Site icon IMLebanon

شركات الإنشاءات الأجنبية تواجه تحديات في قطر برغم طفرة التشييد

Qatar-Realestate
ماثيو سميث
كان من المقرر أن يبدأ هذا العام تنفيذ مشروع معبر الشرق القطري الذي يتكلف 12 مليار دولار ويتكون من جسر ونفق مائي عبر خليج الدوحة كي يكون جاهزا لكأس العالم لكرة القدم عام 2022 لكن ذلك الموعد مر بالفعل دون أخذ خطوة عملية في ظل تغير أولويات الحكومة.

واستقطبت خطط الحكومة لإنفاق 200 مليار دولار على البنية التحتية في إطار خطة رؤية قطر الوطنية 2030 شركات الإنشاءات الأجنبية التي داعبتها الآمال بتحقيق أرباح كبيرة لكن تأخر المشاريع ومشاكل العقود والإجراءات عرض الكثير منها لصعوبات وأضفى ضبابية على العوائد.

بل إن الحكومة نفسها تعيد النظر على ما يبدو في خططها وإن كان المسؤولون يتحدثون عن توقف مؤقت لكنه إلى أجل غير مسمى وليس عن إلغاء للمشاريع.

ومن بين المشاريع الأخرى التي تقرر تعليقها مصنع كيماويات بمليارات الدولارات شمالي العاصمة الدوحة ومشروع متنزه الدوحة جراند بارك الذي كان سيحاكي حديقة سنترال بارك في نيويورك.

وقال مصدر بشركة إنشاءات تعمل في قطر لكنه اشترط عدم نشر اسمه “جمدت قطر الكثير من مشاريع التباهي .. إنه مؤشر على الطريقة التي تقلصت بها بعض الشيء التطلعات الكبرى للدولة.”

وجددت مزاعم الفساد التي هزت الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) التركيز الإعلامي على قطر وعلى استضافتها لكأس العالم 2022 لكن المسؤولين القطريين يعبرون عن ثقتهم في أن المناسبة ستمضي قدما كما هو مخطط له.

ولا يزيد الإسهام المباشر لمشاريع كأس العالم على حوالي عشرة مليارات دولار من القيمة الإجمالية لبرنامج التنمية البالغ 200 مليار دولار لكن عدم التيقن بشأن البطولة يزيد من أجواء الضبابية بالنسبة للمقاولين الأجانب في البلد الخليجي.

وفي حين تسمح ثروة قطر الهائلة من إنتاج الغاز الطبيعي بالإنفاق بسخاء على البنية التحتية الجديدة فإن ذلك يحدث وفقا لشروط صارمة.

وقال المصدر “قطر… تخشى أن تتلاعب بها شركات الاستشارات الأجنبية – يخشون أن يكون الأمر كحمى الذهب أو طفرة استثنائية وأن الشركات ستسلبهم المال قدر المستطاع.”

وبعض بنود العقود تجعل الشركات الاستشارية مسؤولة مسؤولية مالية لعدة سنوات بعد تسليم المشاريع.

وقال المصدر “شركات الإنشاءات والمستشارون يمولون المشاريع لصالح عملائهم.”

وقد يستغرق استرداد تلك الأموال وقتا طويلا.

وقال المصدر “قيمة الانكشاف على المشاريع تبلغ عشرات الملايين من الدولارات وهو ما لا يمكن تبريره – يربطوننا بإجراءات الحصول على الموافقات إلى ما لا نهاية .. تتدفق الأموال في نهاية المطاف لكنك تريد أجرك قبل أن يجف عرقك. إنهم (قطر) يحاولون جز المستحقات على مراحل شتى.”

ويبدو أن شركات الشرق الأوسط والمشاريع المشتركة المحلية تبلي بلاء حسنا في قطر لأنه ينظر إليهم كمستثمرين للأجل الطويل في البلاد.

وقال جلال الصالحي مدير شؤون البنية التحتية في هيئة الأشغال العامة القطرية المسؤولة عن مشروع معبر الشرق ومشاريع أخرى “نفضل من يأتي للعمل معنا لا من يأتي لتنفيذ مهمة واحدة ثم المغادرة.”

وأوضح الصالحي أنه لا يحق لشركات الإنشاءات أو الاستشارات الأجنبية المنافسة على المشاريع ما لم تكن قيمتها تتجاوز نحو 200 مليون ريال (54.93 مليون دولار).

ويلجأ كثيرون إلى المشاريع المشتركة للتخفيف من قيود التدفقات النقدية فالشريك المحلي يوظف نحو 90 بالمئة من العاملين ويحصل على حوالي 60 بالمئة من الأموال بينما توفر الشركة الأجنبية الموظفين الأعلى تكلفة.

وقال نيك سميث من شركة الاستشارات الهندسية أركاديس في قطر “العقود في الشرق الأوسط تصب في مصلحة العميل بوجه عام بدرجة أكبر منها في الغرب على سبيل المثال. هناك العديد من البنود التي تضع المسؤولية على عاتق المقاول.”

وقال مصدر ثان بقطاع الإنشاءات اشترط عدم نشر اسمه إن من بين العقبات عدم رغبة العملاء في الدفع مقابل إجراء تعديلات على التصميم.

وقال “معظم المقاولين يعانون من نقص حاد في التدفقات النقدية لأسباب منها عدم قبول العملاء دفع مبالغ إضافية مقابل تعديلات ضرورية نتيجة لتأخر خطط التصميم الأصلية أو عدم ملاءمتها أو عدم قابليتها للتنفيذ بدون تعديلات.”

مشاكل الإقامة

بالنسبة لكأس العالم عينت قطر مديري مشاريع لبناء خمسة ملاعب لاستضافة المباريات لكن يجب عليها استخدام ما بين ثمانية ملاعب و12 ملعبا وفقا لشروط الاستضافة.

وقال داريل برجسن المدير العام لمكتب قطر لشركة المقاولات الإماراتية الجابر ال.إي.جي.تي للهندسة والمقاولات “إعداد الخطط التنفيذية لكأس العالم 2022 استغرق وقتا أطول مما توقعه أي شخص.

“لكنه مشروع ضخم والأول من نوعه في الشرق الأوسط لذا ينبغي عدم الاستهانة بالحجم وربما ينبغي ألا نندهش إلى هذا الحد بسبب الوقت الذي يستغرقه الأمر.”

وسلطت كأس العالم الضوء على أوضاع العمال في قطر. وتقول جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان واتحادات عمالية إن عمال بناء لقوا حتفهم بسبب الأوضاع السيئة في مواقع العمل. وتنفي قطر تلك المزاعم.

وتعهدت الدوحة بإصلاحات واسعة النطاق لسوق العمل لكنها لم تحدد جدولا زمنيا. وتشكو الشركات الأجنبية من أن وزارة العمل تحدد لكل مشروع عددا من تصاريح الإقامة للعمال الأجانب من كل بلد على حدة ويحدث ذلك غالبا بصرف النظر عن ما إذا كان هناك أشخاص من ذلك البلد يرغبون في الوظيفة.

وقال برجسن “نظام الحصص شديد الصعوبة ويؤثر في قدرتنا على الإنجاز والتسليم.”

وطرحت هيئة الأشغال العامة – بحسب موقعها على الانترنت – أربع مناقصات لاستشارات المشاريع هذا العام مقارنة مع 25 بين منتصف فبراير شباط ونهاية ديسمبر كانون الأول من العام الماضي.

وقال الصالحي إن بعض الشركات الأجنبية تنسحب بعد إدراكها حجم المنافسة التي تواجهها.

وقال “بعض المقاولين جاءوا ووافقنا عليهم لكنهم لم ينافسوا في المناقصات.

“يقولون إن سبب ذلك هو المنافسة الشديدة بالسوق لأن لدينا مقاولين من آسيا وتركيا وما إلى ذلك لكننا في سوق عالمية: لا نستطيع أن نقول سنفتح المناقصة للشركات الأوروبية فحسب.”

وتقول قطر إن التأخيرات قصيرة المدى لن تخرج برنامجها للبنية التحتية عن مساره وهو البرنامج الذي سيدعم التنمية الاقتصادية للدولة.

وقالت حكومة قطر في بيان إلى رويترز إن هناك خطة واضحة فيما يتعلق بتنفيذ مشاريع البنية التحتية الرئيسية مضيفة أنها حريصة على تفادي أي اختناقات قد تظهر وفي نفس الوقت مواصلة التنسيق الوثيق على صعيد السياسات المالية والنقدية لتحقيق ذلك الهدف.

أسواق قليلة يمكنها أن تضاهي وتيرة الاقتصاد القطري الذي ينمو أكثر من ستة بالمئة سنويا لكن خيبة الأمل من أن النمو السريع لا يترجم إلى أرباح سريعة تدفع بعض الشركات الأجنبية إلى التوجه لأماكن أخرى.

وقال المصدر الثاني بقطاع الإنشاءات “تدفق المقاولون على قطر لأن الفرصة أعمتهم وهناك الكثيرون ممن يطاردون الإيرادات حتى إذا لم تؤدي إلى أرباح.

“قطر بيئة بالغة الصعوبة للمقاولين – معظمهم يعود بخفي حنين لذا فما مبرر البقاء في سوق إذا كان الجميع يخسر المال فيها؟”

(الدولار = 3.6408 ريال قطري)