IMLebanon

الماركات المزيفة تصارع حلم “صنع بالمغرب”

Marrakech-souk-Morocco
حرص على الحديث بفرنسية صافية. يتربص بالسياح وسط الدار البيضاء بالمغرب، محملا بنظارات وساعات من ماركات عالمية، يعرضها في المقاهي والشوارع وسط المدينة، على السياح والمغاربة.
يختار زبائنه بعناية، يحدث المغاربة بالفرنسية كي يجذبهم، ويبادر الأجانب بلغة فولتير، كي يبهرهم، لكنه مستعد لكل مفاجأة، إذا ما صادف من لا يفقه في تلك اللغة شيئا، كأن يكون زبونه المحتمل إسبانيا أو إنجليزيا، فقد تمكن من المبادئ الأولية للغتي البلدين.
سعيد البيضاوي كما يحب أن يلقب نفسه، حائز على البكالوريا، هاجر سرا إلى إسبانيا، لكنه لم يتمكن من الحصول على أوراق إقامة. قضى خمسة أعوام هناك، فلم يتمكن الحصول على عمل مستقر، وما أن حلت الأزمة الأخيرة بالبلد الإيبيري في 2008، حتى قرر العودة إلى بلده.
خاب أمل أسرته التي راهنت عليه كثيرا، فما كان منه إلا اتخذ القرار بالبحث عن رزقه ببلده.
من سوق “درب عمر” بالدار البيضاء، وتحديدا من المحلات التي تبيع سلعا صينية، شرع خالد الموتشو، في شراء كميات من النظارات والساعات المقلدة، يجوب بها شوارع وسط المدينة. لباقته وأناقته ساعدتاه على كسب ثقة من الزبائن، حيث كان يجني أرباحا تصل إلى ما بين 50 و70% من السعر الحقيقي. يحتاج منه نشاطه ذاك إلى قدرة كبيرة على الإقناع والمرونة حتى لا يفقد زبائنه.
للسلع المقلدة أسواقها في الدار البيضاء، فضلا عما حازته من شهرة كبيرة في المغرب. فلا يمكن لباحث عن سلع مقلدة ألا يقصد سوق “أخماسي” بدرب عمر. هناك تعثر على هواتف ونظارات وساعات وأجهزة إلكترونية. لا تقتصر شهرة هذه السوق على المغاربة المقيمين، بل إن الكثير من المغتربين المغاربة القادمين من البلدان الأوروبية يتبضعون منه، حيث يجدون بغيتهم بأسعار جد منخفضة، ثم إنه لا يمكن سوى للعين الخبيرة التمييز بين ما يعرض في تلك السوق من سلع مقلدة والنسخة الأصلية.
أما البائع المتجول يونس الجبلي، فيؤمن بأن للسلع الصينية المقلدة زبائنها، فقط يحتاج البائع إلى أن يختار الجذاب منها. يعرض سلعته في الرصيف غير بعيد عن سوق القريعة الشهير بالدار البيضاء. ويحرض على حسن عرض الأحذية والسراويل والأقمصة والمحافظ التي تحمل أسماء علامات عالمية مشهورة. فهو يعتبر أن السعر الذي تباع به تلك المنتجات مغر ويتيح للفقراء مغازلة وهم ارتداء نفس الماركات العالمية التي يرتديها الأغنياء.

حركة دؤوبة في سوق القريعة الأشهر في المغرب. تغير هذا الفضاء بشكل جذري في العاصمة الاقتصادية في العقدين الأخيرين. محلاته أضحت مشتهرة ببيع ملابس مقلدة تحيل على ماركات عالمية وأخرى مستوردة من البلدان الآسيوية، خاصة الصين. لتجار تلك المحلات عيونهم في بلدان أوروبية وأميركا، يرصدون آخر صيحات الموضة، ويرسلونها إليهم، كي تتم محاكاتها في محلات خياطة انتشرت في شعبية وضواحي العاصمة الاقتصادية. من هناك تخرج جميع أنواع الملابس التي تحط بمحلات سوق القريعة قبل أن توزع على جميع محلات المملكة.
لم تكف الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة، التي تمثل المصنعين الكبار في قطاع النسيج في المغرب، عن الدعوة إلى وضع محاصرة الملابس المقلدة، خاصة تلك المستوردة. فهي تعتبر أن مبيعات السوق المحلية من الملابس تصل إلى 4 مليارات دولار، وتراهن على نقل ذلك الرقم إلى 9 مليارات دولار في العشرة أعوام المقبلة.
وتعترف الجمعية بأن الملابس المستوردة تلبي احتياجات فئات محددة من السكان، على اعتبار أن المستهلك يبحث عن السعر المنخفض، غير أن الجمعية تنبه إلى أن بعض السلع التي تكون ذات أسعار منخفضة، قد تنطوي على أخطار تهدد صحة المستهلك. هذا ما دفع الجمعية إلى التأكيد على أنه يجب وضع معايير صارمة عند الاستيراد، في الوقت نفسه يفترض في المنتجين المحليين الذين يعملون في القطاع الرسمي توفير منتجات ذات جودة وبأسعار تنافسية.
بيانات الجمعية تؤكد أن فرص العمل التي يوفرها قطاع النسيج والألبسة في المغرب تبلغ 200 ألف فرصة. مسؤولوها يتحدثون بالكثير من الفخر عن قطاعهم الذي يعتبر في نظرهم أول مشغل في المملكة. لكنهم يقرون مع ذلك بأن القطاع غير الرسمي يتيح نفس العدد من فرص العمل. هذا ما يجعلهم يعتقدون بأنه مازالت ثمة هوامش جد كبيرة من أجل جعل القطاع مصدرا للتشغيل، إذا ما تم إخراج القطاع الرسمي من الظل، عبر اقتراح ماركات محلية تغري المستهلك المحلي بالإقبال على السلع التي تحمل علامة “صنع بالمغرب”.