أليكس باركر وهنري فوي وجورج باركر
لم يكن قد انتهى من إلقاء خطابه عندما بدأ الزامور. صافرات إنذار مُتقلبة في مصنع جيه سي بي قاطعت ديفيد كاميرون في منتصف خطابه، حين شن هجوما خاصا “معد سلفا” على اثنين من العفاريت التي تُلاحق حزب المُحافظين في المملكة المتحدة: أوروبا والهجرة.
كان هذا واحداً من أصعب الخطابات في فترة ولايته رئيسا للوزراء، فهو أفضل تسديدة أخيرة موجهة إلى المُناهضين للاتحاد الأوروبي المتزايدين في الوطن، وفي الوقت نفسه التمهيد لمكان جديد لبريطانيا في الاتحاد الأوروبي. بعد أن حاول عبثاً أن يتجاهل الضجيج الصاخب، قال كاميرون ساخراً إنه “دق ناقوس الخطر بوضوح في المفوضية الأوروبية”. عندها ضحك الجمهور.
منذ ذلك الحين، فاز كاميرون بالانتخابات. الاستفتاء البريطاني على عضوية الاتحاد الأوروبي ليس بعيدا، ربما يتم في وقت قريب هو العام المُقبل. ومع ذلك، يبدو أن تلك الصافرات تدق بأعلى صوت، ليس فقط في بروكسل لكن في كافة أنحاء القارة، من برلين إلى بوخارست إلى أروقة الحكومة البريطانية.
لأنه في ذلك الخطاب كان هناك ما يخشاه المسؤولون، وهو عامل فاصل مُحتمل في صفقة “التسوية الجديدة” الخاصة بكاميرون مع أوروبا. تقوم فكرته على ما يلي: إيقاف هجرة مواطني الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا من خلال إيقاف، لمدة أربعة أعوام، لحقوق المهاجرين الجُدد في المنافع والإعفاءات الضريبية، حتى عندما تكون لديهم وظيفة. ومن بين جميع طلبات كاميرون المتوقّعة – من الضمانات للبلدان الموجودة خارج الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز دور البرلمانات الوطنية – كان هذا هو الطلب الأكثر إثارة للقلق من الناحية القانونية، وإثارة للجدل سياسياً، وغير المُختبر، والانفعالي، وبالنسبة لاستفتاء بريطانيا للبقاء في الاتحاد الأوروبي، ربما الأكثر محورية.
بيان انتخابات حزب المحافظين وصف مثل هذه الإصلاحات بأنها “شرط مُطلق” لا يمكن التنازل عنه. وكاميرون يُشير إلى أن هذا هو حدّه الفاصل الذي لا يمكن تجاوزه. المتسابقون من أجل الحلول محله يذهبون أبعد من ذلك. بدون تغيير معاهدة الاتحاد الأوروبي لتأمين حظر لمدة أربعة أعوام، بوريس جونسون، عُمدة لندن الذي يأمل أن يكون زعيم حزب المحافظين في المستقبل، قال: “من الواضح أنه لن يكون هناك أي بديل” سوى التوصية بخروج بريطانيا.
لكن في رحلته التي استمرت شهرا للعواصم الأوروبية، ورؤية مجموعة من كبار السياسيين في القارة، قوبل كاميرون بمجموعة من الشكوك حول إصلاحاته المُقترحة بشأن الرعاية الاجتماعية، وسط مخاوف بأنها يمكن أن تنتهك مبدأ تأسيس الاتحاد الأوروبي المُتعلق بحرية التنقل وربما تتطلب تغيير المعاهدة.
التوقيت كان صعباً: كثير من القادة إما مشغولون باليونان أو أزمة المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط، وليس خروج بريطانيا. لكن معظمهم أوضحوا وجهة نظرهم بدون مواربة إلى كاميرون. يقول مكتب إيفا كوباز، رئيسة الوزراء البولندية، إنها قالت لكاميرون إنها ستتصدى لأي اقتراح “يمكن أن يؤدي إلى تمييز البولنديين أو غيرهم من مواطني الاتحاد الأوروبي الذين يعملون بشكل قانوني في بريطانيا العُظمى”.
المفارقة هي أن إيقاف المنافع لمدة أربعة أعوام كان حلاً وسطاً، يختلف تماما عن الخيارات الأكثر تطرفاً – كوابح الطوارئ وحصص الهجرة – التي أطلقها كاميرون قبل بضعة أيام فقط من خطابه في تشرين الثاني (نوفمبر). حتى خطة كاميرون البديلة أثارت القلق في شرق أوروبا. باعتبارها أكثر من مجرد مسألة سياسة أو قانون، بالنسبة للبلدان الشيوعية السابقة هذا الآن يتعلق بمسألة الهوية الوطنية.
يقول توماس بروزا، وزير الشؤون الأوروبية التشيكي: “على مدى 40 عاماً تم تخفيضنا إلى المرتبة الثانية. لم نكُن حتى أوروبيين. أحد الشعارات الرئيسية لثورة عام 1989 كان (العودة إلى أوروبا). ولهذا السبب عملنا بسرعة لاستعادة هذه المكانة، للمساواة في أوروبا، وهذا ما يبدو أن كاميرون يحاول إزالته”.
نقطة جذب المهاجرين
في مصنع جيه سي بي، كان كاميرون يتصارع مع مخلفات سياسية مُخيفة. على مدى العقد الماضي، حصلت بريطانيا على واحدة من أكبر عمليات الهجرة في وقت السلم في جميع أنحاء أوروبا منذ أن فتحت ألمانيا حدودها أمام العمالة الوافدة (العمال الضيوف) في الستينيات. القلق بشأن الهجرة يقوم بتحويل ليس فقط السياسة المحلية، لكن أيضاً انخراط بريطانيا مع العالم.
مخاوف الهجرة كانت عاملاً حاسماً في قرار إجراء استفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي، وهي مقامرة سياسية تُثير قلق واشنطن والشركات الكبرى بشأن الاضطرابات التي تُهدد القارة.
الجُزر البريطانية لم تكُن دائماً نقطة جذب للمهاجرين. على مدى عقد قبل وبعد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في عام 1973، كانت المملكة المتحدة تُصدّر الأشخاص. لكن هذا تغيّر بشكل عجيب في عام 2004، مع انضمام ثماني دول شيوعية سابقة إلى الاتحاد. وفي حين إن ألمانيا فرضت ضوابط “انتقالية” على الحدود، إلا أن المملكة المتحدة تجاهلت هذا الخيار وفتحت أبوابها. بعد أعوام، عبر جاك سترو، وزير الخارجية السابق، عن أسفه بشأن هذا “الخطأ المُذهل”.
ارتفع عدد مواطني الاتحاد الأوروبي المُقيمين في بريطانيا من نحو 1.1 مليون في عام 2004 إلى نحو 2.6 مليون اليوم، وهو ارتفاع كبير شكّله إلى حد بعيد المواطنون البولنديون. ويغلب على المهاجرين الجُدد أن يكونوا أصغر سناً وأفضل تعليماً من العاملين البريطانيين، وأقل اعتماداً على منافع البطالة ومن الأرجح أن يتّخذوا أعمالاً لا تتطلب مهارات عالية. كما يقوم المهاجرون بتعزيز الاقتصاد وخزائن وزارة المالية من خلال الضرائب. لكن بالنسبة للسياسيين، ما يهُم هو التأثير الحارق الذي تفرضه الهجرة في الرأي العام.
السياسة المُناهضة للهجرة اتخذت أشكالا عديدة على مدى نصف القرن الماضي. بعد عام 2004، كان هذا بشكل حاسم مرتبطاً بحق حرية التنقل داخل الاتحاد الأوروبي، حجر الزاوية للمشروع منذ تاسيسه قبل 60 عاماً. ومعظم الناخبين في القارة يعتبرون حرية التنقل أعظم إنجاز للاتحاد الأوروبي، بحسب استطلاعات برنامج يوروباروميتر ـ في المملكة المتحدة، ثُلثا الناخبين تقريباً يريدون تخفيضها.
وُضِعت استجابة السياسة من جانب كاميرون في وقت شهد أقصى درجات الضغط السياسي؛ أقل من عام قبل توقعات بأن الانتخابات العامة ستكون بنتائج متقاربة. حزب الاستقلال البريطاني برئاسة نايجل فراج كان يتقدّم: انتصروا في الانتخابات الأوروبية عام 2014، وفازوا بأول مقاعدهم البرلمانية في تشرين الأول (أكتوبر). وكانت حملات الحزب قد لعبت بشكل كبير على مخاوف الناخبين بشأن الهجرة.
حاول كاميرون تهدئة ذُعر أعضاء حزب المحافظين المتصاعد من خلال طرح فكرة آلية “كوابح الطوارئ”، وذلك لإيقاف قواعد حرية التنقل في الاتحاد الأوروبي بشكل مؤقت خلال فترة تدفق العاملين. وبحلول تشرين الأول (أكتوبر) تم إحباط ذلك من قِبل المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي أوضحت لكاميرون أنها تفضّل رؤية بريطانيا تغادر الاتحاد الأوروبي على تغيير مبدأ حرية التنقل. احتاج الأمر إلى مزيد من التحذيرات من ميركل – التي جددت دعوتها إلى المملكة المتحدة للبقاء في الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي – وهي تحذيرات خطيرة بحيث دفعت بكاميرون إلى التخلي عن الفكرة. بدلاً من هذه الفكرة كانت هناك محاولة تدريجية أكثر للتضييق على المنافع. وحث مستشارو كاميرون الأوروبيون، بمن فيهم السير إيفان روجرز، الممثل الدائم لبريطانيا في بروكسل، رئيس الوزراء على عدم التعهد بأي شيء لا يستطيع تحقيقه: لا يزال الحكم معلقا حول ما إذا كان كاميرون قد اتخذ القرار الصحيح.
التمييز بين العمال
تشخيص كاميرون هو أن الحكومة تفتقر إلى السيطرة، وأن “الأشخاص يريدون السيطرة”. فيما يتعلق بمسألة معالجة الانتهاكات والحد من المنافع للمهاجرين العاطلين عن العمل، لديه بعض الدعم. لكنه يقف وحده في المطالبة بفرض القيود على حقوق العاملين. يعتقد قادة الاتحاد الأوروبي الآخرون أن هذا يقلب ركيزة المشروع الأوروبي: معاملة العاملين بالتساوي في أسواق العمل الوطنية. بموجب السياسة البريطانية، الأسرة العاملة ذات الأجر المُنخفض من المحتمل أن تدفع قيمة الضريبة نفسها، لكن صافي الدخل بعد اقتطاع الضريبة يصل إلى أقل مما تحصل عليه أسرة بريطانية تؤدي العمل نفسه بمقدار الثُلث. يقول أحد المسؤولين المُشاركين في مفاوضات السياسة “بإمكاننا معالجة الأمر بكافة أنواع الوسائل لكن في النهاية هذا يُعتبر تمييزا”.
هناك تعقيدات إضافية هي الفلسفة التي تسترشد بها دولة الرفاهية في بريطانيا. على عكس “أنموذج بيسمارك” السائد في القارة، حيث يحصل العاملون على التأمين الاجتماعي من خلال المساهمات، النظام البريطاني ينطبق على المقيمين الذين يكسبون الحقوق في نظام يتم تمويله من خلال الضرائب. يُمكن المبالغة في الاختلافات، لكن نظام المملكة المتحدة هو أكثر انفتاحاً على المهاجرين. يقول توني ويلسون، من مركز الإدماج الاقتصادي والاجتماعي “من حيث البنية، نظام بريطانيا هو شبكة الأمان للمساعدة الاجتماعية الخاضعة للاختبار الأكثر شمولية التي شهدتها أوروبا على الإطلاق”. ويُجادل بأن محاولة كاميرون للحد من الزيادات الحكومية والمهاجرين ذوي الأجور المنخفضة هي “وسيط لنظام قائم على التأمين”. كاميرون يتقبل المشورة القانونية في أن فرض القيود على المنافع أثناء العمل يتطلب تغيير المعاهدة. إنها عملية شاقة محفوفة بالمخاطر تريد معظم البلدان تجنّبها. وباستثناء حدوث كارثة سياسية بسبب اليونان، يعتقد المسؤولون في الاتحاد الأوروبي أن إصلاح المنافع التجميلية هو كل ما سيكون ممكناً – “أي شيء يأتي على ذكر الأعوام الأربعة السحرية”. السياسيون الآخرون الذين التقوا كاميرون يعتقدون أنه يعرف “أنه يحتاج إلى التراجع” والمخاطرة برد فعل عنيف محليا.
ويعترف مسؤولون بريطانيون بأسى بأنه في حين إن مطالب كاميرون التفاوضية تُعتبر غامضة في بعض النواحي، إلا أن مقترحاته بشأن إصلاح الرعاية الاجتماعية مُحددة جداً، ما يجعل من الصعب إخفاء فشل تنفيذها. ومن السهل بالنسبة للمناهضين للاتحاد الأوروبي أن يغتنموا فرصة هزيمة كاميرون فيما يتعلق بهذه المسألة الأكثر رمزية لدى الناس.
تُجادل مؤسسة أوبن يوروب، المؤسسة الاستشارية والمروّجة لفكرة إيقاف الفوائد لمدة أربعة أعوام، أنه يمكن تحقيقها ضمن المعاهدات. لكن حتى لو كان ذلك مُمكناً، فذلك مسار مُتعرّج يتطلب مراجعة مجموعة كبيرة من اللوائح قائمة منذ 50 عاماً. ويقوم المسؤولون البريطانيون القلقون ببعض “التفكير الإبداعي”.
لكن كل خطة هرب سياسية تملك جانبا سلبيا. الانتقال إلى نظام أكثر مُساهمة سيكون أمراً مُرهقاً. لماذا نقوم بإعادة تنظيم 90 مليار جنيه من المستحقات لصد الباب في وجه مطالبات المهاجرين الجُدد التي تبلغ بضع مئات من الملايين؟ بدلاً من ذلك، تطبيق إيقاف الفوائد لمدة أربعة أعوام على كافة سكان المملكة المتحدة الذين ينضمون إلى القوة العاملة، بغض النظر عن جواز السفر، من شأنه أن يُحقق هدف وزارة المالية البالغ 11 مليار جنيه وفورات من الرعاية الاجتماعية، لكن مقابل ثمن سياسي.
اختبار الإقامة يمكن أن يجعل المواطنين البريطانيين العائدين ينتظرون الحصول على المنافع أيضاً، لكن محامي الحكومة البريطانية يُحذّرون من أن الأمر لا يزال بمثابة تمييز غير مباشر.
أخيراً، إذا فشل كل شيء آخر، فبإمكان بريطانيا تشريع ذلك وليكن ما يكون. إدخال “الائتمان العالمي” – مظلة منافع جديدة – يوفّر عذرا. في نهاية المطاف، ستقوم المحكمة بإبطال الحظر لمدة أربعة أعوام، لكن السياسة ستكون في المكان المناسب من أجل الاستفتاء.
عندما يتعلق الأمر بعدم الامتثال لقواعد الرعاية الاجتماعية، بريطانيا في وضع جيد. بولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا تثور غضباً بشأن رفض لندن تسديد استحقاقات البطالة التي تم دفعها للعاملين الذين كانوا يُقيمون في المملكة المتحدة في السابق والذين عادوا إلى أوروبا الشرقية. يقول فلاديمير سبيدلا، رئيس الوزراء التشيكي السابق ومفوّض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاجتماعية “كنت أعتقد أن البريطانيين كانوا يدعمون القواعد – لكن هنا خرقوها تماماً”.
وجهة نظر من الشرق
الخلاف لا ينسجم مع حماس كاميرون بعد الانتخابات بالنسبة لسفر سكان أوروبا الشرقية. فقد قام أخيرا بزيارته الرسمية الأولى إلى وارسو، وشق طريقه بقوة لحضور مؤتمر “جلوبسيك اليوم” في براتيسلافا بدون دعوة رسمية.
كاميرون يعمل ضد واحدة من أكبر التحوّلات في الولاء الدبلوماسي داخل أوروبا منذ الحرب الباردة. دافعت بريطانيا عن عضويتها في الاتحاد الأوروبي، لكن الحلفاء الذين كانوا صامدين فيما مضى في أوروبا الشرقية أصبحوا غير مبالين بشكل ملحوظ فيما يتعلق بلندن. الخطاب المناهض للمهاجرين، إلى جانب التوتر بشأن ميزانية الاتحاد الأوروبي، وتَّرا العلاقات بدرجة كبيرة للغاية.
جميع بلدان الاتحاد الأوروبي الشرقية تريد أن تبقى بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، خاصة بسبب نفوذها فيما يتعلق بالدفاع والسياسة الخارجية. حتى إن هناك تعاطفا بشأن الهجرة: قال أحد الوزراء السابقين “إنه ستكون هناك ثورة في بولندا لو أنها استقبلت عددا من المهاجرين بقدر المملكة المتحدة”. لكن هذا هو الاستثناء. فهناك وحدة مُذهلة في معارضة مطالب كاميرون الأكثر طموحاً؛ يبدو أنه يقوم بسرعة بحرق رأس المال السياسي في المنطقة.
يقول أحد المسؤولين في سلوفاكيا، الذي امتنع عن ذكر اسمه “إنه ليس الرجل الألمع من حيث الحصول على ما يُريد. فالنهج الذي يتّبعه يجعله خارج الموضوع (…) إنها مشكلة محلية الصُنع ينبغي له حلّها محلياً. هذه ليست مشكلتنا”.
ويعتقد مسؤولون في وزارة الخارجية البريطانية أنه يمكن تأمين صفقة منافع، على الرغم من أنهم يُكافحون من أجل شرح كيف سيتم ذلك بالضبط. إذا كان الأمر يتطلب تغيير المعاهدة – أو حتى إعلانا سياسيا واسع النطاق من الاتحاد الأوروبي – فإن كل دولة شرقية عضو في الاتحاد تحتفظ بحق الفيتو. يقول سبيدلا “إن حرية التنقل وعدم التمييز مبدآن أساسيان. إذا خرقت هذا، فإنك تحطم أوروبا”.
الرعاية الاجتماعية
هناك مجال واحد تحظى فيه بريطانيا بحلفاء مهمين، هو المطالبة بحملة على انتهاك نظام المنافع، فضلاً عن القيود على حقوق الرعاية الاجتماعية للمهاجرين العاطلين عن العمل.
ألمانيا والنمسا وهولندا والدنمارك كانت تضغط من أجل تشديد القيود على الوصول إلى المنافع الاجتماعية وحرية التنقل، بحجة أن النظام القائم يدعو إلى الانتهاك من خلال أشياء مثل الزواج الصوري والسياحة. أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، قالت “تجب معالجة الانتهاكات حتى يُصبح بإمكان حرية التنقل أن تسود”. هذه المخاوف تعكس واحدة من شكاوى بريطانيا الكبيرة: الزحف في إطار حرية التنقل، الذي امتد على مدى نصف عقد بشكل ثابت من العاملين إلى العاطين عن العمل وغير الفعّالين اقتصادياً وعائلاتهم الممتدة.
هذا اتجاه يبدو أنه يتحوّل. ففي العام الماضي أدخلت ألمانيا تدابير أكثر صرامة، منها حظر إعادة الدخول لأولئك الذين ينتهكون نظام المنافع واختبارات أكثر صرامة لتصفية المطالبات الوهمية. كما أوضح قراران من قرارات المحكمة الأوروبية أيضاً التناقضات في فروع مختلفة من قانون الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يمنح الدول الأعضاء مساحة أكبر للمناورة من أجل الحد من استحقاقات الرعاية الاجتماعية للمهاجرين الذين بلا عمل، أو غير فعّالين أو مُتقاعدين.
وتدرس المفوضية الأوروبية خيارا لفهرسة دفعات منافع الأطفال التي من شأنها أن تعالج جزئياً غضب ديفيد كاميرون بشأن الدفعات البريطانية التي تذهب إلى الأطفال المُقيمين في الخارج. وهذا قد يعني أن البلدان يمكن أن تحدد المنافع وفقاً لمكان إقامة الطفل – وهو نهج مُثير للجدل تم اعتماده بالفعل في الدنمارك. وفي العام الماضي تم منح المدفوعات البريطانية لنحو 34 ألف طفل يعيشون في الخارج، بشكل رئيسي في بولندا.
وهناك قيود على المدى الذي سيذهب إليه الآخرون في دعم رئيس الوزراء البريطاني. كثير من المخاوف الألمانية عولجت من قبل من خلال الأحكام القضائية، في حين إن الاهتمام الهولندي تحوّل من انتهاك المنافع إلى أصحاب العمل الذين يستغلون المهاجرين. والبرلمان الأوروبي سيكون له حق الفيتو على أي تشريع.
قال أحد المسؤولين في الاتحاد الأوروبي “المشكلة هي أن هذه البلدان ستحل جميع مشكلاتها حتى قبل أن تبدأ المفاوضات البريطانية”.