Site icon IMLebanon

اللاذقية: النظام يستكشف النفط..في الاماكن السكنية!

Latakia
أسعد أحمد العلي
آليات ضخمة وصهاريج معدة للنقل تصدرت المشهد، في الآونة الأخيرة، في منطقة “المشاحير” الملاصقة لحي “قنينص”، على اطراف مدينة اللاذقية، وهو المكان الذي أعلنت الحكومة السورية بداية الشهر الحالي بدء اعمال التنقيب عن النفط فيه. وذلك بعد الاعلان عن وجود “كميات جيدة” من النفط في الموقع، إضافة إلى ثلاثة مواقع أخرى لم تحدد بعد، لكن من دون التفكير حالياً بالتنقيب ضمن مياه البحر نظراً “لكلفة الاستخراج العالية”، بحسب مصادر حكومية.
فرق هندسية متخصصة تقوم الآن بإنجاز آخر خطوات تركيب الحفارة الاستكشافية المخصصة لأعمال الاستخراج، والمستقدمة من حقول “الجبسة” وتحمل اسم “أورلماش”، وهي حفارة صغيرة الحجم، تصل حتى عمق ٣٥٠٠ متر، وتتبع لـ”الشركة السورية للنفط”.
تشير المعطيات الى أنه “في العام 2005 تم الاعلان عن اكتشاف بئر في موقع قرب مكان الحفر الحالي”، لكن نتائج التحاليل المخبرية، التي أجرتها شركات عالمية، أكدت ان “النفط سطحي، وان الكميات الموجودة غير اقتصادية، ولا تغطي نفقات استخراجها، مع الاشارة لوجود آمال نفطية وغازية في السواحل السورية يتم العمل على استخراجها حالياً”.

العقد المبرم ما بين “الشركة السورية للنفط” وشركة “سيوز نفتا غاز” الروسية عام 2014، كان خطوة عملية لتحويل نتائج المختبرات إلى واقع ملموس. ولعل موقع قنينص الحالي يعتبر البداية الحقيقية لها، لاسيما أن طلائع الاختصاصيين من هذه الشركة يشرفون بشكل عملي على عمليات الحفر والبحث والتنقيب الجارية هناك. والمعلومات المتوفرة عن البئر المكتشف، تؤكد ان مواصفات نفطه مقبولة، وكمياته جيدة، ويعتبر من النوع “الخفيف”. وميزاته الأخرى ستحدد بشكل أفضل، بعد ظهور نتائج دراسات مراكز الابحاث والشركات المتخصصة، التي ارسلت إليها عينات لاختبارها وتحليلها، كما ان هذه النتائج ستحدد امكانية متابعة الحفر او الانتقال لمواقع اخرى تعتبر واعدة نفطياً ضمن المحافظة.
عملية البحث والتنقيب كانت نتيجة حتمية لخسائر النظام المتزايدة في قطاع النفط، نتيجة فقدانه حقولا استراتيجية عديدة سيطر عليها “داعش”، حيث يشير التقرير الصادر عن “المؤسسة العامة للنفط” ان “الخسائر النفطية قد بلغت 64 مليون دولار خلال الربع الأول من 2015، ونسبة الانتاج النفطي لم تتجاوز 42 في المئة”.

ليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها حكومة النظام البحث بشكل حثيث عن آبار للنفط في اللاذقية التي يروّج لاحتوائها على مخزون نفطي في البر والبحر، وقد تم اكتشاف آبار للنفط في مواقع عديدة في المحافظة، ظهر بعضها عن طريق الصدفة، كموقع سوق الهال القديمة، حيث عثر بعض العمال على بقع سوداء لزجة اثناء حفر قواعد بناء لأحد الأبنية الإدارية، وبعد التأكد من طبيعة المادة، وحفر عدد من الآبار الصغيرة في المكان، اصدرت أوامر بإخلاء الموقع. وهنا تكمن المشكلة الحقيقية، فالمنطقة المقصودة حالياً في الحفر، تعتبر من اكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان، وتعرف كأحياء سكن عشوائي، شهدت بعض الأحداث الامنية بداية الثورة السورية، وتضم حالياً الكثير من النازحين من مختلف المحافظات السورية. وتجدر الإشارة الى ان تكرير النفط في حال استخراجه، لن يتم في محافظة اللاذقية، بل سيحول مباشرة الى بانياس ليصار الى تكريره هناك.
ويؤكد بعض القاطنين في الحي الملاصق لموقع الحفر، ان مجلس مدينة اللاذقية قد أنذر الاهالي شفهياً انه “في حال نجاح الخطوات الاولية لعملية الاستخراج، سيصار لإفراغ المنطقة من سكانها لمسافة تصل الى كيلومتر واحد من موقع الحفر”، وذلك “لدواع بيئية وصحية”.
ويرى السكان، ان “المبررات تكون حاضرة دائماً للاخلاء”، لاسيما أن تجربة حفر بئر سوق الهال القديمة، أثبتت ان عملية اجلاء السكان تكون من دون تعويض مادي أو بدل للانتقال. فكيف ستكون الحال الآن في منطقة تصنف في اطار العشوائيات غير المسجلة اصلاً في المصالح العقارية؟
مخاوف اخلاء الموقع من سكانه عززتها قرارات حكومية جديدة صدرت أخيراً، تقضي بإزالة الإشغالات عن جانبي خط نفط اللاذقية- بانياس، الذي توقف عن العمل لفترة طويلة، واعيد تشغيله خلال الأيام السابقة، ما أخاف السكان الذين باتوا ينتظرون قراراً بطردهم، أن لم يكن الآن، ففي المستقبل القريب.