وضع صندوق “أملاك” السيادي، مصر على خارطة الاستثمار في مجال الصناديق السيادية العالمية، بعد أن وافقت الحكومة المصرية مؤخرا على مقترح تقدم به وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري أشرف العربي، لتأسيس صندوق لإعادة استثمار الأصول غير المستغلة لدى شركات قطاع الأعمال العام.
وقال هاني توفيق رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر والخبير في إدارة الصناديق السيادية لـ”العرب” إن هذه الصناديق تنشأ غالبا من جانب الدول الغنية وخاصة من فوائض العوائد البترولية، لكن مصر تعاني عجزا في الموازنة العامة للدولة، وبالتالي ليس لدينا السيولة الكافية لإنشاء صندوق سيادي.
وأشار إلى أنه يخشى أن يضم الصندوق السيادي أصولا معطلة وغير عاملة، وأن تفشل الإدارة في جذب مستثمرين لوضع أموالهم في تلك الأصول.
وكان وزير التخطيط قد ذكر في المقترح الذي قدمه لمجلس الوزراء أن رأسمال الصندوق سيصل إلى نحو 1.31 مليار دولار في المرحلة الأولى.
وأضاف أن نسبة 50 بالمئة من التمويل، أي نحو 655 مليون دولار، ستأتي من وزارة المالية، في حين سيأتي النصف الآخر من الأصول غير المستغلة والتشابكات المالية بين بنك الاستثمار القومي والوزارات المصرية المختلفة.
وكشف العربي أن وزارة التخطيط قامت بإعداد دراسة حول فض التشابكات المالية بين الوزارات والمؤسسات الحكومية، والتي قدرت الدراسة أن قيمتها تصل إلى أكثر من 144 مليار دولار.
وأوضح الوزير أن فكرة الصناديق السيادية موجودة في جميع أنحاء العالم، وأنه تم خلال السنوات الثلاث الماضية إنشاء أكثر من 20 صندوقا سياديا جديدا.
ويبلغ العجز المتوقع في مشروع الموازنة المصرية الجديدة للعام المالي 2015-2016 التي تبدأ الشهر المقبل، نحو 36.8 مليار دولار أي ما يعادل نحو 9.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأكد العربي أن نجاح الصندوق السيادي المصري (أملاك) يتوقف على موارد الدولة التي ستدخل في الصندوق السيادي، وكذلك على الجهاز الإداري الذي سيتولى إدارة الصندوق، ومدى خبرته في هذا المجال.
وأشار إلى أن فكرة الصندوق لا تعتمد على استغلال فوائض مالية أو بترولية مثل دول مجلس التعاون الخليجي للاستثمار خارج البلاد لضمان حق الأجيال المقبلة، وأن الصندوق المصري سيستثمر أمواله داخل البلاد.
وقال شريف عطيفة مستشار وزير الاستثمار في تصريحات لـ”العرب” إن فكرة إنشاء صندوق سيادي لإدارة أملاك الدولة، فكرة جيدة، خاصة إذا كانت ستدير أصول الدولة والأصول غير المستغلة، بشرط أن تديرها جهة محترفة ومتخصصة وتملك الخبرات اللازمة.
وأوضح أن نجاح الصناديق السيادية في الدول العربية سواء الإمارات أو الكويت أو السعودية، يتوقف بدرجة كبيرة على الإدارة المحترفة، منوها إلى أن مثل تلك الخبرة يمكن أن تعظم من قيمة أصول الصندوق بما يحفظ حقوق الأجيال المقبلة، كما أن نجاحه يمكن أن ينعش الاقتصاد المصري بشكل عام.
وتبلغ رؤوس أموال الصناديق السيادية حول العالم نحو 4 تريليونات دولار وهي تتوزع في 35 دولة، أكبرها صناديق النرويج والإمارات والسعودية والصين.
وأشار شريف رأفت رئيس شركة كاسيبون للاستشارات المالية في تصريحات لـ”العرب” إلى أن الصناديق السيادية، إما أن تستثمر محليا أو دوليا. وأكد وجود فرص كبيرة متاحة في المنطقة.
وشدد على ضرورة ألا تكون نظرة الصندوق السيادي محلية فقط بل يجب أن تكون دولية، لأنه قد يحقق عوائد كبيرة في الأسواق الدولية، ويمكن أن يتم توجيه ذلك العائد بعد ذلك للنهوض بقطاعات الدولة المختلفة، مثلما هو الحال في تجربة اليابان.
وأكد أن شرط نجاح الصندوق السيادي المصري الذي ستؤسسه الحكومة، يعتمد في المقام الأول على الإدارة، وأن نجاح الفكرة سيشجع على إنشاء صناديق سيادية أخرى.
وقال عصام خليفة رئيس مجلس إدارة شركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار لـ”العرب” إن مصر قامت بتأسيس صندوق استثمار مغلق خلال عام 1997 وأطلق عليه صندوق الشبح وكان هدف هذا الصندوق هو الاستثمار في أموال شركات قطاع الأعمال العام.
وأضاف أن فكرة إنشاء الصندوق جاءت بعد الأزمة المالية التي ضربت منطقة جنوب شرق آسيا وهددت أسواق المال العالمية، مما دفع الحكومة المصرية إلى تأسيس ذلك الصندوق لاستثمار فوائض الأموال في مختلف الأدوات المالية الآمنة.
وأشار إلى أن المؤسسات المالية والبنوك شاركت في تأسيسه وقام ذلك الصندوق بالاستثمار في البورصة المصرية والأدوات المالية المتنوعة وتضاعفت أسعار أصول ذلك الصندوق خلال سنوات.
وأشار إلى أن صندوق مصر المستقبل الذي تم تأسيسه بعد ثورة 25 يناير 2011 في مصر بهدف إنقاذ البورصة كان مبادرة جيدة لكنه لم يكون على نفس مستوى صندوق أملاك الذي تسعى الحكومة لتأسيسه.
ويصل رأس مال صندوق مصر المستقبل إلى نحو 6.5 مليون دولار وكان مفتوحا أمام الأفراد للاستثمار في وثائقه المالية.