نجلة حمود
بدأ مزارعو القمح في عكار بجني محصولهم لهذا العام وسط تأفف عام جراء تدني الأسعار التي تعتمدها وزارة الاقتصاد، والتي لم يطرأ عليها أي تغيير منذ سنوات، بالرغم من ارتفاع كلفة الانتاج وغلاء المعيشة.
«نزرع أرضنا ونعمل من دون أي أفق لمستقبل هذه الزراعة، التي من المفترض أن تدخل ضمن السياسات الغذائية لأي دولة، كون القمح من الزراعات الرئيسة التي تؤمن الاستقرار الغذائي، ولكن للأسف كل شيء معاكس في لبنان»، حسب ما يؤكد كبار مزارعي القمح في سهل عكار.
تنتشر ورش الحصاد، واستخراج الحبوب في غالبية البلدات الساحلية في حين يحتاج الموسم الى المزيد من الوقت لكي ينضج في المناطق الجردية.
اختلاف توقيت الحصاد لا يؤثر في الأسعار التي حددتها الدولة ما بين 400 الى 450 ليرة للكيلو، وهو ما أدى الى تقليص الانتاج الزراعي بالقمح من خمسة آلاف طن الى 1500 طن في أفضل الأحوال.
تساؤلات كثيرة يطرحها مزارعو القمح في عكار، أبرزها: لماذا لا تقوم الحكومة اللبنانية بدعم زراعة القمح، وتشجيع المزارعين على البقاء في أرضهم عبر رفع الأسعار؟ ولماذا لا تعطي الدولة المزارع سعرا تشجيعيا لزراعة القمح العالي الجودة، في حين أنها تشتري كيلو القمح المستورد بألف ليرة؟ وهل المقصود أن نتحول الى شعب يأكل مما لا يزرع؟
يستذكر المزارع أحمد الملبس الماضي عندما كان السهل يسمى بإهراءات عكار، جراء كميات القمح الذهبية التي كان ينتجها، أما اليوم فقد حلت المشاريع البلاستيكية، بدل سنابل القمح، في محاولة لايجاد زراعات أخرى أقل كلفة وأكثر إنتاجية وسهولة.
ويتحدث المزارع مصطفى الدهيبي وهو صاحب ماكينات للحصاد، عن تراجع العمل الى الثلثين. مؤكدا «أن الموسم ممتاز ولكن المشكلة في تدني الانتاج، اذ كنا نعمل في الماضي حوالي الف ساعة خلال الموسم أما اليوم فلا يتجاوز موسم العمل أكثر من 200 ساعة».
ويضيف: «إن الأمور متجهة لمزيد من السوء، لأن الدولة لا تعطي زراعة القمح الأهمية اللازمة، وتفضل الاستيراد من الخارج بأسعار مضاعفة».
ويطالب المزارعون وزير الاقتصاد آلان حكيم «برفع أسعار القمح من 400 الى 800 ليرة للكيلو الواحد، كما يجب أن لا يقل سعر كيلو الشعير عن 500 ليرة حتى يشعر المزارع أقله بالرحمة وليس بالبحبوحة».
ويعرب المزارعون عن مخاوفهم من تداعيات تأخر الوزارة عن تحديد موعد لاستلام المحصول، لافتين الانتباه الى «أن غالبيتهم تفضل تصريف إنتاجه مباشرة وعدم تخزينه ونقله الى «مكتب الحبوب والشمندر السكري» في طرابلس لاجراء الكشف قبل تسليمه، وذلك هربا من الاجراءات الروتينية التي تعتمدها وزارة الاقتصاد والتي من شأنها تأخير الدفع لحوالي الشهرين، الأمر الذي يرى فيه المزارعون ضررا كبيرا بمصالحهم، خصوصاً أنه يتوجب عليهم تسديد المستحقات المالية والديون التي يرزحون تحتها والتحضير للموسم المقبل.