ابراهيم عواضة
لانتخابات مجلس ادارة جمعية مصارف لبنان خصوصيتها التي تكاد ان تصل الى حد الفرادة. انتخابات الجمعية تختلف في ترتيباتها، وصولاً الى انجازها عن انتخابات نظيراتها من الهيئات والجمعيات الاقتصادية الاخرى، حيث ان انتخابات الاخيرة كثيراً، او غالباً ما تحصل وتنجز نتيجة قرار سياسي، اي وفق صيغة ترضي الاطراف السياسية النافذة. اما انتخابات المصارف فهي لا تحصل هكذا.
منذ قيام جمعية مصارف لبنان في العام 1959 لم يعرف مجلس ادارة الجمعية عملية انتخابية تنافسية بامتياز الا في مرات معدودات لا يتجاوز عددها عدد اصابع اليد الواحدة.
وخلال السنوات العشرين الماضية، وبعد ان نجحت المصارف في تعزيز بنيانها وتثبيت اوضاعها وتحوّل القطاع المصرفي الى قطاع مالي مؤثر في مجمل الحياة اللبنانية خرج من «رحم» الجمعية ما يعرف «بحكماء المصارف»، او من يسمون انفسهم «بحماة» القطاع المصرفي، وهؤلاء من مؤسسي القطاع، ومن اصحاب المصارف الاقوى، اي من المصارف التي تسيطر على 80 في المئة من السوق المصرفي.
«حكماء المصارف» اخذوا على عاتقهم حماية القطاع من الهزات والعواصف التي يمكن ان يتعرض اليها، وتعهدوا فيما بينهم على تأمين الاستقرار المصرفي اولاً من باب ارساء نظام خاص يهدف الى تأمين مسار مستدام على مستوى جسم جمعية مصارف لبنان اي على مستوى الادارة التي يناط بها مسؤولية تحديد استراتيجية عمل المصارف، وهذا الهدف يتمثل في تأمين مجلس ادارة متجانس موحد وموضع اجماع، وبعيداً عن السياسة والتسييس.
نجح «حكماء» الجمعية طيلة السنوات العشرين السابقة في تجنيب جمعية المصارف اي معارك انتخابية «غير محببة» فكانت انتخابات مجلس الادارة، وتحديداً رئيس مجلس الادارة تتم بالتوافق، وكان اسم الرئىس يخرج بقرار حاسم ووحيد من قبل «الحكماء» الذين لا يتجاوز عددهم عدد اصابع اليد الواحدة. وبمعنى اكثر وضوحاً، فان انتخابات مجلس ادارة جمعية مصارف لبنان تشبه الى حد ما انتخابات بعض الهيئات الروحية التي يجتمع «كبارها وعقالها» فيقررون ويحسمون الامور.
في السنوات القليلة الماضية خرج من «رحم» القطاع المصرفي اللبناني من يعترض على آلية انتخابات مجلس ادارة جمعية المصارف، معتبراً أن الانتخابات التي تحصل هي اشبه الى التعيين، في حين ان المطلوب تأمين عنصر المنافسة في الانتخابات للوصول الى افضل صيغة لتركيبة مجالس ادارة الجمعية.
الصوت الذي خرج للمطالبة بانتخابات حقيقية والذي مثله رئىس بنك بيروت سليم صفير قوبل بانزعاج من قبل «حكماء الجمعية» الذين استشعروا ببوادر انقلاب يستهدف اساس النظام الذي حمى برأيهم الجمعية طوال العشرين سنة الماضية من الانقسامات ومن المداخلات السياسية التي تحصل في انتخابات الهيئات الاقتصادية.
الخطر الذي تحسس مضاعفاته «حكماء جمعية مصارف لبنان» زاد من تعاضدهم، لا سيما وان صفير نجح او كاد ان ينجح في اختراق هذا التكتل المصرفي النافذ، فتم سريعاً احتواء تحرك رئىس بنك بيروت في الانتخابات الاخيرة، والانتخابات التي سبقتها من خلال منحه تطمينات بأن وصوله الى رئاسة جمعية مصارف لبنان لا بدّ ان يحصل في القريب العاجل.
ومع الاستحقاق الجديد لانتخابات المصارف في 29 حزيران الحالي ظهر صفير مجدداً في مواجهة «الحكماء»، الذين حسموا الامر قبل اوانه بالاعلان عن اسم رئىس الجمعية المقبل واسماء اعضاء مجلس الادارة.
مصادر مصرفية متابعة لملف انتخابات مجلس ادارة جمعية مصارف لبنان ترى ان «سلطة الحكماء» لا زالت قائمة ومؤثرة، وان شهدت هذه السلطة تصدعاً في الايام الاخيرة الماضية نتيجة ما قررته بخصوص انتخابات 29 حزيران، الا انه وبحسب المصادر المعنية، فان هذه السلطة قادرة على اعادة انتاج نفسها مجدداً لحماية النظام الذي وضعته على غرار ما حصل في مرات سابقة.
وتقول المصادر عينها: «ان سياسة حكماء المصارف» التي حمت القطاع من تدخلات السياسيين تصرّ على ان قيادة الجمعية هي مسؤولية من ساهم في تأسيس بنيان القطاع المصرفي، وهو نهج ثابت لا يتغير، ولا مجال للمساومة بشأنه.
وتضيف المصادر بالقول: هذا لا يعني ان على رئيس بنك بيروت سليم صفير، او غيره من المصرفيين الناجحين الذين يطمحون الى التغيير في آليات عمل جمعية مصارف لبنان بهدف تأمين ضخ دم جديد في شرايين القطاع المصرفي ان يرضخوا للامر الواقع، وان يتراجعوا عن محاولاتهم، لا سيما وان هدف هؤلاء، كما هدف «الحكماء» هو واحد، المحافظة على استقرار القطاع المصرفي وتوفير كل الدعم المطلوب لهذا القطاع، وان اختلفت الرؤيا والآليات فيما بين كل فريق.
اشارة اخيرة ومهمة وفيها ان جميع الذين تعاقبوا على رئاسة جمعية مصارف لبنان منذ العام 1959 ولتاريخه كم من اكفاء القيادات المصرفية الوطنية، وان بعضهم وفي مقدمهم رئيس الجمعية السابق – العائد في29 حزيران الجاري، رئيس «مجموعة بنك الاعتماد اللبناني» جوزف طربيه الذي كانت له انجازات كبرى خلال الفترات التي تولى فيها مسؤولية قيادة جمعية المصارف، وتاليا ان عودته الى الجمعية في ظلّ الاوضاع الاستثنائية الراهنة في البلاد هو امر ايجابي وضروري.
جدير ذكره انه في غضون السنوات الخمسين المنصرمة انتخبت جمعية مصارف لبنان 16مجلس ادارة تعاقبت على رئاستها 12 شخصية مصرفية هي التالية:
بيار اده، جوزف جعجع، اسعد صوايا، انطوان شادر، عادل القصار (بالوكالة)، عبدالله الزاخم، جورج عشي، ريمون عوده، فرانسوا باسيل، فريد روفايل، وجوزف طربيه.
دعوة الجمعية العمومية
تعقد جمعية مصارف لبنان جمعية عمومية سنوية نهار الاثنين الواقع فيه 29 حزيران 2015 في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرا، في مقر الجمعية في الصيفي، وذلك للتداول في جدول الاعمال الاتي:
1- الاطلاع على تقرير المجلس السنوي للعام 2014، والموافقة عليه.
2- الاطلاع على تقرير مفوضي المراقبة السادة ديلويت اند توش حول حسابات الجمعية لسنة 2014 والموافقة عليه.
3- مناقشة واقرار الموازنة التقديرية لسنة 2016. والموافقة على سلّم الاشتراكات للسنة المذكورة.
4- ابراء ذمة مجلس الادارة
5- انتخاب مجلس ادارة جديد للجمعية.
6- مواضيع مختلفة.