تسبب الصراع السوري بأكبر زيادة في أعداد اللاجئين حول العالم باعتباره “أسوأ أزمة إنسانية شهدها العالم” بحسب مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إذ بلغت أعداد اللاجئين السوريين 3.9 مليون شخص، في حين بلغت أعداد النازحين داخل البلاد حوالي 7.6 مليون شخص العام الماضي، أي ما مجموعه 11.5 مليون سوري.
وأكد المفوض الأممي أنطونيو غوتيريس أن أزمة اللاجئين السوريين تجاوزت كل القدرات، حيث شكلت أعداد السوريين ثلث ما يقارب 220 ألف لاجئ وصلوا إلى أوروبا عن طريق البحر، مشيراً إلى أن الإحصاءات منذ بداية العام تشير إلى غرق شخص من بين كل عشرين لاجئ.
إلى ذلك، لفت مندوب تركيا لدى الأمم المتحدة أن بلاده أنفقت ما يقدر بـ 6 مليارات دولار على اللاجئين السوريين الذين يصل عددهم إلى 1.6 مليون سوري.
وتسببت الصراعات وعدم الاستقرار السياسي في دول عدة خلال الفترة الماضية في رفع عدد النازحين قسراً ليسجل أعلى مستوى على الإطلاق بلغ 59.5 مليون نهاية العام 2014، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ما يعني أن شخصا من كل 122 في العالم اليوم هو نازح أو باحث عن لجوء.
وقد ارتفعت أعداد من أجبروا على النزوح من منازلهم ارتفعت بحوالي 8.3 مليون شخص عن العام الماضي، أوضح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في رسالة بمناسبة اليوم العالمي للاجئين أن معدل الهجرة والنزوح في العالم عام 2014 بلغ 42.5 ألف شخص يومياً، لافتاً إلى أن “هذا المؤشر ارتفع أربع مرات في السنوات الاربع الأخيرة”.
ولعلّ أبرز مؤشرات تفاقم الأزمة هو عدم “الوعي” لضخامة المشكلة وخطورتها، إضافة إلى رمي ثقلها بأكملة على المنظمات الإنسانية، وهو ما كان قد أكده المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس في وقت سابق بتصريحه: “للذين يعتقدون بأن الأمر ليس مهماً لأن المنظمات الإنسانية ستكون جاهزة وقادرة على معالجة الوضع، أعتقد أنه من المهم أن نقول إننا لم نعد قادرين على معالجة الوضع”، وأضاف: “وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والصليب الأحمر – نحن لم نعد نملك القدرة والموارد للاستجابة لهذا الارتفاع الكبير في الاحتياجات الإنسانية.”
فمع كل التعاطف الذي تبديه الجهات والدول المختلفة للاجئين، تبقى التحركات الفعلية ضئيلة أمام الدور الكبير الذي تستطيع الحكومات تأديته بالاعتماد على حجم قدرتها وشرعيتها الممتدة على نطاق واسع.
من جانبها، وصفت مبعوثة الأمم المتحدة للاجئين أنجلينا جولي أزمة اللاجئين العالمية المتصاعدة بأنها “انفجار لمعاناة انسانية” يرفض المجتمع الدولي مواجهة أسبابها، محذرة من أن السوريين والعراقيين باتوا يفقدون الملاذات الآمنة بعد أن وصلت الدول المجاورة إلى الحد الاقصى من قدرة استيعابها للاجئين.
وقالت “من الصعب الاشارة إلى نموذج واحد يظهر أننا -كمجتمع دولي- نتصدى بحزم للأسباب الأساسية لمشكلة تدفق اللاجئين”.
إذاً، وأمام هذه المعطيات، لا بد من وجود حاجة ملحة تدعو إلى التفكير بشكل منطقي وبعيد عن النمطية، لاسيما مع ما ترتب على الأساليب التقليدية من فشل في حل هذه الأزمة.
وفي هذا السياق لفتت لورنا سوليس عضو في منظمة Blue Rose Compass إلى “بوادر” تحسن الوضع أو إلى احتمالية تحسنه في وقت قريب، حيث التقت خلال الشهر الماضي مايو أيار مجموعة من اللاجئين السوريين الحاصلين على درجة عالية ومرموقة من التعليم في إحدى المخيمات المتواجدة في الأردن، وأكدت أن عائقين اثنين يحولان دون تحقيقهم لما يرنون له.
أولهما يتمثل بعدم امتلاكهم أوراقاً ثبوتية، إذ أن سرعة اتخاذهم لقرار اللجوء منعهم من إحضار الوثائق التي تشير إلى تحصيلهم العلمي أو تثبت شغلهم لوظائف معينة، والعائق الثاني -بحسب سوليس- فإنهم وإن استطاعوا إبراز مهاراتهم ومؤهلاتهم فإن معظم الدول لا تسمح لهم بالعمل.
وهنا تفرض البطالة “القسرية” هيمنتها على ملايين اللاجئين في المخيمات حول العالم، بينهم ممرضين ومعلمين ومهندسين حُرموا من حق العمل في الأردن من حقهم في السفر للعمل في أي دولة أخرى، لتهدر بذلك كل مهاراتهم لمدة قد تصل إلى عدة سنوات مقبلة.
وفي ذلك تقول سوليس: “مع ما يقدمه التاريخ من أدلة على حجم الأضرار الجسيمة التي يخلفها عزل فئة من الناس ومنعهم من حقهم في العمل المأجور، ينبغي بطريقة أو بأخرى التنبه لذلك من خلال إيجاد الوسائل المناسبة لدمج اللاجئين في النشاط الاقتصادي، ليقع على عاتق الحكومات بسلطتها الكبيرة مسؤولية الاكتراث لهذه الأزمة وخلق سبل وقوانين من شأنها إحداث تغيير على مجرى الأمور”.
يذكر أن منظمة Blue Rose Compass هي مؤسسة غير ربحية تركز على تنمية قدرات الشبان الموهوبين من اللاجئين لتنمية مواهبهم وتطوير قدراتهم.