Site icon IMLebanon

في الذكرى السنوية الاولى لانهيار النفط .. هل تقضي الديون على الصخري الامريكي؟

AmericanOil
شهدت أسعار النفط تحركات عنيفة خلال 2014، أفقدت خام برنت القياسي نحو 50% من قيمته منذ يونيو حزيران الماضي، وذلك في ظل تراجع الطلب العالمي وارتفاع المعروض.
ويقول الخبراء في الذكرى السنوية الأولى لتدهور النفط عن مستوى 114 للبرميل، فإن تخمة المعروض النفطي لدى المنتجين في الشرق بينهم روسيا والسعودية، ومعروض النفط الصخري لدى منتجي الغرب وعلى رأسهم كاليفورنيا الأمريكية، ومعروض الرمال النفطية لدى ألبرتا الكندية، كان له تأثير ملحوظ على العملات والاقتصادات العالمية.
وتضافرت عوامل المنافسة والصراعات السياسية والاقتصادية للضغط على منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” فما كان من الأخيرة إلا أن تبنت في ديسمبر الماضي وعلى وقع انهيار النفط الى أدنى مستوياته في حينه، تبنت وجهة النظر السعودية بالدفاع عن الحصص السوقية لأعضاء الكارتل في مواجهة كبار المنتجين خارج أوبك وارتفاع كميات “الصخري الأمريكي” الى أعلى مستوياتها على الإطلاق حتى أضحى إنتاج الولايات المتحدة موازيا لانتاج السعودية.
أسباب عدم خفض إنتاج “أوبك”:
– المحافظة على حصتها السوقية.
– الحد من نمو النفط الذي ينتج بتكلفة عالية كالنفط الصخري الذي يتراوح سعره التعادلي ما بين 65 دولارا الى 95 دولارا.
– لابد ان يزيد سعر البرميل عن 100 دولار كي تحافظ استثمارات معينة على ربحيتها، بينها استثمارات نفطية طويلة الاجل لتطوير الاحتياطي الروسي في القطب الشمالي وتطوير حقول نفط المياه العميقة في البرازيل.
وخلال العام الماضي، تراجع النفط إلى أدنى مستوياته في أكثر من 5 أعوام، بعد أن هبط خام برنت من مستوى 115 دولاراً في يونيو/حزيران الماضي إلى مادون 57 دولارا للبرميل في يناير/كانون الثاني الماضي، ما دفع فرق أبحاث أسعار السلع في بيوت الاستثمار والبنوك إلى المسارعة لمراجعة توقعاتها بشأن أسعار النفط في عام 2015، وتأثيره المحتمل على اقتصاديات العالم.
كما وتباينت توقعات الأبحاث بشأن أسعار النفط المحتملة في العام الجديد، حيث طالب HSBC المستثمرين بالاستعداد لوصول سعر خام برنت لمستوى 95 دولارًا للبرميل بنهاية عام 2015، في حين أشار “مورغان ستانلي” إلى أن أسوأ سيناريو يشير إلى وصول سعر الخام لمستوى 43 دولارًا للبرميل في العام الجديد، إلا أن التوقعات الأساسية تصل لمستوى 70 دولارًا.
أسباب الهبوط العنيف لأسعار النفط:
– تباطؤ الاقتصاد العالمي كما حدث في الصين، اوروبا.
– ثورة النفط الصخري.
– الملفات السياسية والعقوبات الاقتصادية على ايران وروسيا.
وقد نتج تدني الأسعار عن تضافر تلك العوامل، وعودة عدد من الدول المنتجة الى الأسواق مثل ليبيا، وضعف الاستهلاك على خلفية نمو اقتصادي متباطئ في الصين وفي منطقة اليورو.
طفرة النفط الأمريكية:
وكان للارتفاع الكبير في الإنتاج الأمريكي من النفط الصخري تأثيره الملحوظ على تهاوي أسعار الخام خلال عام 2014، ويظل التساؤل بشأن قدرة منتجي النفط الصخري الأمريكي على تحدي التراجع في الأسعار خلال عام 2015، وتحدي الحصة السوقية لأعضاء “أوبك” أمر خلافي رئيسي خلال الفترة الحالية، حيث يرى محللون ان أسعار النفط وصلت بالفعل لنقطة الخطر بالنسبة لمنتجي النفط الصخري الأمريكي، وهو ما يشير لضرورة تقليص تكلفة الصناعة لتتوازن مع الهبوط الحالي في أسعار الخام.
وهنا ترجح توقعات زيادة معدل التراجع في عمليات التنقيب النفطي بالولايات المتحدة، في حال بقاء أسعار النفط دون مستوى 64 دولارًا للبرميل لفترة تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر على الأقل، وتأثير ذلك سيظهر على الإنتاج في عام 2016.
لكن تقارير شركة “بيكر هيوز” المتخصصة بالخدمات النفطية تشير الى أن عدد منصات النفط الصخري تتراجع منذ 28 أسبوعا بفعل تدهور أسعار النفط.
ورغم تراجع عدد هذه الحفارات الى 631 منصة نفط من ذروة 1609 حفارة كانت عاملة في الولايات المتحدة، إلا أن مستوى إنتاج النفط الامريكي لا يزال مستقراً، وهو ما يرده الخبراء الى إقفال حفارات ذات فاعلية منخفضة والتركيز على المنصات ذات الكفاءة العالية والكلفة الأقل.
ديون النفط الصخري:
لكن ملفا ماليا نفطيا ساخنا يمكن أن يشعل أزمة في سوق الديون الأميركية ، حيث ومع تراجع الوادرات ارتفعت ديون شركات النفط الصخري الى 235 مليار دولار، وتعاني هذه الشركات من عجوزات مالية تضطرها الى مبادلة سندات مستحقة بأخرى بخصومات تصل الى 30% او 70 سنتا للدولار.
فالاقتراض وإصدار السندات، وهما الأداتان الماليتان اللتان استخدمتهما شركات النفط الصخري في التوسع وزيادة إنتاجها في السنوات الثلاث الماضية، هما نفسهما الأداتان اللتان باتتا تهددان استقرارها ووجودها اليوم.
وفي ذات السياق، كشف تقرير لوكالة “بلومبورغ” أن شركات النفط الصخري قامت باستقطاع جزء كبير من أرباحها لسداد فوائد هذه الديون.
وبدأت الديون تضغط على التصنيف الائتماني لشركات النفط الصخري المستقلة، التي في الغالب ما تكون صغيرة إلى متوسطة الحجم، في وقت خفضت وكالة التصنيف الائتماني “ستاندارد آند بورز” تصنيفاتها لائتمان 45 شركة الى “خردة” أو “مضاربة”.
ويرى مراقبو القطاع أن غالبية شركات النفط الصخري تبحث عن طوق نجاة وهي تعاني من مشكلة سيولة كبيرة، وخفضت شركات الطاقة الأميركية الإنفاق، لكن من المتوقع أن تزيد عدد الحفارات العاملة مرة أخرى مع تعافي أسعار عقود النفط الأميركي إلى متوسط حول 60 دولارا للبرميل منذ بداية مايو/ أيار الماضي.
وأظهر تقرير “بيكر هيوز” أيضاً أن شركات الحفر زادت عدد الحفارات في حوضي “برميان” و”باكن” للنفط الصخري هذا الأسبوع في علامة أخرى على أن ارتفاع أسعار الخام يقنع المنتجين بزيادة إنتاجهم بعد ركود للنشاط استمر ستة أشهر.
الدول التي تأثرت بهبوط اسعار النفط:
تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي الأكثر تاثرا بتراجع اسعار النفط ، حيث توقع صندوق النقد الدولي ان يؤدي تقلص إيراداتها النفطية إلى تراجع الإيرادات بحوالي 280 مليار دولار خلال عام 2015، وأن تحقق دول المجلس مجتمعةً عجزا نسبته %8 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015.
وتأثرت السعودية بشكل كبير بهبوط اسعار النفط، حيث تراجع الناتج المحلي الاجمالي للدولة من 3.6% في العام 2014 الى 3.5% في العام الحالي، ويتوقع المحللون أن يبلغ 2.7% في العام 2016.
وارتفع عجز الموازنة السعودي من 3.5 مليار دولار في العام الماضي الى ما يقارب 92 مليار دولار في العام الحالي بسبب اعتماد الدولة على جزء كبير من ايراداتها على النفط.
هذا ويتوقع المحللون ان تتجه السعودية الى اصدار السندات والصكوك لتمويل عجز موازنتها.
ولم تسلم روسيا من الهبوط الحاد في أسعار النفط فقد تراجع الناتج المحلي الاجمالي من 0.7% في الربع الثاني في العام الماضي الى سالب 2.2% في الربع الاول في 2015، حيث يعتبر النفط الدخل القومي رقم واحد للدولة،
كما وتأثرت امريكا بقوة بهذه التحركات للنفط، حيث تم تسريح أكثر من 91 الف موظف في قطاع خدمات حقول النفط، وتراجعت نسبة التوظيف في نشاط الاستكشاف عن النفط بمقدار 3 الاف وظيفة، وفقد قطاع دعم الطاقة ما يقارب 12 الف وظيفة، كما وانخفض عدد منصات الحفر الامريكية بنسبة 60% الى 635 منصة.
التأثيرات الايجابية:
لكن تراجع أسعار النفط كان له في المقابل تأثيرات إيجابية على الدول المستهلكة خصوصا الغربية منها حيث تراجعت أسعار الوقود بنسب وصلت الى 50% في بعض الدول وهو ما ساهم في تحسن القدرة الشرائية لمواطني أوروبا والولايات المتحدة والصين واليابان وغيرها.