Site icon IMLebanon

تقرير «جمعية المصارف» حول تمويل الاقتصاد : الودائع وصلت الى 147.6 مليار دولار

ابراهيم عواضة
تلتئم الجمعية العمومية للمصارف في 29 حزيران الحالي للاطلاع على التقرير السنوي (2014) المقدم من قبل مجلس ادارة جمعية مصارف لبنان الحالي، ومن ثم الاطلاع على الحسابات المالية وتقارير مفوضي المراقبة انتهاء بانتخاب مجلس ادارة جديد للجمعية.
وبالعودة الى التقرير السنوي الذي سيعرض على الجمعية العمومية فهو يتضمن الاقسام الرئيسية الآتية:
ـ القسم الاول يعرض للتطورات الاقتصادية العامة الدولية والمحلية وللمالية العامة والمديونية وللسياسات والتطورات النقدية، المدفوعات الخارجية والمصارف وتمويل الاقتصاد.
ـ القسم الثاني يتناول نشاط جمعية مصارف لبنان في العام 2014.
ـ القسم الثالث الموارد البشرية في المصارف اللبنانية.
ـ القسم الرابع القطاع المصرفي اللبناني في العام 2014.
وتنشر «الديار» في ما يلي ما ورد في القسم الاول من التقرير بموضوع «المصارف وتمويل الاقتصاد» وجاء فيه:
في ظل مناخ عمل غير مؤات، حدّ من تراجع التدفقات المالية من الخارج وضعف الحركة الاقتصادية (وبالتالي ضعف الحاجات التمويلية) ومن توسّع اجمالي موجودات المصارف التجارية العاملة في لبنان في العام 2014. فالتوسّع المشار اليه يعتمد بشكل كبير على نمو الودائع للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم، والذي يغذيه تدفق الأموال من الخارج وحركة التسليف للاقتصاد بقطاعيه العام والخاص. من هنا، فإن مساهمة العامل الخارجي، اي التدفقات المالية، كانت ضعيفة بحكم استمرار الأزمة السورية ومضاعفاتها السلبية الداخلية، من سياسية وامنية، وبحكم حالة عدم الاستقرار في المنطقة ككل، كما سبق وذكرنا. كما كانت ايضاً مساهمة العامل الداخلي، وبالاخص القطاع العام، ضعيفة بحكم السياسة المالية التقييدية وغياب الموازنة العامة والانفاق بحدّه الأدنى، لا سيما الاستثماري، وعدم الاعتماد في تمويل حاجات القطاع العام على التسليف المصرفي خارج اطار تجديد الاستحقاقات لاسباب عدة تم ذكرها سابقاً، وقيام مصرف لبنان بالتعويض من خلال رفد القطاع العام بحوالى 58% من حجم العجز العام، واستعمال الدولة ودائعها لتغطية ما تبقى، اي 42% من العجز. في حين كانت مساهمة القطاع الخاص افضل حالاً، ولو انها بقيت ادنى مما كان ممكناً تحقيقه في ظروف طبيعية. وقد فرض العاملان الداخلي والخارجي المشار اليهما اعلاه والحركة الاقتصادية الداخلية الضعيفة تدعيم الايداعات والسيولة لدى المصرف المركزي وبالتالي حماية الاستقرار النقدي.
ـ الميزانية المجمعة ـ
استناداً الى هذه الوقائع والتطورات، قاربت الميزانية المجمّعة للمصارف التجارية العاملة في لبنان 175.7 مليار دولار اميركي في نهاية العام 2014، اي بزيادة في الموارد /الاستعمالات قدرها 10.9 مليارات دولار اميركي ونسبتها 6.6% مقارنة مع نهاية العام الذي سبق (8.5% نمو اجمالي الموجودات في العام 2013). وشكلت الزيادة في قاعدة الودائع بحوالى 8.5 مليارات دولار وبنسبة 6.1% (مقابل زيادة اعلى بلغت نسبتها 9% في العام 2013) وحدها 78% من الزيادة في الموارد، لتليها الزيادة في اجمالي الرساميل بحوالى 1.5 مليار دولار (14% من الموارد الاضافية) وودائع القطاع المالي غير المقيم بمقدار 0.8 مليار دولار.
وتجدر الاشارة الى انه في نهاية العام 2014، وصلت قاعدة الودائع لدى المصارف التجارية العاملة في لبنان وحدها، وضمن الميزانية، الى حوالى 147.6 مليار دولار (20.5% منها من ودائع غير المقيمين) من دون احتساب ودائع المصارف المتخصصة والودائع الائتمانية خارج الميزانية، والتي بلغت 2.2 مليار دولار و2 مليار دولار في نهاية العام المذكور على التوالي. وكان نمو الودائع كافياً لتمويل احتياجات الاقتصاد والالتزام بالمعايير الاحترازية وتدعيم احتياطيات مصرف لبنان بالعملات الاجنبية. كما نشير الى ان الاموال الخاصة المصارف التجارية في لبنان بلغت 15.7 مليار دولار في نهاية العام 2014، ما يشكل حوالى 9% من اجمالي الموجودات وما يقارب 14% كمعدل ملاءة دولية محتسبا على طريقة بازل. ويعتبرمستوى الرسملة هذا جيدا بالمقاييس العالمية. بيد ان تصاعد مخاطر البلد يستدعي دوما زيادة حجم الرساميل، ولو على حساب توزيع الارباح.
ـ اقراض القطاع الخاص ـ
واستعملت المصارف الزيادة في مواردها هذه الاقراض القطاع الخاص (+3.9 مليارات دولار)، اي ما يعادل 36% من الاستعمالات، وشكلت التسليفات للقطاع الخاص المقيم، والبالغة 45.4 مليار دولار مع نهاية العام 2014، حوالى 91.5% من الناتج المحلي الاجمالي مقابل حوالى 88% في نهاية العام 2013. كما استخدمت المصارف جزءا من النمو في مواردها للالتزام بالاحتياطي الالزامي والودائع والسيولة الالزامية (+2 مليار دولار اميركي)، في المقابل، لم ترتفع التسليفات المصرفية للقطاع العام – بل على العكس تراجعت بمقدار بسيط – في ظل عدم اصدار الدولة سندات يوروبندز لعدم وجود اجازة بالاستدانة، وعدم اهتمام المصارف بسندات الخزينة بالليرة ما دون السبع سنوات نظرا لمستويات الفائدة القائمة، فاكتفت بتجديد الاستحقاقات، وقد اودعت المصارف ما تبقى من مواردها لدى المصرف المركزي على شكل شهادات ايداع بالعملة الوطنية والعملات الاجنبية وودائع حرة. واعادت المصارف توظيف موارد بحدود 2.7 مليار دولار لدى مصرف لبنان، ونتجت هذه المبالغ عن انخفاض التسليفات للقطاع العام، وبذلك، يكون كامل قيمة الزيادة في الموفورات والموجودات لدى المصرف المركزي 9.1 مليارات دولار في العام 2014، ونذكر اخيرا ان الموجودات الثابتة وغير المصنفة زادت بحوالى 0.6 مليار دولار.
وقد بلغت التسليفات للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم، صافية من الديون المشكوك بتحصيلها 50.9 مليار دولار في نهاية العام 2014 (10.9% منها للقطاع الخاص غير المقيم)، مسجّلة زيادة نسبتها 7.4%، وهي أدنى من نسبة الزيادة المحقّقة في العام 2013 (9%). ونتجت هذه الزيادة الى حدّ كبير من برامج الإقراض الخاصة التي يقدّمها مصرف لبنان منذ أعوام، ولا سيما مؤخرا من خلال الرزمة التحفيزية بمبلغ 1.4 مليار دولار التي أطلقها في العام 2013 بكلفة رخيصة للمصارف لاعادة اقراضها ايضا بكلفة رخيصة للقطاع الخاص. ثم أتبعها بمبلغ 800 مليون دولار في العام 2014 ومليار دولار في العام 2015. استفاد من هذه التسليفات بنوع خاص قطاعا السكن والتكنولوجيا. كما أن دعم مصرف لبنان لاقتصاد المعرفة، استناداً الى التعميم رقم 331 بدأ يعطي النتائج المرجوة من حيث توظيف الأموال من قبل المصارف في هذا القطاع، مع طاقة تمويلية بحدود 400 مليون دولار أميركي يمكن للمصارف استثمارها في هذا القطاع. مع التذكير بأن الغاية من هذا التعميم هي تحريك آليات تأسيس شركات جديدة واعدة يمكن ان تتحوّل مستقبلاً الى شركات قابلة لإغناء الثروة الوطنية وتوفير فرص عمل جديدة. وعند اعداد هذا التقرير، كانت المصارف قد موّلت صناديق استثمار وشركات ناشئة بما يقارب 200 مليون دولار. ومن المتوقع ان يرتكز مستقبل لبنان الاقتصادي الى حدّ كبير على قطاع اقتصاد المعرفة فضلا عن القطاع المالي وقطاع الغاز والنفط.
ـ التسليفات للقطاع العام ـ
في نهاية العام 2014، بلغت التسليفات للقطاع العام ما يوازي 37.4 مليار دولار، اي 75.3% من الناتج المحلي الاجمالي، بتراجع طفيف عنها في نهاية العام 2013 حيث بلغت 37.7 مليار دولار. وبالتالي، انخفضت حصة المصارف في لبنان في تمويل الدين العام بالليرة وبالعملات الاجنبية من حوالى 59% في نهاية العام 2013 الى حوالى 56% في نهاية العام 2014. مع ذلك، تبقى المصارف في لبنان المموّل الاساسي للقطاع العام، وهي تموّل الدولة رغم درجة مخاطرها العالية ورغم درجة تقويمها المتدنية (B-). ويمثل تمويل المصارف للدولة في لبنان اكثر من 25% من اجمالي ودائعها بينما لا يتخطّى المعدّل المماثل 15% الى 20% في الدول العربية وفي اوروبا والولايات المتحدة. فالحكومات في أوروبا والولايات المتحدة تتموّل مباشرة من الأسواق، اي من اكتتابات الأفراد والشركات بالأوراق التي تصدرها الحكومات (Sovereign Bonds). اشارة الى ان حصة القطاع الخاص باتت تجاوز حصة القطاع العام من التسليفات المصرفية منذ العام 2010.
تخضع المهمة المصرفية في لبنان بشكل دائم ومتزايد لقواعد عمل دولية تصدرعن لجنة بازل وصندوق النقد الدولي وغيرهما من واضعي المعايير في مجال الرسملة والسيولة ومكافحة تبييض الأموال وتمويل الارهاب والاقراض للجهات المقرّبة. ويشكّل الالتزام بهذه المعايير شرطاً ضرورياً لدخول الاسواق العالمية وللتعامل مع المصارف المراسلة. فبواسطة التعامل المصرفي مع الخارج تتم تحويلات اللبنانيين الى البلد، وتموّل صادرات لبنان ووارداته وتعبّأ المدخرات ويتوفر للمصرف المركزي حجم هام من موجوداته بالعملات الاجنبية لخدمة الاستقرار النقدي. وفي العام 2014، دأبت المصارف على تقوية قاعدة الرساميل والحفاظ على سيولة عالية وانتهاج سياسة مؤونات متشدّدة تشكّل في مجملها دعامة متينة للثقة يطمئن اليها المودع وتقي القطاع من الأزمات.
وتواكب المصارف في لبنان التطور المتسارع الذي تشهده المهنة المصرفية وتقنيات العمل المصرفي الحديث على مستويات التشريع والتنظيم والتطبيق. وعلى الرغم من التقدم الذي حققه لبنان على هذا الصعيد، الا انه لا يزال بحاجة الى المزيد من الجهد لجهة تطوير النصوص التشريعية المالية والمصرفية. ولا تزال المصارف تستعجل المجلس النيابي اقرار مشاريع قوانين مالية عالقة لديه، وهي تبادل المعلومات الضريبية بحسب معايير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لمحاربة التهرّب الضريبي، ونقل الاموال النقدية عبر الحدود (وقد توصلت اللجان النيابية المشتركة الى نتيجة في ما يتعلق بمشروع الافصاح عن الاموال التي تتجاوز سقف 20 الف دولار عند مراكز الدخول الى لبنان)، وتعديلات القانون رقم 318 المتعلق بمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب ليشمل جرائم مالية جديدة كحماية حقوق الملكية الفكرية بالاضافة الى الانضمام الى اتفاقية الامم المتحدة الخاصة بمكافحة الارهاب. فمن شروط المنظومة المالية العالمية الجديدة الوضوح والشفافية وتبادل المعلومات ومعرفة كامل التحويلات المالية الجارية للافراد والشركات وغيرها، علما ان الادارات العليا للمصارف اللبنانية تلتزم منذ سنوات بشكل واضح وقوي بتعزيز الادوات والنظم والاجراءات الضرورية لمكافحة عمليات تبييض الاموال وتمويل الارهاب. ويتم سنة بعد سنة تفعيل عمل وحدة التحقق المنشأة في كل مصرف والمتخصصة بهذه المهام من اصحاب الكفاية الذين هم على اطلاع مستمر على التجار والمستجدات العالمية في هذا الشأن. و تطبق المصارف طبعا جميع التعاميم الصادرة عن المصرف المركزي ولجنة التحقيق الخاصة اضافة الى تطبيق المعايير الدولية ذات الصلة، بما في ذلك اصول التحقق من هوية الزبائن (KYC). وفي ايلول 2014 جرى تعديل التعميم الاساسي رقم 83 الصادر عن مصرف لبنان، بهدف تعزيز وظيفة الامتثال لدى فروع المصارف والمؤسسات المالية وتطبيق انظمة مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب بشكل افضل. كذلك اصدرت هيئة التحقيق الخاصة خلال العام الماضي عددا من الاعلانات التي تتعلق بامتناع موظفي المصارف والمؤسسات المالية عن تنبيه العملاء المشتبه بهم والمبلغ عنهم، واخرى تتعلق بالحسابات الخاضعة للمراقبة، وبارسال الابلاغات عن عمليات مشبوهة الكترونيا.