IMLebanon

غياب التشريع يُهدّد علاقة لبنان بالمؤسسات الدولية: قروض بـ 600 مليون دولار في مهبّ الريح

lebanon-money

موريس متى

انعكست الازمة السياسية الداخلية في لبنان على عمل مجلس النواب الذي غاب عنه التشريع منذ اشهر نتيجة عدم انعقاد الهيئة العامة للمجلس، مع استمرار الفراغ في سدّة الرئاسة وفشل مساعي رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري حتى اليوم في صوغ توافق بين الكتل النيابية يؤدي الى عقد جلسة بالحد الادنى من جدول الاعمال في ما اتفق على تسميته “تشريع الضرورة”.

غياب التشريع دفع وزير المال علي حسن خليل في الاسابيع الماضية الى اطلاق سلسلة انذارات تتعلق بعدد من القروض المقدمة من الهيئات دولية وعربية، وعلى رأسها البنك الدولي، الصندوق الكويتي العربي، البنك الاسلامي العربي، وغيرها، تصل قيمتها الى اكثر من مليار و200 مليون دولار سيخسرها لبنان حتماً في حال عدم اقرار التشريعات المتعلقة بها بعدما وافقت عليها الحكومة في الاشهر الماضية واحالتها على الهيئة العامة. وبالفعل، اعلن نائب رئيس مجموعة البنك الدولي حافظ غانم امام رئيس الحكومة تمام سلام في زيارته الاخيرة الى لبنان أن تعطيل الجلسات التشريعية في مجلس النواب حال دون تنفيذ “نصف مشاريع” المؤسسة المالية الدولية في لبنان، والتي تصل قيمتها الاجمالية الى مليون و200 الف دولار ضمن الخطة التي وضعها البنك الدولي لمدة ثلاث سنوات، هي في حاجة اليها. وفي هذا السياق، أشارت بعض المصادر المتابعة للملف، الى ان البنك الدولي امهل الدولة اللبنانية حتى نهاية الشهر الجاري لإقرار التشريعات اللازمة في مجلس النواب للسماح بصرف القروض المتفق عليها. ولكن مع غياب التشريع يبدو أن قرار المؤسسة المالية اقترب، وقد يتم اسقاط مجموعة من القروض تصل قيمتها الى حوالى 600 مليون دولار كانت مخصصة لتمويل سلسلة مشاريع في العديد من المناطق اللبنانية. ومن أهم المشاريع التي كانت ينتظر ان تمولها هذه القروض، عدد من السدود وشبكات توزيع المياه، والتي تساهم في توفير المياه لنحو مليون ومئتي الف شخص يعيشون في بيروت وجبل لبنان. امام هذا الواقع، يبدو ان صورة لبنان امام الخارج، وتحديدا امام المؤسسات المالية والدولية بدأت تتأثر سلباً بفعل الفراغ الرئاسي، وغياب التشريع عن مجلس النواب، والعجز عن اقرار مشاريع قوانين طارئة، ما يهدد بفقدان الثقة به وبمؤسساته.

استحقاقات مهمة
بدوره، بدأ وزير المال مساعي حثيثة لدفع الكتل النيابية الى تحمل مسؤولياتها والنزول الى مجلس النواب وعقد جلسة تشريعية، يتم خلالها اقرار التشريعات اللازمة لعدم اضاعة فرصة الحصول على القروض التي قدمتها المؤسسات العربية والدولية، اضافة ايضا الى اقرار قانون جديد يسمح لوزارة المال باتمام اصدار جديد بالعملات الاجنبية في سياق عملية استبدال السندات التي استحق جزء منها في 12 حزيران الجاري بقيمة 500 مليون دولار، ويستحق جزء آخر بالقيمة نفسها في نهاية آب المقبل، لكون الرصيد المتبقي من القانون الاخير الذي اصدره مجلس النواب في جلسته التشريعية يوم 5 تشرين الثاني 2014 والخاص بالاجازة للحكومة اصدار سندات خزينة بمبلغ 2,5 ملياري دولار، لا يزيد على 300 مليون دولار، أي إن الوزارة استنزفت 95% من القوانين المتاحة لديها. وفي هذا السياق، لجأت وزارة المال عند استحقاق 12 تموز الجاري الى البنك المركزي الذي قام بعملية اعادة تمويل الديون عن طريق مبادلة سندات قديمة بأخرى جديدة للمصارف، بشروط جديدة (SWAP)، ما يعني أن مصرف لبنان كان هذه المرة المنقذ الوحيد من الأزمة. وهذا الحل ليس مثالياً ولا نهائياً، لأن المطلوب اليوم هو اعادة التشريع في مجلس النواب واجازة المجلس لوزارة المال باتمام عملية الاصدار تغطية الاستحقاقات المقبلة وأولها في آب المقبل.
باختصار، سلسلة قروض مهدّدة بالاسقاط، وعدد من المشاريع التي قدمت تمويلها الدول المانحة، وعشرات مشاريع القوانين التي تنتظر في أدراج مجلس النواب، اجتماع الهيئة العامة لإقرارها، وتنتظر التوافق السياسي حول الدعوة الى جلسة تشريعية بشكل طارىء لإنقاذ ما يمكن انقاذه، وحماية ما تبقى من صورة لبنان الجدية أمام المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية.