميا على قائمة الدول الأكثر جذبا للسياح (زارها 38 مليون سائح عام 2013).
البحرين
أما في البحرين، التي شهدت احتجاجات واضطرابات واسعة، فإن « زوار وسياح البحرين من الدول القريبة مثل السعودية والكويت استقرت عند حدود معينة خصوصا أن «البحرين ليس فيها مقومات السياحة العالية أو غير العائلية وإن قد حافظت على الزوار المسافرين اليها من الدول المجاورة للدخول إلى السينما أو المطاعم.»
ايران
تبذل إيران الآن جهودا لجعل مجال السياحة مصدر دخلها الثاني، بعد النفط. تمتلئ إيران بالمعالم التاريخية (الرقم 17 في قائمة اليونسكو) القادرة على جذب رقم محتمل من 20 مليون سائح في العام (أرباح بنحو 30 مليار دولار). ووفقًا للبيانات الرسمية، فقد نمت السياحة في إيران بنسبة 35% حتى نهاية شهر آذار 2014، وقد حقّقت أرباحا بقيمة 3 مليارات دولار منذ عام 2013.
السعودية
ولا تزال المملكة السعودية بحاجة إلى تنمية كبيرة في مجال السياحة، على الرغم من ارتفاع عدد السياح بنحو 30% من بقية دول الخليج في الأشهر الخمس الأولى من عام 2015. ووصلت إلى المركز 19 من حيث عدد الزوار في العالم، ولكن يأتي جميع الزوار تقريبا إلى مكة أو لأهداف تجارية.