ناتاشا بيروتي
ليس إصدار سندات الخزينة مجرد مناسبة حزينة في لبنان تذكرنا بعجز الميزانية العامة وحاجة الدولة إلى الاستدانة كي تسد هذا العجز. فالمالية العامة للدول تعتمد بشكل أساسي على إصدارات الدولة من سندات الخزينة. واليوم أصبح معلوماً أن سندات الخزينة هي أداة رئيسية في يد الحكومات لتمويل نفقاتها نظراً إلى عدم تزامن الإستحقاقات والمداخيل. وتُعتبر أسواق سندات الخزينة الأكبر لإي العالم مقارنة مع باقي الأسواق (أسواق العملة…). من هذا المُنطلق نرى أن الدول تُفرط في بعض الأحيان في إصدار سندات الخزينة خصوصاً في حال كان وضعها الإقتصادي صعب ويشوبها الفساد كما هو حال لبنان. فما هو دور سندات الخزينة وما تأثيرها على الوضع الاقتصادي؟
ـ جاسم عجاقة ـ
يوضح الخبير الاقتصادي والاستراتيجي جاسم عجاقة ان لبنان يعبر مرحلة صعبة من تاريخه الحديث إن على الصعيد السياسي والأمني أو على الصعيد الإقتصادي والمالي. وهنا نرى أن تردي الوضع الاقتصادي يُلقي بظلاله على المالية العامة ما يدفع الدولة اللبنانية وبغياب مداخيل كافية إلى إصدار سندات خزينة بحسب المعادلة التالية:
سندات الخزينة (أو زيادة الدين العام) + الإيرادات الضريبية = خدمة الدين العام + الإنفاق العام
وهنا نرى أن التوازن المالي يتأثر بعاملين: الاول سياسة الديون للسنين الماضية مما ينعكس في خدمة الدين العام، والثاني وضع الإقتصاد الحالي في الدورة الإقتصادية. وقد تنتج الزيادة في عجز الموازنة عن تدهور في الوضع الإقتصادي الدوري بمعزل عن الخيارات الهيكلية في الميزانية (معدل الضرائب، ومستوى الإنفاق).
وزيادة حجم الإصدارات وبالتالي الدين العام يحرم القطاع الخاص من التمويل نظراً إلى أن المصارف اللبنانية تُفضّل إقراض الدولة اللبنانية على القطاع الخاص (مشكلة الملاءة!). وهذا يعني أن زيادة الإصدارات يلعب دور سيء على الإستثمارات وبالتالي فرص العمل ما يعني إنخفاض النمو الاقتصادي.
اذا كانت المديونية اليوم تبلغ 70 مليار دولار، ونحن نعرف ان قسما من المديونية هو اصدار السندات، التي هي بمثابة صقوق مديونية، فبالتالي ما هي نسبة السندات من اجمالي المديونية؟
يوضح عجاقة ان نسبة سندات الخزينة إلى إجمالي الدين العام هي نسبة عالية جداً نظراً إلى أن هذه الوسيلة هي الوسيلة الأساسية. أما الباقي فيدخل ضمن ديون ثنائية وقروض ميسرة لكن بنسبة ضئيلة.
وعن دور السندات في تخفيض المديونية العامة وتغذية خزينة الدولة، يشير الى ان إن سندات الخزينة تزيد المديونية العامة وتدفع بمالية الدولة إلى الهاوية. لكن الدولة اللبنانية التي لا تملك أي خيار ومع قلة مداخيلها، تعمد إلى تغذية الخزينة من الإصدارات الجديدة. وهذا الأمر وبغياب خطة للجم العجز المالي، سيؤثر على التصنيف الإئتماني للبنان وسيحرم الاقتصاد من الإستثمارات.
ويتم تحليل الانضباط في المالية العامة عبر القيود على ميزانية الدولة التي تنص على أن يتم تمويل النفقات الإجمالية في الميزانية لكل سنة مالية من الضرائب أو من الإصدارات لسندات خزينة. وهنا نرى أن الشق الأساسي في تمويل الدولة إذا ما إستثنينا الدائرة الاقتصادية تبقى الإصدارات الجديدة لسندات الخزينة.
ـ اليوروبوندو ـ
اما بالنسبة لاصدار سندات الخزينة (اليوروبوند) فيقول هذا يعني ان «الدولة اللبنانية تستدين»، لافتا الى ان «هذا الدين هو نتيجة العجز المتراكم والمتفاقم على خزينة الدولة، وبالتالي الملياران و200 مليون دولار هي لتغطية بعض استحقاقات الدولة، واحتياجاتها المالية».
وعن نسبة مالكي سندات الخزينة يشير الى إن نسبة المواطنين الذين يمتلكون سندات الخزينة غير معروف بالتحديد، لكن نسبة حجم دين الدولة الذي يمتلكه المواطن لا يتخطى نسبة عدد من المئويات من مجمل الدين العام. اما بالنسبة للمصارف فتمتلك المصارف اللبنانية ما يوازي 50% من حجم دين الدول اللبنانية عبر سندات الخزينة بشكل أساسي. أما مصرف لبنان فيمتلك ما يقارب الـ 30% من حجم الدين العام.