تعرف منطقة شرق المغرب بأنها بلاد الأدغال العشبية. أغلب الأراضي قاحلة أو شبه قاحلة، بينما لا تتجاوز مساحة الغابات نحو مليوني ونصف المليون هكتار.
ويعتمد سكان المنطقة أساسا على رعي الماشية والأغنام. لكن مع انخفاض منسوب المطر وعدم انتظامه أصبح الجفاف عاملا مشتركا يتعين على المزارعين والرعاة في هذه المنطقة مكافحته.
ومن بين المتضررين من نقص الأمطار المزارع ومربي الماشية محمد بوروبة الذي يقول إن حتى حجم ماشيته بدأ يتقلص لأنه لا يملك مصدر رزق آخر يشتري منه علفا لماشيته.
وقال «المطر يهطل سنة ويفرحنا ويغيب عنا أربع سنوات ويحزنا. الكل يتضرر، مربي الماشية الصغير والكبير. نطلب من الله ان يطفىء هذا الغضب، نطلب من الرب العلي ان يرحم هذه الماشية.»
ومن أجل معالجة تدهور التربة في هذا الجزء من البلاد شكل المزارعون ومربو الماشية جمعيات وتعاونيات من أنفسهم للعمل مع السلطة.
وتعمل عزيزة الجباري، المنسقة المحلية لمشروع محاربة التصحر والحد من الفقر في الجهة الشرقية، مع سكان المنطقة من أجل الحد من تدهور التربة، وإعادة الغطاء النباتي الذي تقلص نتيجة عوامل منها الجفاف والرعي الجائر.
وتقول الجباري ان مقومات هذه الأرض هائلة. وتضيف «تسعون في المئة من سكان هذا الإقليم يزاولون مهنة تربية الماشية. عندما نتحدث عن تربية المواشي، نتحدث عن المراعي التي هي عبارة عن سهوب الحلفة والشيح وكذلك جودة عالمية في ما يخص إنتاج اللحوم. منطقة الجهة الشرقية عرفت تغيرات مناخية تتجلى في ضعف التساقطات (الأمطار) أو عدم انتظامها، الجفاف، الرعي الجائر وكذلك الحرث العشوائي الذي يؤدي بهذه المنطقة إلى التصحر.»
ونفذت المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر العديد من المشروعات بالتعاون مع وزارة الزراعة والعديد من المنظمات الدولية.
وقال المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر، عبد العظيم الحافي، ان كل مشروع نفذ كان يهدف إلى استعادة توازن النظام البيئي. وشارك السكان في كل خطوة من هذه المشروعات.
وقال «الهدف الرئيسي هو إعادة تأهيل هذه المنظومة البيئية بصفة عامة. هذه المشاريع هي غرس الأشجار أولا لتثبيت التربة ولكن كذلك لعدة مزايا. حزام أخضر لحماية التجمعات السكنية والمنشآت وما إلى غير ذلك.»
وتابع «إعادة تأهيل هذه المنظومة بالتوفيق ما بين الاستغلال وخاصة الاستغلال الرعوي لان هذه المنطقة رعوية بامتياز وهذا يعني أن الاقتصاد قائم على الرعي، ومن جهة اخرى، احترام مستويات تجدد هذه الثروات.»
وافتتحت المندوبية في الأسبوع الماضي أول مركز من نوعه في المغرب لإنتاج البذور الرعوية.
والمركز المقام في اقليم جرادة هو معهد علمي متقدم يقوم كذلك بإعداد الأبحاث.
ويطلق المغرب خطة استراتيجية ثانية من 2015 إلى 2024 لمكافحة التصحر في الأقاليم الشرقية بتكلفة نحو 980 مليون دينار مغربي (نحو مئة مليون دولار). وستشارك الحكومة المغربية في تمويل الخطة إلى جانب صندوق البيئة العالمية والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد).
وستلقى الخطة مساندة كذلك من منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو).
ويقول خايمي مول دي البا كابو ممثل المنظمة في المغرب «هذا المشروع يهدف إلى محاربة التصحر وتدهور الأراضي، وهذا يعني حماية البيئة من خلال التنمية الاقتصادية المحلية من خلال المشاركة الكاملة للسكان والمستفيدين من هذه الأنشطة.»
ورحب المزارعون بالمشروع بعد أن شهدوا مزايا خطة سابقة تم خلالها تشجير منطقة تبلغ مساحتها 63 الف هكتار وتحسين المراعي على مساحة 13 ألف 800 هكتار.
وقال المزارع ومربي الماشية البشير الأبيض «رغم الظروف القاسية، نريد المزيد. هذا المشروع اصبح كاملا والكارثة هي إذا لم يستمر وتوقفت الأشغال. نريد أن ندخل في مشروع آخر وأن لا تتوقف الأشغال. نريد المزيد لان مساحة إقليم فكيك الذي يتواجد فيها المشروع هي ثلاثة مليون هكتار ولهذا فان الوضع هنا أصعب.»
والمزارعون ومربو الماشية لن يكونوا المستفيدين الوحيدين من مثل هذه المشروعات. فقد تم تنظيم نساء المنطقة في جمعيات وتعاونيات لمساعدتهن على استخدام مهارتهن في تحقيق عائدات أكبر وكسب دخول إضافية من اشغالهن اليدوية.