تشهد الساحة المسيحية حراكاً غير مسبوق يتمثل باستفتاء ستكلَّف به إحدى الشركات الموثوقة والمتخصصة لاستمزاج رأي الشارع المسيحي والوقوف على رأيه في المرشح القوي لرئاسة الجمهورية، بعد اتفاق سابق على هذا الاستفتاء بين رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في اللقاء الذي جمعهما في الرابية وباركه البطريرك بشارة الراعي، وهدفه استطلاع رأي المواطن المسيحي في الأقطاب المسيحيين الأربعة، عون وجعجع والرئيس أمين الجميل ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، فماذا ستكون النتيجة؟ ومن سيكون الغالب إذا تم الاستفتاء؟ وهل سيقبل نتيجته المسيحيون الذين لن يشاركوا فيه؟
أسئلة أجاب عليها لصحيفة ”السياسة” عضو كتلة “القوات اللبنانية” النائب فادي كرم، بتأكيده أن “هذا الاستفتاء ليس مركزاً فقط على شخصي الدكتور جعجع والعماد عون، بل هو استفتاء مفتوح يشمل كل الحالة المسيحية في لبنان لتبيان من تختاره ليكون رئيساً لها وللبنان، وفي حال طَرَحَ أحد المكونات اسماً آخر غير الأسماء المتداولة فلا مانع من ذلك”.
وعن ثقتهم بالشركة التي تجري الاستفتاء، أشار إلى “نقاش معمق بشأن إحدى الشركات، التي حظيت على ما يبدو بثقة الطرفين واتُّفق على تكليفها بإجراء هذا الاستفتاء, وهو بالطبع لن يقتصر على الموارنة فقط، بل سيشمل كل المسيحيين”.
وعن رأيه في الذين لن يكشفوا عن خيارات لمصلحة هذا المرشح أو ذاك، قال كرم: “هذه أمور تفصيلية تقنية, ومن حق الشركة التي تتولى الاستفتاء، وضع الآلية المطلوبة لهذا الموضوع ونحن لدينا ثقة تامة بعملها”.
وفي تعليقه على تشبيه البعض مشروع الاستفتاء بمشروع القانون الأرثوذكسي الذي طرح للاعتماد في الانتخابات النيابية لكنه سقط في النهاية، وماذا سيكون موقفهم في حال سقوط الاستفتاء كما سقط غيره، قال: “في ما خصنا نحن “القوات”، سنأخذ بحصيلة نتائج الاستفتاء أياً تكن، لأننا حزب نؤمن بالديمقراطية وقبول نتائجها”.
وأكد كرم أن “القوات” مستعدة لدعم عون في حال فوزه في الاستفتاء، مشيراً إلى أن “هذه المبادرة طرحت من التيار الوطني الحر ونحن وافقنا عليها بلا تحفظ”.
وعن رأيه في الوضع الحكومي، أشار إلى “أنه رمادي، وبمقدار ما يستمر شد الحبال بين مكوناتها سيزداد التخوف من فرط عقدها”.
وعلى صعيد متصل، قالت مصادر قريبة من حزب «القوات اللبنانية» إنّ الترجمة العملية لـ«إعلان النيّات» التي بدأت بزيارة رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع لرئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون في الرابية، واستُكمِلت باللقاء الطالبي بين الجانبَين، ستتوسّع لتشملَ الهيئات والأطر النقابية والمناطقية، وتحديداً النيابية، من أجل تنسيق القضايا المشتركة وفي طليعتِها الاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية يحقّق التمثيل الصحيح لكلّ المجموعات اللبنانية.
وكشفَت هذه المصادر أنّ الاتصالات بين الجانبَين تحوّلت مسألةً طبيعية، وهي شِبه يومية، وأنّ هناك روزنامة لمحطاتٍ مشتركة سيُعلن عنها قريباً. وأكّدت أنّ التفاهم بين الطرفَين ثابتٌ وقابل للتطوّر، وأنّ ثباتَه مرَدُّه للاتّفاق الأساس القائم على تحييد القضايا الخلافية والعمل على تقريب وجهات النظر فيها، مقابل العمل على توحيد النظرة في القضايا المشتركة وطنيّاً وصولاً إلى تشكيل قوّة ضغط لانتزاعها قانونياً ودستورياً.
ورأت «أنّ الملف الرئاسي هو مِن الملفات الخلافية، وأنّ «القوات» كانت واضحة منذ البداية بإعلانها أنّ اقترابَ العماد عون من طروحاتها السياسية يقرّبُها منه على المستوى الرئاسي، لأنّ الأمور لا تقاسُ إلّا بالمعيار الوطني». ونفَت أيّ كلام عن شروط سبقَت الزيارة وتتّصل بالموضوع الرئاسي المحيَّد عن النقاش في انتظار المرحلة الثانية التي بدأ العمل عليها اليوم، خصوصاً أنّ أحداً لا يضع شروطاً على الآخر.
وأمّا لجهة الاستطلاع، فقالت المصادر نفسُها إنّ «التيار الوطني الحر» هو الذي يتكفّل هذه المهمّة مِن ألِفها إلى يائها. وأكّدت التزامَ «القوات» بما ينصّ عليه الدستور، وحقّ كلّ مرشّح بالترشيح. وشدّدت على ضرورة توفير النصاب لانتخاب رئيس جديد يعيد تحريكَ العجلة الدستورية التي بدأت تداعياتُها تنعكس على الوضع الاقتصادي، لا السياسي فقط.