Site icon IMLebanon

قيود حكومية تعرقل صناعة الأدوية وسياحة الاستشفاء في المغرب

MOROCCO-TOURISM-HEALTH-SOCIETY-TRIBES
اتهمت دراسة ميدانية أعدتها لجنة برلمانية مغربية، وزارة الصحة والحكومة المغربية وشركات الأدوية، بالتسبب في ارتفاع أسعار الأدوية بشكل لا ينسجم مع هدف الحكومة المعلن، منذ توليها الحكم.

صعوبات السياحة العلاجية

وقالت إن الحكومة لم تحقق أهدافها التي أكدت أنها ستسعى بأن تكون الصحة للجميع والدواء للجميع وسياحة استشفائية زهيدة الثمن، حيث بقيت تلك الأهداف حبرا على ورق طوال السنوات الماضية.

وتعد السياحة العلاجية من أحد الروافد الاقتصادية المهمة في السياحة المغربية، بحسب مشروع وضع قبل شهور قليلة أطلق عليه “رؤية 2020 للسياحة ” من قبل لجنة اقتصادية في البرلمان المغربي.

ويأمل المغرب بأن تساهم في مزيد من الانتعاش في القطاع السياحي، الذي بلغت إيراداته من العملات الصعبة في العام الماضي نحو 6 مليار دولار.

وأصبحت قضية ارتفاع أسعار الدواء، تشغل الرأي العام المغربي، وهي تتزامن مع ظاهرة عالمية تشهدها الكثير من بلدان العالم الثالث، وتؤدي إلى حرمان الملايين من الدواء ووفاة مئات الآلاف من الناس في أنحاء العالم.

ويطالب المواطنون الحكومة بإيجاد حلول، وتمكين المرضى من الحصول على الدواء الذي يشخصه الأطباء، وقالوا إن معظم مبررات ارتفاع أسعار الدولاء تبدو مفتعلة.

أسعار غير مبررة

وكانت لجنة برلمانية مغربية قد كشفت في عام 2009 عن وجود تقصير في توفير الدواء، بعد أن أكدت بالوثائق أن الدواء في المغرب يباع بأسعار أعلى مما يباع في بلدان أوروبية مثل فرنسا وأيرلندا وكذلك في بعض بلدان شمال أفريقيا مثل تونس.

وأشارت إلى أن الأسعار تزيد أحيانا بنسب وصلت إلى 189 ضعفا، وخصوصا الأدوية الخاصة بأمراض السرطان والكبد، وأنواع من المضادات الحيوية.

وطالبت بوضع ضوابط قانونية على سوق الدواء منذ ذلك الوقت وحتى وقتنا الحاضر، لكنها تلك الدعوات لم تأت بالنتائج المرجوة، ولا يزال الدواء غاليا والسياحة العلاجية تعاني من تقلص، حسب آخر البيانات التي وثقتها لجنة استقصائية مغربية حول السياحة في المغرب.

الأدوية الأصلية والمرخصة

ولاحظت اللجنة البرلمانية أن المغاربة يستهلكون بشكل غير مبرر الأدوية الأصلية مرتفعة الثمن بنسبة 80 بالمئة في حين أن الأدوية المطابقة في المواصفات والتي يسمح بإنتاجها في المغرب بعد فقدان الشركات المنتجة لها حقوق الملكية الفكرية بعد سنوات محددة.

وقالت إن استهلاك تلك الأدوية المقلدة وفق قوانين عالمية، والتي لا يقل مفعولها عن الأدوية الأصلية يبلغ نحو 20 بالمئة، رغم أن واقع الطبقات الفقيرة يفترض أن يؤدي إلى ارتفاع استهلاكها.

ويرى محللون أن هذا الاختيار المكلف يحدث في العادة بسبب تخوف الأطباء المغاربة من وصف الأدوية المقلدة، لاعتقادهم بأنها لا تعطي التأثير العلاجي الجيد ذاته للأدوية الأصلية، رغم معرفة جميع المهتمين بأسواق الدواء في العالم أن المواطنين الأميركيين يستهلكون الأدوية المقلدة بنسبة 65 بالمئة.
وينطبق الأمر على معظم بلدان الاتحاد الأوروبي، الذين يصل استهلاكهم للأدوية المقلدة وفق تراخيس عالمية، إلى نحو 52 بالمئة من مجموع استهلاكهم للأدوية، رغم ارتفاع مستوى الدخل لديهم مقارنة بالمواطن المغربي.

وجاءت توصيات اللجنة البرلمانية المغربية للحكومة المغربية بضرورة تطبيق المعايير الجديدة لتحديد أسعار الدواء في المغرب، على نطاق واسع والاهتمام بمعرفة النتائج الاقتصادية على وضع غالبية المواطنين المغاربة، الذين يعانون من ضعف القدرة الشرائية.

وأكدت ضرورة عدم اعتماد ثمن الدواء في البلد الأصلي، وألا تكون كلفة التصنيع والاستيراد التي يتحجج بها المصنعون هي المعيار في تحديد السعر.

ولا تقتصر الأزمة على أسعار الدواء في المغرب، بل تمتد إلى ارتفاع أسعار الخدمات الصحية المقدمة للمرضى في المشافي الخاصة، والتي قالت اللجنة البرلمانية إنها تمثل مشكلة حقيقية لغالبية الشعب المغربي والجاليات العربية التي تعيش في البلاد.

وقالت إنها تؤثر سلبا على سوق السياحة المغربية، الذي يمثل رافدا مهما للاقتصاد المغربي، حيث يأمل المغرب في استقبال أكثر من 2.5 مليون سائح عربي في العام المقبل.

ويرى مراقبون أن غلاء أسعار الدواء والخدمات الصحية، يعرقل تحقيق ذلك الهدف ويمكن أن يؤدي إلى تراجع أعداد السياح، الذين قد يتجه بعضهم إلى بلدان منافسة في السياحة العلاجية مثل هنغاريا ورومانيا واليونان والبرتغال وأسبانيا، للاستفادة من ينابيع المياه المعدنية والمشافي الرخيصة في تلك الدول.

وتعد السياحة العلاجية عامل جذب كبير للسياح الوافدين إلى المغرب، وقضاء فترات طويلة في ربوعه، ويقول المراقبون إن تشجيع الأطباء لاستخدام الأدوية المنتجة محليا يمكن أن يساهم في تنمية سوق السياحة العلاجية في المغرب.