IMLebanon

إسرائيل: الخلاف يتواصل بشأن حقول الغاز

IsraelGazOil
حلمي موسى
عادت مسألة تقاسم عوائد حقول الغاز في البحر المتوسط إلى الواجهة من جديد في ظل خلاف بين الحكومة الإسرائيلية والشركات صاحبة الامتياز وتدخلات من جانب الكنيست وقوى خارجية.
وكشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس النقاب عن أن «الراعي المالي» لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الملياردير الأميركي اليهودي اليميني شلدون أدلسون سبق وأرسل إلى نتنياهو طالبا منه العمل على تسوية مسألة عائدات الغاز مع شركة «نوبل إنرجي» التي يملك كثيراً من أسهمها. وقد تأجل اتخاذ قرار نهائي في الحكومة الإسرائيلية بشأن الاتفاق مع شركات استخراج الغاز من الحقول البحرية بعد أن رفض وزير الاقتصاد أرييه درعي التوقيع على الاتفاق.
وللمرة الثانية خلال أقل من شهر يمتنع وزير اقتصادي إسرائيلي كبير عن التوقيع على اتفاق مع شركات استخراج وتصدير الغاز. وكان وزير المالية موشي كحلون قد رفض قبل شهر أن يكون مرجعاً في هذا الشأن بسبب علاقته مع كبار المالكين في شركات الغاز. وأمس الأول رفض وزير الاقتصاد أرييه درعي من «شاس» التوقيع على تسوية الغاز أيضاً خشية تضارب مصالح. وحالياً يقود وزير الطاقة يوفال شتاينتس ومستشاره الخاص إيتان شيشنسكي الحملة لزيادة الضرائب على عوائد الشركات العاملة.
وأثارت التسوية التي يجري الحديث عنها انتقادات واسعة في المجتمع والحلبة السياسية في إسرائيل. واعتبر البعض أن كبار رجال الدولة، ممن لهم أصلاً علاقات مع حيتان المال والأعمال في إسرائيل، أرادوا بيع «المال العام» لهذه الحيتان.
واستغلت جهات مختلفة هذه المسألة لمناكفة نتنياهو من جهة ورجال الأعمال من جهة أخرى. وفي المقابل، رأت جهات أخرى أن حجم استثمار الشركات في التنقيب عن الغاز كان عالياً، كما أن إنتاجه يقتضي استثمارات طائلة أخرى، ولذلك ينبغي التساهل معهم.
وكانت الضجة قد ثارت أساساً، ليس فقط بسبب تقاسم العائدات وإنما أصلاً بسبب قانون منع الاحتكارات. وبدا واضحاً أن تحالف «نوبل إنرجي» وشركة «ديلك» الإسرائيلية أنشآ احتكاراً، خصوصا جراء امتلاك هذا التحالف لحقول «تمار» و «لفيتان» و «كريش» و «تنين». وألزمت التسوية هذا التحالف بالتخلي عن حقلي «كريش» و «تنين» خلال 14 شهراً، وتقليص حجم ملكيته في حقل «تمار». وصار واضحاً، جراء العقبات التي توضع، أن مخططات تطوير حقل «لفيتان» لن تنتهي في العام 2018 كما كان مقرراً، بل في العام 2020.
ويرى خبراء أن الضجة سياسية بامتياز، خصوصاً أنه تم التوصل إلى تسوية تقضي بأن تنال الخزينة الإسرائيلية عملياً 60 في المئة من عائدات بيع الغاز، وأن المبلغ المقدر دخوله للخزينة الإسرائيلية من حقول الغاز المعلومة حالياً يبلغ 100 مليار دولار. ولكن هذا الرأي لا يعجب المعارضين، وهم كثر داخل الائتلاف الحكومي وخارجه. ويرى من يحثون إقرار التسوية التي تم التوصل اليها أن خمس سنوات مرت على اكتشاف الغاز والاستثمار فيه لا ينبغي تعطيلها بمنع مكافأة القائمين عليها. فقد وفر هؤلاء لإسرائيل باستثماراتهم فرصة الاستقلال في مجال الطاقة، بعد أن كانت إسرائيل عرضة طوال الوقت لضغوط شركات النفط ثم شركات الغاز من الخارج.
ويعتقد معلقون أن أرييه درعي ورط رئيس الحكومة الإسرائيلية في مسألة الغاز، ودفعه إلى أن يكون المرجع في اتخاذ القرار. فقد تخلى درعي عن صلاحياته بشأن التوقيع على البند 52 من قانون القيود التجارية وأعادها إلى الحكومة. ولم يكن نتنياهو يريد ذلك، لأن تخلي درعي عن صلاحياته يحتاج إلى إقرار من الكنيست ما يوسع النقاش العام بشأن هذه القضية. وفعلاً قفز حزب «العمل» على المسألة، من خلال رئيس اللجنة الاقتصادية في الكنيست إيتان كابل الذي طالب بنقل القرار برمته إلى الكنيست. وهناك من يعتقد أن نقل القرار للكنيست سيخلق أزمة واسعة بسبب تضارب المصالح لدى عدد من أعضاء الائتلاف.
وأمس ازداد الوضع تعقيدا بكشف «هآرتس»، في تحقيق شامل لها، النقاب عن أنه في ذروة الحرب الإسرائيلية على غزة في العام الماضي، توجه الملياردير اليهودي الأميركي شلدون أدلسون لنتنياهو بطلب تعزيز التعاون مع رجال أعمال أميركيين. لكن الطلب العمومي هذا تضمن إشارة تفصيلية واضحة إلى وجوب العمل من أجل حل المسائل المتعلقة بحقول الغاز. والمشكلة هي أن أدلسون، وهو أكبر الممولين لنتنياهو، ومن أشد أعداء الرئيس الاميركي باراك أوباما يرأس هيئة تعتبر «نوبل أنرجي» من أعضائها. وأثار هذا الكشف انتقادات واسعة في إسرائيل، ما اضطر نتنياهو لإصدار بيان يشدد فيه على أنه لا يعمل من أجل تحقيق مصالح أدلسون التجارية.
من المهم الإشارة هنا أيضاً إلى ما كشفت عنه صحف أميركية، وهو أن لوزير الخارجية الأميركي جون كيري استثمارات أسهم في شركة «نوبل إنرجي» بمبلغ يصل إلى مليون دولار. وكانت الشركة الأميركية قد استفادت من حماية القانون الأميركي لها في المفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية بشأن نسب التصدير وتقاسم العائدات.
وفي كل حال وعلى هامش الخلاف داخل الحكومة قررت المنظمات الاجتماعية الإسرائيلية استئناف التظاهرات الاحتجاجية ضد الاتفاق بين الحكومة وشركات استخراج الغاز. ومن المقرر أن تبدأ أول تظاهرة في الحملة الجديدة مساء اليوم بمشاركة عدة آلاف من المتظاهرين في تل أبيب.