مراد أحمد
سيج Sage، شركة برمجيات المحاسبة البريطانية، تعهدت بـ “كسر الأغلال” من خلال إصلاح استراتيجي طال انتظاره لتعزيز قدرتها على المنافسة في عالم خدمة السحابة.
أكبر مجموعة برمجيات في المملكة المتحدة من حيث القيمة السوقية تحاول جذب ملايين الزبائن الجُدد مع مجموعة من تطبيقات المحاسبة عبر الهاتف الجوال، يمكن أن تسمح لأصحاب الأعمال بإدارة حسابات شركاتهم من خلال الهاتف الذكي.
وصنعت “سيج” التي يوجد مقرها في نيوكاسل أبون تاين، لنفسها اسما من خلال بيع علب الأقراص المُدمجة لبرمجيات الكمبيوتر إلى نحو ستة ملايين زبون في أنحاء العالم كافة، من الشركات الصغيرة إلى الشركات الكبيرة.
وتعتمد التغييرات المرتقبة على جهود شركة سيج في الأعوام الأخيرة لتعزيز منتجات الإنترنت والهاتف الجوال والمدفوعات الخاصة بها، في مواجهة منافسة شديدة من العاملين ضمن خدمة السحابة، مثل إكسيرو، وإنتويت، ونيت سويت.
وستقوم الشركة المدرجة على مؤشر فاينانشيال تايمز 100 أيضاً بإعادة هيكلة عملياتها لخفض التكاليف وتحرير الأموال لتوسيع ميزانيتها التسويقية.
وقال ستيفن كيلي، الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي للشركة في تشرين الثاني (نوفمبر) “بصراحة، إذا قمنا بالفعل بتصويب وترتيب أمورنا على الوجه السليم، يمكن أن نكون الشركة الأولى في هذه السوق على المستوى العالمي. نحن بالتأكيد سنكسر الأغلال”.
خطط النمو في شركة سيج تبقى حذرة، على الأقل على المدى القصير. في السابق تم وضع الخطوط العريضة لهدف يبلغ 6 في المائة في النمو العضوي للإيرادات بحلول هذا العام – وهو هدف تم تحقيقه في أيار (مايو)، عندما قالت إن إيرادات النصف الأول زادت بنسبة 6.2 في المائة على أساس سنوي لتُصبح 682 مليون جنيه.
بعض المحللين قالوا للشركة إن ذلك الهدف لا ينبغي أن يكون بمثابة “سقف” على طموحاتها. لكن كيلي قال إن العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة ستكون بمثابة “فترة انتقالية”، تحافظ خلالها الشركة على الأهداف الحالية.
إضافة إلى هدف نمو الإيرادات البالغ 6 في المائة، فهي تهدف إلى زيادة الأرباح التشغيلية بنسبة 28 في المائة ورفع أرباح أسهمها بثبات ـ انخفضت أسهم الشركة 6 في المائة لتُصبح 516 قرشا يوم الخميس.
وشدّد كيلي على أنه لن تكون هناك “أي هجرات قسرية” للزبائن الموجودين حاليا، وهذا يعني أن الشركة لن تحاول الضغط على ملايين المستخدمين في شركة سيج للانتقال إلى عروضها الجديدة القائمة على خدمة السحابة ضد إرادتهم وأنها ستستمر في توفير الدعم للإصدارات القديمة من برمجياتها.
جورج أوكونور، المُحلل في شركة بانمور جوردون، كان مُتشككاً فيما إذا كان بإمكان شركة سيج أن تنجح في جهودها الرامية إلى التغيير. وقال “بالنظر إلى أبحاث شركة ماكينزي، أقل من ربع جهود إعادة التصميم التنظيمية تنجح، و45 في المائة منها تفقد حماسها بعد أن تبدأ، والثُلث يفشل في تحقيق الأهداف أو تحسين الأداء بعد التنفيذ”.
وعلّق محللون آخرون على التوازن الدقيق الذي لا بد أن يقوم به كيلي. والمساهمون توّاقون إلى مواصلة الشركة نموها الثابت، وإن كان عادياً.
لكن شركة سيج يجب أن تجد أيضاً الطرق للتحول عن برمجياتها القائمة واسعة الاستخدام، في الوقت الذي بدأ فيه الزبائن على نحو متزايد في استخدام حلول الإنترنت والهاتف الجوال.
وقال كيلي “إن الفترة الانتقالية من شأنها أن تمنح الشركة المجال من أجل التحوّل، مع نمو أقوى متوقع بعد ذلك”.
وتحاول شركة سيج نقل العملاء من دفع رسوم الترخيص إلى الاشتراكات، التي ستقوم بتوفير إيرادات أكثر استقراراً على المدى الطويل. وفي أيار (مايو)، أظهرت تقدّماً في هذه الاستراتيجية، بإعلانها أن الإيرادات المُتكرّرة العضوية زادت بنسبة 7.7 في المائة على أساس سنوي لتُصبح 499 مليون جنيه خلال فترة الأشهر الستة المنتهية في 31 آذار (مارس).
ستيف هير، كبير الإداريين الماليين في الشركة، قال إن هدفها أن تصل الإيرادات المُتكرّرة، التي تُمثّل ثلاثة أرباع مبيعاتها، إلى 90 في المائة من إيراداتها الإجمالية.
وأشار كيلي أيضاً إلى أن عمليات شركة سيج في كافة أنحاء العالم ستخضع إلى عملية إعادة هيكلة. ومن المرجح تغلق الشركة بعض مرافقها الـ 135 التي تُديرها في جميع أنحاء العالم، من أجل تركيز الموارد على “محاور” أكبر في مدن مثل نيوكاسل في المملكة المتحدة، ودبلن في إيرلندا، وأتلانتا في الولايات المتحدة.
التوفير من هذا التبسيط من شأنه المساعدة على زيادة ميزانيتها للتسويق، التي تبلغ حالياً 107 ملايين جنيه، والتركيز على الإعلانات الرقمية، مثل السعي إلى تحسين تصنيفات منتجاتها ضمن نتائج البحث عبر “جوجل”.
وبحسب كيلي، سيكون هناك أيضاً تركيز مُتجدد على جذب الزبائن من خلال “سيج وان،، وهو مُنتج يستهدف الشركات الصغيرة والشركات الناشئة.
ولدى الشركة 115 ألف مُشترك لمُنتج “سيج وان”، لكنها تستهدف زيادة ذلك إلى مليون مُشترك خلال الأعوام القليلة المقبلة. ونجاح المُنتج سيكون مؤشرا أساسيا لآفاقها، إذ يتم اعتباره بمثابة بوابة لبيع مُنتجات سيج الأخرى إلى هذه الشركات.
وخلال حفل عشاء أُقيم أخيرا لمختصين في تكنولوجيا المعلومات، هزَّ كيلي العلاقة الجافة نوعاً ما، بمغادرته المنصّة وإلقاء خطابه وهو يتجوّل بين الحضور، الجالسين على مقاعدهم وهم يأكلون، بينما كان يتحدث عن ملاحظات موجودة على جهاز آيفون.
من خلال أسلوب العرض على نحو سلس، والفك البارز والشعر المُمشط إلى الخلف، كان كيلي “بالتأكيد يبدو مُلائماً لهذا العمل، حتى إن كان غريباً أن يتجوّل حولك أثناء العشاء”، بحسب أحد الحاضرين.
كيلي يتحدث كرجل يريد أن يفعل الأشياء بطريقة مختلفة في شركة سيج. لكن بعض المحللين قالوا إن إعلانه عن الإصلاح كان حذراً، حتى إنه كان غير واضح إلى حد ما.
وقال ريتشارد هولواي، رئيس مجلس إدارة شركة تيك ماركيت فيو: “إن ما كان يخشاه الجميع هو أن كيلي سيأتي، ويرمي كل شيء في الهواء، وجميع الأجزاء الصلبة في شركة سيج ستتدمر. هذه قد تكون تصريحات غير ممتعة، لكنها خطوة بارعة”.
في الماضي، كان كيلي معروفاً بأنه المُحرّك السريع. حيث قام بقيادة كورديانت، شركة التكنولوجيا المُدرجة في بورصة ناسداك، وساعد بتحويل شركة البرمجيات ماكرو فوكس بعد عمليتها الكارثية للاكتتاب العام الأولي.
وحتى العام الماضي، كان كبير الإداريين التشغيليين للحكومة. لقد كانت فترة مُثيرة للجدل في وايتهول، حيث قام بفتح عملية التوريد في مكتب رئاسة الوزارة للشركات الأصغر ويُعزى إليه الفضل في تحقيق مليارات الجنيهات من وفورات الكفاءة.
لكن بعض الوزراء اشتكوا من أن تدفق الشركات الصغيرة خلق ظروفاً “مشوشة” في بعض الدوائر الحكومية.