IMLebanon

الحياة في “دولة الخلافة” تزداد صعوبة وتشدداً

isis

كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية في تقرير موسع لها بمناسبة مرور عام على إعلان “الخلافة” التي أعلنها تنظيم “الدولة”، أن الحياة تحت سلطة التنظيم تزداد صعوبة مع تشدد عناصره في تطبيق الأحكام والقوانين، بعد أن بدأ قبل نحو عام تعامله مع الناس بطريقة أكثر اعتدالاً.

وتضيف الصحيفة أنه خلال الأشهر الستة الأولى من سيطرة التنظيم على مدينة الفلوجة الواقعة على بعد 50كم غرب العاصمة بغداد، لم يقم التنظيم باحتكار كل السلطات في المدينة، وكان يسعى إلى ترغيب الناس، ولم يكن متشدداً في تطبيق الأحكام والقوانين التي فرضها على الناس.

وتنقل عن سالم (35 عاماً) الذي يعمل حلاقاً في الفلوجة، أن محله ما يزال مفتوحاً في المدينة، ولكن مع كامل الالتزام بتعليمات التنظيم؛ فممنوع حلق اللحى وممنوع الحلاقة على الطريقة الغربية، حيث أن مثل هذه الأمور قد تعرض الحلاق إلى عقوبات مشددة.

سالم الذي وصل إلى أربيل قبل أيام، قال إن هذه الحدود والتعليمات التي فرضها التنظيم وصار يتشدد بها كثيراً خلال الفترة الماضية أفقدته الكثير من زبائنه؛ الأمر الذي اضطره إلى بيع الخضراوات لغرض سد النقص في دخله اليومي.

ويروي سالم ما وقع له مع ابن عمه يوم زفافه، حين جاءه إلى محله طالباً منه أن يحلق لحيته وليس فقط تصفيف شعره، غير أن سالم رفض في البداية معتبراً أن هذا الأمر قد يلحق به ضرراً كبيراً ويعرضه للعقوبة، إلا أنه وأمام إصرار ابن عمه العريس الذي أكد له أن الوقت ظهر ولا أحد سوف يلحظ ذلك امتثل له.

أيام أربعة فقط بعد زفاف ابن عم سالم، جاءت عناصر التنظيم وألقت عليه القبض إثر بلاغ من مخبر سري للسلطات الدينية في المدينة، وعندما حكم عليه بـ80 جلدة، لم يتحمل منها سوى 50 نقل على إثرها إلى المستشفى.

الكثير من أهالي المدن الواقعة تحت سيطرة التنظيم يسعون للهرب منها واللجوء إلى كردستان العراق، فالمعيشة في تلك المدن سيئة والقوانين صارمة .

والتنظيم وفقاً للهذه العوائل التي فرت مؤخراً إلى أربيل، قد يسعى إلى تجنيد أبنائها في صفوفه، كما أنه قد يزوج بناتها قسراً لمقاتلي التنظيم، فـ”الدولة” هي دولة عسكرية مسلحة والأولوية فيها للقوات المسلحة.

يقول سالم إنه لا أحد يجهل قواعد التنظيم وقوانينه، فهي تقرأ يومياً على مدار عام كامل؛ ومنها ممنوع ارتداء الجينز، وبالنسبة للفتيات يجب ارتداء العباءة والحجاب، وممنوع تدخين السجائر والشيشة إذ تصل العقوبة إلى 80 جلدة، ويمنع استخدام كلمة داعش والقانون يحاسب عليها بـ70 جلدة، وأغلقت محال الخياطة الخاصة بالمرأة إذا كان الخياط رجلاً كما أغلقت محلات تصفيف الشعر الخاصة بالنساء، وأوجب التنظيم أن يكون طبيب النساء امراة وليس رجلاً، كما يجب إغلاق المحال أبوابها وقت الصلاة، كما تمنع النساء من مغادرة منازلهن دون محرم.

وتقول الصحيفة البريطانية، عندما سيطر التنظيم على العديد من المدن في العراق وبدأ تطبيق تعاليمه وقوانينه الخاصة والمتشددة، توقع كثيرون أن تثير سكان المناطق التي خضعت له، خاصة بعد أن بدأ بتدمير بعض المساجد المشهورة في الموصل مثل النبي يونس، إلا أن واقع الحال يؤكد أن لاعلامة من علامات الثورة على هذا التنظيم موجودة، فحتى الحركة المسلحة لعشائر البو نمر غرب العراق سحقها التنظيم بقوة وقتل منهم نحو 864 رجلاً.

سكان المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيم يفكرون في الهرب، ولا يفكرون في الثورة ضده، فالتنظيم يراقب الحركة داخل حدود دولته بشكل كبير.

وعلى الرغم من كل هذه الإجراءات، تقول الصحيفة إن الكثير ممّن تم اللقاء بهم ممّن فروا من مناطق سيطرة التنظيم يؤكدون أن العوائل هناك يفضلون العيش تحت حكم تنظيم “الدولة” والقنابل التي تلقيها الطائرات الحكومية، على المليشيات الشيعية والحكومة العراقية.

وتنقل الصحيفة عن المصور محمود عمر، من أبناء مدينة الرمادي غرب العراق، أن تنظيم الدولة صدم الكثير من الناس بسبب أفعاله، وكان المفروض أن تعاملنا الحكومة بشكل أفضل، لكن الذي جرى أن الحكومة عاملتنا بشكل أسوأ، ويضرب مثلاً على ذلك بالقوات الحكومية التي كانت تسيطر على الرمادي حيث كانت تعتقل العرب السنة وترفض الإفراج عنهم إلا مقابل دفع رشى كبيرة.

وتشير الصحيفة إلى أن هذه واحدة من أبرز مكامن القوة لدى تنظيم “الدولة”، فالمقارنة مع أفعال الحكومة التعسفية بقيادة الشيعة تصب لمصلحة التنظيم.

يقول سالم مقارناً بين الرمادي في زمن تنظيم “الدولة” وبين وضعها قبل ذلك إبان سيطرة الحكومة المركزية عليها: “كانت الرمادي في ظل سيطرة الحكومة بلا ماء ولا كهرباء ولا وقود ولا إنترنت ولا مياه نظيفة، والمستشفى المحلي والمركز الطبي لا يعملان، رغم كل مناشدات السكان”.

لكنها في ظل حكم تنظيم “الدولة”، يقول سالم: “رغم أني تعرضت للجلد على يدهم إلا أنهم قاموا بجلب مولدات كهرباء كبيرة في الرمادي والفلوجة والرقة، كما أعادوا إصلاح محطة الكهرباء الرئيسة في الرمادي، وأعادوا افتتاح المستشفى وجلبوا الأطباء والجراحين من سوريا وعاد للعمل مرة أخرى”.