يلخص اتهام وزير العدل أشرف ريفي لـ”حزب الله”، بتسريب فيديو التعذيب في سجن رومية، المشهد الحالي في لبنان، بين حرب مستعرة على الحدود، وتعطيل شامل للمؤسسات الدستورية، وأخيراً محاولة إشعال فتنة مذهبية في الداخل.
وبرأي مصدر سياسي متابع، أنه بغض النظر عن صحة اتهام ريفي لـ”حزب الله”، فإن الوقائع تؤكد أن ثمة مأزقاً كبيراً للحزب ومن خلفه محور طهران-دمشق، يحاول الخلاص منه بنقله وتحويله إلى أزمة وطنية شاملة. وما يجري حالياً خطير جداً، لأنه ينذر بعواقب وخيمة، ليس على الاستقرار الهش القائم، بل على البنية اللبنانية ككل.
وتوقف المصدر عند إشارتين سياسيتين مهمتين: الأولى دعوة العماد ميشال عون إلى الفيدرالية، والثانية، ترويج الإعلام الموالي لـ”حزب الله” إلى تقسيم لبنان، إذا قسمت سورية. فعون لم يرم كلمته جزافاً، ولم تكن مجرد رد على عدم تعيين صهره قائداً للجيش، وإنما جاءت دعوته صريحة إلى التقسيم المقنع حتى يحظى المسيحيون بالحكم الذاتي لأنفسهم. وهذا ليس مجرد تهديد لفظي عابر. أما إعلام “حزب الله” فتنبأ بأن تفتيت سورية إلى دويلات، يعني حكماً تهجير المسيحيين السوريين إلى لبنان، لينضموا إلى الدويلة المسيحية المقبلة.
واعتبر المصدر لصحيفة “السياسة” الكويتية أن التلويح بالتقسيم ليس مجرد تخيل لكنه أيضاً ليس حقيقة سياسية يمكن الاعتداد بها. والحقيقة أن لدى قيادة “حزب الله” تصوراً ستراتيجياً للمرحلة المقبلة، يقوم على صمود النظام السوري وانتصاره على شعبه، ما يعني تعزيز نفوذ حلفائه في لبنان. وإذا تعذر ذلك، فإن الخيار الثاني هو عدم انتصار الثورة السورية وبقاء النظام على دويلة الساحل وجوارها، وهي متصلة بلبنان عبر وادي العاصي في الهرمل. وهذا يعني التأسيس لتقسيم مستقبلي في لبنان. وإذا لم يتم ذلك، فإن رهان “حزب الله” الأخير هو على النفوذ الإيراني وعلى قدرة طهران، إذا أنجز الاتفاق النووي النهائي، وانتقل البحث إلى ملفات المنطقة، على حفظ موطئ قدم لها، بمباركة أميركية، في كل من لبنان ودويلة الأسد. وفي هذه الحالة لا بد من تغيير النظام السياسي عبر مؤتمر تأسيسي، يلغي اتفاق الطائف، ويضع أسساً جديدة للحكم في لبنان. وفي هذا الإطار فإن مشروع “المثالثة” (بين السنة والشيعة والمسيحيين) بدلاً من المناصفة (بين المسلمين والمسيحيين) جاهز، ولا تزال تحتفظ به حتى يحين أوانه.
وختم المصدر “إن ما يجري في المحيط الإقليمي المتفجر يغري كثيرين، من القوى والشخصيات السياسية، على التفكير بمغامرات مفصلة على قياساتهم. ولكن الحلم شيء والواقع شيء آخر، إلا إذا أراد المغامرون حرق كل شيء في سبيل مشاريعهم الانتحارية”.