ماري هاشم
حشدت القوى الإقتصادية والعمالية والإجتماعية مشاركتها أمس في «اللقاء الوطني الجامع» في «بيال» لإطلاق صرخة أنين القطاعات والشركات والمؤسسات والعمال من جرح الهمّ المعيشي النازف ووجع التعثر المضني.
فالجمود المستشري إنتاجاً وتجارة وتصديراً، يصيب الجسم الإقتصادي برمّته، ما دفع بأصحاب المؤسسات والشركات إلى جدولة ديونها واستحقاقاتها المالية، وإعادة النظر في قروضها المصرفية تحديداً والتي أصبح متعثراً تسديدها مع تراجع الأرباح وشحّ الإنتاج.
والمقترض الفرد ليس أفضل حالاً من المؤسسات التي إن تعثرت وقع هو في المحظور، وتعقدت أموره الحياتية مع صعوبة تسديده القرض المصرفي المستحق.
مصادر اقتصادية عزت لـ«الديار» التزايد الملحوظ في ثعثر المؤسسات الاقتصادية، إلى انعدام الاستقرار وتراجع النشاط الاقتصادي وارتفاع كلفة التشغيل وصعوبة تغطية الإلتزامات المالية ما دفع بالمؤسسات إلى مطالبة مصرف لبنان والمصارف التجارية بتسهيلات لسداد قروضها. وتمثل القروض المتعثرة نسبة 5.4% من اجمالي التسليفات مغطاة بمؤونات بنسبة 76%.
وأبدت المصادر خشيتها في الوقت ذاته، «من تزايد تعثر القروض الشخصية البالغة نحو 27.8% من اجمالي التسليفات، ومن ضمنها 16.1% كقروض سكنية نتيجة تزايد المشكلات المالية التي تواجه الأسَر».
في ضوء هذا الواقع، وجُب السؤال أين موقع المصارف اللبنانية من هذه الصورة؟ هل تلعب الدور الحاضن الذي يبلسم هذا الجرح الذي أصبح معدياً في صفوف المؤسسات والعمال، أم ستتمسك بحقها بشكل قاطع في تحصيل مستحقاتها في الفترات المحددة والذي يضفي عامل الثقة في القطاع؟
ـ غبريل: مشكلة المؤسسات في تأمين السيولة ـ
رئيس قسم الدراسات والأبحاث الإقتصادية والمالية قي بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل قال من جهته لـ«الديار» في هذا السياق: المصارف اللبنانية تتفهّم الجمود الإقتصادي المستشري في البلد، ما حتّم حصول تفاهم بين المقترض والمصرف والقيام بعدة محاولات توصلاً إلى نتيجة لمصلحة الطرفين، من دون بلوغ الأمر المحاكم القضائية أو ما شابه.
وتابع: القطاع المصرفي يتفهّم أوضاع المؤسسات والشركات المقترضة ويقابلها بمرونة كبيرة في هذا المجال، لكنه في الوقت ذاته مؤتمن على أموال المودعين التي يسلّفها للمقترضين، وبالتالي يعمل بجدية على المحافظة على هذه الثقة.
وأضاف: صحيح أن هناك مرونة وتفهّماً لافتين من قبل المصارف اتجاه الشركات المحلية التي تواجه بعض المشكلات المالية، لكننا لم نصل إلى مرحلة نقول فيها إن هناك قطاعات كثيرة متعثرة، بل يقتصر الأمر على مشكلات في تأمين السيولة اللازمة في بعض الأحيان، كما أن بعض القطاعات متأثرة أكثر من سواها بالوضع الإقتصادي المتأزم. فالإقتصاد برمّته في حال من الجمود والركود لكن بدرجات متفاوتة بين قطاع وآخر، ولا سيما في موضوع الإقتراض.
وعن كيفية ترجمة تلك المرونة في التعاطي بين المصرف والشركة المقترضة المتعثرة، أوضح غبريل أن «التفهّم هو سيد الموقف من قبل الطرفين ما يُبعد أي صدام في ما بينهما»، وقال: الشركة نفسها ليست مسرورة لا بل غير راضية على المشكلات المالية التي تواججها والتي تجعلها غير قادرة على سداد مستحقاتها للمصرف، كما أنها لم تكن تتوقع أن الوضع سيتراجع إلى هذا الحدّ والآفاق ستكون مسدودة بهذا الشكل.
ـ «على الفرد أن يكون مسؤولاً عن قراره» ـ
وعما إذا كانت المصارف تطبّق المرونة ذاتها على المقترض الفرد، قال: هنا الموضوع مختلف، لأن الفرد يجب أن يكون مسؤولاً عن نفسه قبل أي شيء آخر، وبالتالي عليه أن يدرس ملياً قدرته على الإقتراض لتمويل أمور حياتية أساسية وحيوية وليس ثانوية وكمالية. وبرغم ذلك، تتفهّم المصارف وضع المقترضين الأفراد لكن الأساس في الموضوع هو معرفة المقترض مدى إمكاناته على الإستدانة والهدف من اقتراضه هذا.