شهدت السنوات العشر الماضية زيادة مضاعفة في حجم استهلاك دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من منتجات الألبان، عززها ارتفاع أسعار النفط والنمو المضطرد في عدد السكان.
وجاء في تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز أن صادرات كبرى الشركات المنتجة تضاعفت ثلاث مرات خلال العقد الماضي ما عوض تراجع الطلب الصيني على منتجاتها الذي تسبب في زيادة المخزون في مستودعاتها وتراجع الأسعار إلى أدنى مستوى لها منذ العام 2009.
وفي الوقت الذي تضاعف استهلاك العالم من مشتقات الحليب والألبان خلال العقد الماضي ارتفعت نسب استهلاك دول الشرق الأوسط وشمال إفريفيا ثلاث مرات فيما سجلت دول المغرب العربي زيادة بلغت ثلاث أضغاف ونصف. ورغم أن الزيادة في استهلاك دول المنطقة لم ترتق إلى ما شهدته نسب الاستهلاك في الصين التي ارتفعت بنسبة 14% في نفس الفترة إلا أنها تحولت إلى سوق مهمة جداً للمصدرين وعلى رأسهم نيوزيلاندا ودول أوروبا والأرجنتين.
وتختلف دول المنطقة عن غيرها من الدول المستوردة لمشتقات الألبان في اعتماد وجباتها بشكل رئيسي على تلك المشتقات خاصة الجبن. وسعى العديد من دول المنطقة خاصة دول الخليج لإنشاء صناعات خاصة بها ربطتها عبر سلاسل التوريد مع مزارع محلية. وقد أنتجت شركة المراعي السعودية مثلاً العام الماضي 1.1 مليار لتر من الحليب أو ما يعادل خمس ما أنتجته إيرلندا.
إلا أن ارتفاع الطلب والقيود المفروضة على سقف الإنتاج في بعض الدول أجج الطلب على الاستيراد. وشكل ارتفاع معدلات الدخل في الدول المصدرة للنفط دافعاً قوياً للاستهلاك وبالتالي الطلب على الألبان ومشتقاتها حسب تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
وتعتبر بلدان مثل الجزائر وفنزويلا من أكبر مستوردي بودرة الحليب التي تشتريها الحكومات عبر مناقصات، ما يرفع الطلب عليها عالمياً. كما أن تطور وسائل المواصلات عالمياً وسلاسل التوريد وضع الأسعار في مقدمة العقبات التي تعترض سبيل تسويق مشتقات الألبان التي تزداد المنافسة على تسويقها بين كبريات الشركات.
وقد عززت الزيادة في استهلاك دول المنطقة من الألبان من وتيرة استثمار الشركات العالمية فيها بعد أن تسببت المنافسة في تراجع سعر طن بودرة الحليب إلى 2287 دولاراً هبوطاً من 4800 دولار عام 2008 . فقد أعلنت شركة «آرلا» التي تتخذ من دبي مركزاً لها وتنشط في المنطقة منذ أربعة عقود، عن ائتلاف مع شركة جهينة المصرية لمنتجات الألبان يهدف إلى تمكينها من دخول السوق المصرية.
ومن أبرز محفزات العمل في أسواق المنطقة الطلب الاستثنائي على بعض المنتجات خاصة الأجبان. ورغم أن آسيا كانت تاريخياً مصدر الألبان الرئيسي لعقود إلا أن المخاوف من الأمراض الناتجة عن زيادة اللاكتوز عند البالغين، وضعف الطلب على الأجبان ذات النكهات المتعددة دفعت الأسواق للتركيز على بودرة الحليب.
وعن العلاقة بين أسعار النفط واستهلاك الألبان في منطقة الشرق الأوسط لا يرى المحللون ما يدعو للقلق في تراجع أسعار النفط، وتأثيرها على وتيرة استهلاك الألبان التي باتت جزءاً رئيسياً من برامج التغذية اليومية. كما أن برامج الإنفاق الحكومي في مختلف المجالات لم تتأثر حتى الآن بتراجع أسعار النفط.