IMLebanon

بريطانيا أفضل اقتصاديا داخل وليس خارج «اليورو»

BritishUKEurope

مارتن ساندبو

الاستفتاء على عضوية المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي لا يزال بعيداً بعض الوقت، لكن الهجمات الخطابية قد بدأت، حيث إنها تناشد أولئك الذين أرادوا انضمام بريطانيا إلى اليورو، الذين تراجع معظمهم عن دعمه أو يحاول نسيانه.

المناهضون للاتحاد الأوروبي لا ينوون جعلهم يفلتون من العقاب. فهم يجادلون أنه إذا كنت مُضللا للغاية بحيث قمت بدعم اليورو في ذلك الحين، فبالتأكيد لن نأخذ اليوم على محمل الجد حجتك لاستمرار بريطانيا في عضوية الاتحاد الأوروبي.

لذلك، حتى إن كانت عضوية المملكة المتحدة في اليورو ليست على جدول الأعمال، إلا أنه من المهم إعادة النظر في القضية. وحجة المُتشكّكين لا أساس لها: فهناك حجة قوية يمكن التقدم بها، التي تقول إن بريطانيا كان من الممكن أن تُحقق نجاحاً أفضل أثناء الأزمة، لو كانت داخل العملة الموحدة مما لو كانت خارجها. أداء منطقة اليورو الاقتصادي الفظيع ألقى بظلال كثيفة على بريطانيا، مُحطّماً آمال الانتعاش المدفوع بالاستثمار والصادرات. وقد حدث هذا لأن القادة الأوروبيين فشلوا في تنفيذ أفضل السياسات – على وجه الخصوص، فشلهم في إنهاء أزمة الائتمان وتخفيف الشروط النقدية في وقت أقرب، واختيارهم دفع سياسة التقشف حتى في اقتصادات ذات حيّز وافر في المالية العامة.

بالتالي، السؤال المهم هو كيف كان من الممكن أن تقوم المملكة المتحدة بتغيير سياسات منطقة اليورو من الداخل. الجواب هو: بطرق كان من شأنها أن تستعيد النمو بشكل أسرع.

لنأخذ السياسة النقدية أولاً. بنك إنجلترا سيكون له وزن ثقيل داخل اليورو، وليس فقط بسبب حجم اقتصاد بريطانيا. مركز بنك إنجلترا الفكري البارز فيما يتعلق بالمسائل النقدية وإحساسه بالأسواق المالية، الذي تحسّن بسبب وجوده لقرون من الزمن وسط الحي المالي في لندن، كان من الممكن أن يجعله قائداً داخل البنك المركزي الأوروبي.

كيف كان من الممكن استخدام ذلك النفوذ؟ بنك إنجلترا فهم الحاجة إلى سياسة قوية للغاية بشكل أفضل من نظيره في فرانكفورت. في تشرين الأول (أكتوبر) من عام 2008، رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة، بينما شرع بنك إنجلترا في عملية تخفيف من خلال تخفيض أسعار الفائدة بمقدار أربع نقاط مئوية خلال أقل من ستة أشهر.

ثم أبقاها بنسبة 0.5 في المائة منذ آذار (مارس) من عام 2009، الشهر الذي أطلق فيه برنامجا لشراء الأصول قام بتجميع سندات حكومية بقيمة تبلغ خُمس الدخل القومي السنوي.

في المقابل، قام البنك المركزي الأوروبي برفع أسعار الفائدة مرتين في عام 2011، الأمر الذي ساعد على عودة منطقة اليورو إلى حالة الركود مع آثار جانبية على النمو في المملكة المتحدة. كما تطلب الأمر من فرانكفورت ستة أعوام لتحذو حذو ريادة بنك إنجلترا فيما يتعلق بعمليات شراء الأصول.

وكان مسؤولو البنك المركزي في بريطانيا سيبذلون أقصى جهدهم من أجل تطبيق سياسات قوية مماثلة في المجلس التنفيذي في البنك المركزي الأوروبي. في الواقع القطاع المصرفي المُتذبذب الضخم في بريطانيا لم يكُن ليترك لهم – وبقية البنك المركزي الأوروبي – أي خيار آخر. حتى مع إن بريطانيا ليست عضوا في منطقة اليورو، إلا أن المصارف في المملكة المتحدة لديها تريليونات من السندات المُقوّمة باليورو، التي لم يكُن بمقدور بنك إنجلترا أن يطبعها في حالة تدافع العملاء لسحب أرصدتهم.

لو كانت داخل اليورو، ذلك كان سيكون مشكلة من اختصاص البنك المركزي الأوروبي). واحد من أكبر اقتصادات اليورو لم يكن من الممكن أن تُفرض عليه بالقوة، الطريقة التي تعامَل بها البلدان الأصغر التي في خطر.

لا يُمكننا معرفة مقدار النجاح الذي كان سيتحقق، لكن من الواضح أن السياسة النقدية في منطقة اليورو كان من الممكن أن تميل في اتجاه مؤيد للنمو أكثر، واتجاه أدى إلى تحقيق الاستقرار في الأسواق المالية بثقة أكبر.

لو أن البنك المركزي الأوروبي بدأ برنامجا واسعا لشراء السندات في أوائل عام 2009، قبل أن تلوح أزمة الديون السيادية في الأفق، لم تكُن عائدات السندات ستخرج عن السيطرة كما فعلت.

ماذا عن السياسة في المالية العامة؟ جورج أوزبورن، وزير المالية، يمكن أن يبدو أكثر تحفّظاً مالياً من ألمانيا، لكن خطته الاقتصادية الأصلية كانت تعتمد على أن الطلب من منطقة اليورو على الصادرات البريطانية سيعوض عن الفجوة التي نتجت عن التصويب الشرس لأوضاع العجز.

من وجهة نظره، السياسة المُثلى كانت لتكون تخفيضات سريعة للبلدان التي تُعاني العجز المرتفع، لكن مع تحفيز تعويضي في البلدان التي تملك المجال للقيام بذلك.

وهذا يعني ضمنياً أن الجميع سيقاوم ضغط ألمانيا لتخفيض العجز. هذا كان من الممكن أن يُجنّب منطقة اليورو ركودا ثانيا وأن يقلص فترة الجمود الاقتصادي في المملكة المتحدة.

كذلك في مجال المالية العامة، أيضاً، عضوية بريطانيا في اليورو كانت لتجعل السياسة النقدية تميل إلى اتجاه النمو. والتأثير كان من الممكن أن يكون كبيراً. تذكر أن رئيس الوزراء البريطاني استخدم “حق الفيتو” للميثاق الانكماشي في المالية العامة.

الذي حدث هو أنه لم يكن هناك فيتو: استمرت ألمانيا في الضغط، عبر معاهدة بين عدة حكومات تُلزم 26 بلدا بميزانيات متوازنة، لكن نيتها دائماً ما كانت القيام بتغيير السياسة المالية العامة لاتحاد العملة ككل. عضو واحد في منطقة اليورو كان من الممكن أن يوقف ذلك.

إن نكران أن عضوية بريطانيا في اليورو كانت لتجعل الأزمة أفضل للجميع هو بمثابة تجاهل الفرق الذي كان من الممكن أن تُحدثه المملكة المتحدة. ربما هذا أمر معقول إذا كنتَ تعتقد أن بريطانيا تعاني سوء إدارة في الداخل، وغير فعّالة في الخارج بقدر إيطاليا.

هذه وجهة نظر غريبة، خاصة حين يعتمدها الذين يعتقدون أن بريطانيا تتمتع بقدرة أكبر من جيرانها، بحيث إنها ستكون أفضل حالاً خارج فريقهم.