فاتن الحاج
هيئة التنسيق النقابية بدت، أمس، معزولة عن قواعدها. فالوقفة التي نظمتها أمام مركز إصدار نتائج الامتحانات الرسمية لم تستقطب المصححين والمدققين والمراقبين. فهؤلاء لم يشاركوا، كما أرادت الهيئة، في توجيه رسالة إلى المسؤولين تقول إنّ الإيجابية التي أبدوها في إنجاز الامتحانات بكل مراحلها قد لا تستمر في المستقبل. في المقابل، ساد التخبط في صفوف مكونات الهيئة، فظهرت عاجزة عن وضع خطة تصعيدية واضحة لمواجهة تعطيل المؤسسات الدستورية والمطالبة بحقوق المعلمين والموظفين في سلسلة الرتب والرواتب، بدلاً من خطوات متقطعة قائمة على ردود الفعل.
فأحداث اليومين الأخيرين، ولا سيما لقاء «الهيئات الاقتصادية»، كشفت بوضوح أن هيئة التنسيق لم تعد رأس حربة ضد التحالف السلطوي السياسي والمالي، في وقت يستمر فيه الضغط من داخل الهيئة وخارجها على المكونات التي ترفض الالتحاق بحراك تجمّع أصحاب الرساميل.
وحده رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر، رفع سقف الموقف النقابي، فدعا السياسيين إلى «تحمل مسؤولياتهم في تفعيل عمل المؤسسات الدستورية لإيجاد الحلول للقضايا المعيشية والحياتية والاجتماعية، وفي مقدمها سلسلة الرتب والرواتب التي يشكل إقرارها البوابة الرئيسية لحماية الأمن والاستقرار في البلد وتجميع اللبنانيين وتحريك العجلة الاقتصادية وزيادة النمو». وقال: «استنفرت معركتنا كل الهيئات المالية والاقتصادية والتجارية وحلفائها من السياسيين لمواجهتنا، وما زالوا، ووضعوا العراقيل أمام إقرار السلسلة، ولمنعنا من تحقيق إنجازات على الصعد كافة، وما زالوا مستمرين في سياساتهم وينظمون المهرجانات، وآخرها كان أمس (أول من أمس) تحت عناوين لا تستهدف إلا ضمان مصالحهم وأرباحهم، وهم الذين كانوا ولا يزالون يشكلون جزءاً من التحالف السلطوي الذي حكم البلد منذ عام 1990، والذي أدت سياسته المالية والاقتصادية إلى وصول البلد إلى ما وصل إليه من أزمات معيشية ووطنية واقتصادية، والدين العام إلى أكثر من 70 مليار دولار ذهب أكثر من نصفه إلى مصارفهم وجيوبهم، وأدت هذه السياسات إلى تردي الأوضاع المعيشية لأكثرية اللبنانيين وإلى شل عمل المؤسسات الدستورية التي يطالبون الآن بتفعيلها». ورأى أنّ «الحياة هي أن نكون مع هيئة التنسيق والانتحار أن نكون ضدها».
رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض، رأى أن الشارع اللبناني في غنى عن مشكلة جديدة. وقال لرئيس مجلس النواب نبيه بري ولرئيس الحكومة تمام سلام: «نحن معكما ومع عودة الحياة إلى الحكومة والمجلس ومع عودة التشريع إلى مجلس النواب، وقد أعطينا سنة كاملة ولم نعد نصبر أكثر من ذلك، فالشارع أمامنا والسلسلة أمامكم».
من جهته، لفت رئيس رابطة التعليم الثانوي الرسمي عبدو خاطر، إلى أنّ «الرابطة قررت ضرورة إجراء الامتحانات وتصحيحها بعد استمزاج آراء غالبية الأساتذة ولئلا تتكرر جريمة الإفادات». وطالب مجلس النواب بإقرار سلسلة رتب ورواتب معدلة تعطي الحقوق كاملة في أول جلسة تشريعية يعقدها».
أما رئيس رابطة التعليم الأساسي الرسمي محمود أيوب، فزف إلى اللبنانيين نتائج الامتحانات الرسمية وهنأ التلامذة بعودة الشهادة الرسمية معياراً وحيداً لتقويم جهد الطالب، مشيراً إلى أننا «أنجزنا عاماً دراسياً لم تعكره إضرابات ولا تهديدات بمقاطعة الامتحانات، وأثبتنا للعالم أجمع أن من يتحمل وزر ضرب الشهادة الرسمية العام الماضي هو الطبقة السياسية وحدها».
بدوره، شدد رئيس رابطة الأساتذة الثانويين المتعاقدين عصام عزام على «وجوب إعادة تفعيل العمل الحكومي وعودة التشريع إلى مجلس النواب»، مؤكداً أنّ «المواقف التي صدرت عن المتكلمين شددت على وجوب الإسراع في إقرار سلسلة الرتب والرواتب».
على خط موازٍ، نفى وزير التربية الياس بو صعب أن يكون ما نفذته هيئة التنسيق أمس اعتصاماً، بل صرخة، وهو يؤيد كل ما قيل فيها حول التذكير بالسلسلة حتى لو لم يسمعه لكونه يعرف المعاناة ويعايش النضال، كما قال.
بو صعب كان يتفقد مركز نقل العلامات من مسابقات المرشحين إلى النظام المعلوماتي، معلناً، في مؤتمر صحافي، بدء صدور نتائج الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة.
الوزير أذاع ملخصاً عن نسب المشاركة والنجاح في الامتحانات بحسب لحظة تلاوته لها، ولا سيما أن العديد من اللجان كانت لا تزال قيد العمل، وتبين أن نسبة النجاح في كل من محافظات بيروت والشمال والجنوب والنبطية فاقت السبعين بالمئة.
وشرح كيف تُعلَّق نتائج أحد المرشحين الذي يخطئ في كتابة رقم ترشيحه أو يكتبه بالمقلوب فتعود اللجنة إلى التدقيق بالرقم الوهمي لتنصف المرشح وتضع له العلامة بعد تصحيح رقمه الأساسي. ولفت إلى أن اللجان لا تزال تعمل بصورة بدائية تعتمد على الجهد البشري للأساتذة، ولكنها تؤدي عملها بدقة بالغة وفي ظروف صعبة، متعهداً بتطوير البرنامج وإجراء امتحانات مختلفة العام المقبل. وكشف أن نتائج شهادة الثانوية العامة ستبدأ بالصدور منتصف الأسبوع المقبل والدورة الثانية ستنظم في منتصف آب حتى لو لم يجتمع مجلس الوزراء بالاعتماد على الموافقة الاستثنائية لرئيس الحكومة. وأكد أننا «سنطلب في العام المقبل العنوان الإلكتروني لكل مرشح لكي نرسل له النتيجة على بريده الخاص».