Site icon IMLebanon

تسويات تُحضَّر في المطابخ الدولية!

 

 

تتوسّع المشاورات الأميركية الروسية حول ملفات المنطقة، وسط الاتجاهات الجديدة في السياسة الروسية، وإمكان بحث حلول جدّية للمرحلة المقبلة بعد الانتهاء من معالجة ملف إيران النووي وتوقيع الغرب لاتفاق معها قريباً.

ونقلت صحيفة “المستقبل” عن مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على هذه المشاورات، أنّ الإعداد لتسويات يُطبخ في المطابخ الدولية، لكن إنضاج هذه التسويات سيستغرق وقتاً، إنّما يُؤخذ فيه بالاعتبار حفظ مصالح الدول الكبرى والتي تمثّل اللاعب الأساسي في الحلول. كما أنّ الدول الإقليمية المؤثّرة ستكون لها كلمتها في الحلول، بحيث أنّه على الرغم من أنّ الاتفاق النووي يتناول فقط ملف إيران، لكن انعكاسات حلّه، ستطال مجموعة مصالح دولية إقليمية تتقاطع لا سيما بين الولايات المتحدة وإيران والخليج والغرب، وروسيا، فضلاً عن تركيا. وسيتم حفظ حقوق كل دولة، وبالتالي مرحلة ما بعد الاتفاق مع إيران ستبلور معطيات جديدة في المنطقة لا سيما في ملفات سوريا ولبنان والعراق واليمن.

وتكشف المصادر أنّ مصير الرئيس السوري بشار الأسد سيكون لاحقاً محور بحث دولي مع إيران، فضلاً عن نفوذها في لبنان، والموضوع العراقي، والتقارب مع دول الخليج والبحرين واليمن.

روسيا تتحدّث مع الولايات المتحدة حالياً حول الحل في سوريا، لكن روسيا تتّهم واشنطن بعدم الرغبة في إنهاء الأزمة السورية سريعاً وأنّها ليست مستعجلة في ذلك. على أساس أنّه كلما طالت يصبّ ذلك في مصلحة إسرائيل وشرذمة سوريا، وإضعاف الدول العربية. بينما روسيا باتت تسعى لحل سريع وتسوية تضع حدّاً لحمام الدم في سوريا بما في ذلك السعي لإبقاء المسيحيين في أرضهم في الشرق الأوسط وسوريا.

التشاور الروسي الأميركي قائم منذ زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى روسيا في أيار الماضي، وتبعت زيارته زيارات لمسؤولين أميركيين إلى موسكو في مقدّمها زيارة المسؤول عن الملف السوري في الخارجية الأميركية السيد روبنشتاين، ثم زيارة نائبة الوزير لشؤون اوكرانيا فيكتوريا نولاند. ويتصدّر التشاور بين الطرفين ملفَّي سوريا وأوكرانيا، فضلاً عن الملف النووي الإيراني. ما من شك أنّ لإعادة إطلاق التشاور الأميركي الروسي انعكاسات على قضايا المنطقة، بعدما كان التنسيق خلال المرحلة الماضية شبه مقطوع.

الأولوية للانتهاء من ملف إيران، حتى أنّ الملف الفلسطيني، وتحرُّك فرنسا في مجلس الأمن لإيجاد تسوية، جرى تجميده، وضغطت واشنطن على باريس لكي لا يُصار إلى أي خطوة لا سيما إذا ما كانت متّصلة بصورة مباشرة أو غير مباشرة بإيران في المنطقة.

ولن يكون مصير الأسد محور بحث دولي مع إيران فقط، إنّما يبحث بين واشنطن وموسكو، وأنّ التوصّل بينهما إلى أي صفقة لاحقاً في شأن الأسد عبر مرحلة انتقالية للحكم في سوريا، ستطغى على أي اتصالات إقليمية حول ذلك، لا سيما وأنّ أي قوى إقليمية مهما علا شأنه وأياً تكن إمكاناتها لا يمكنها أن تقف في وجه أي اتفاق أميركي روسي حول الأسد. وإذا حصلت التسوية، ستلحق الدول الإقليمية بها. لكن كل الاهتمام بالمنطقة سيأتي في مرحلة ما بعد التوقيع على النووي الذي هو أولوية.

وفي إطار أي تفاهم كبير، سيكون مطلوباً من إيران، وفق مصادر ديبلوماسية، أن تؤدّي دوراً إيجابياً في المنطقة، أي أن الغرب يتمسّك بثلاثة أهداف: الأول، أن توقف دعمها أي منظمات إرهابية مسلحة. والثاني، أن تتعاون مع دول الجوار من دون أن تتدخّل في شؤونها الداخلية، وأن تبدي إيجابية في دعم الحلول الدولية لقضايا المنطقة، وهي ستدعى إلى مؤتمرات حول المنطقة.

وتتوقع المصادر أن أي حل في سوريا سيكون حلاً سياسياً أي أن يحصل تغيير سياسي مع حفظ مصالح إيران ومكاسب روسيا والغرب على حد سواء. الغرب لا يزال يهمّه الحفاظ على أجهزة الدولة ومؤسساتها لكي لا تنفرط كما حصل في العراق. إنّما مصير الأسد والأجهزة الأمنية التابعة له سيتم إيجاد حل لها.

ولبنان لن يكون بعيداً عن ما يُطبخ للمنطقة، وسينعكس ذلك حتماً على ملف الانتخابات الرئاسية بعد فترة الانتظار الراهنة. وتكشف المصادر أنّ الموفد الفرنسي رئيس قسم الشرق الأوسط في الخارجية جان فرانسوا جيرو سيزور بيروت مجدّداً في بدايات شهر تموز المقبل.