جوزف فرح
يتخوف المواطنون والعمال والموظفون من ان تكون «صرخة المجتمع المنتج الذي ضم للمرة الاولى الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام والمهن الحرة، صرخة في واد لا صدى لها عند السياسيين.
ويطرح هؤلاء: وماذا بعد؟ فيرد عضو الهيئات الاقتصادية جاك صراف سريعا بالقول : لقد عقدنا بالامس بعد اطلاق النداء اجتماعا لبعض اعضاء الهيئات الاقتصادية وتداولنا في ما يمكن ان نقوم به، ويوم غد سيعقد المجتمع المنتج اجتماعه في نقابة الاطباء في بيروت لوضع خارطة طريق حول ما يمكن ان نقوم به بعد هذا النداء، انا لا اريد ان استبق هذا الاجتماع ولكن من المؤكد ان هناك بحثاً جدياً في القيام بتحركات ولا نستبعد ان قسما من تحركنا سيكون باتجاه الخارج وعلى كل الاصعدة.
واضاف صراف: بالامس التقينا برئيس غرفة التجارة والصناعة في باريس فاعتبر ان الصورة الجامعة التي كانت في البيال وضمت 31 مرجعية اقتصادية لا يمكن التقاطها في فرنسا ولا يمكن ان تحصل هناك، وقد تبين له ان هذه الصورة الجامعة تعني ان ليس هناك مشكلة اقتصادية واجتماعية، بل ان المشكلة سياسية وليس هناك مشكلة طائفية لان الصورة جامعة مختلف الطوائف، بل المشكلة سياسية بامتياز.
واستغرب صراف الهجمة المضادة من اشخاص ليسوا بعيدين عنا، وهم يعانون مثلنا، ومعاناتنا نقلها الى مجلس الوزراء عندما كان وزيرا، وبالتالي هذا النداء ليس مسيسا، ونحن سنقوم بتحرك باتجاه السياسيين كل السياسيين وبالطبع رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون من اجل الحوار معه حول الشؤون الاقتصادية والاجتماعية المتراجعة. وتساءل: هل نقيب الاطباء العوني مسيس، هل الاتحاد العمالي العام مسيس، هل النداء الذي وجهناه كان موجها ضد احد…. يحق لنا كاكبر شريحة من كل القيادات ان نبدي رأينا وان نؤكد للمجتمع الدولي ان هناك شريحة غير راضية عما آلت اليه الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية. هل انا جاك صراف مسيس، هل كلنا 14 آذار؟ هل المطالبة بانتخاب رئيس للجمهورية وقد يكون العماد ميشال عون واحداً من هؤلاء المرشحين موجهة ضد احد، هل التأكيد الذي اطلقه الرئيس سعد الحريري موجه ضد احد، وبالتالي لماذا ميشال عون لم يستوعب صرختنا ونداءنا، ونحن كما قلت على استعداد للذهاب الى الرابية ومحاورته ليستدعينا ونحن على اتم الاستعداد للحوار معه.
وقال صراف: اذا الشخص ليس من رأينا فليس من الضرورة ان يكون ضدنا، خصوصا ان ارقام المؤشرات الصادرة عن ثلاث مؤسسات رسمية تؤكد على التراجع الاقتصادي والاجتماعي.
ولكن السؤال وماذا بعد؟
يرد صراف ويقول: لقد اطلقنا نداء 25 حزيران وسنجتمع لنقرر الخطوات الواجب اتخاذها ضمن تحرك مقسم وفي المقدمة زيارة كل المسؤولين السياسيين.
بعض المشاركين في النداء قد يقررون خطوات تقصيرية، ولكننا بالتأكيد سنراعي ظروف البلد، خصوصا ان المجتمع الانتاجي سيقوم بدور توحيدي في ظل الانقسامات السياسية الحاصلة، وماذا ننتظر في ظل التصعيد الارهابي يوم امس الاول، من المفروض ان تتوحد الرؤية بين بعضنا البعض.
وردا على سؤال حول هيمنة الهيئات الاقتصادية على نداء 25 حزيران قال صراف: ان الهيئات الاقتصادية ممثلة بعدة قطاعات ورئيسها عدنان القصار الذي تحدث اضافة الى محمد شقير وبيار الاشقر ومحمد صالح وفرنسوا باسيل ونقولا شماس وفادي الجميل، كما تحدث رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن في ظل وجود نواب رئىس الاتحاد، ضمن تركيبة طائفية حافظنا عليها وتأتي من ضمن الفولكلور اللبناني الذي نحبه ونحترمه.
وردا على سؤال حول مقاطعة هيئة التنسيق قال صراف: لقد احبنا مشاركة هيئة التنسيق التي رفضت، كنا نريد ان يشارك القطاع العام في النداء. على اي حال هذا النداء ليس بزيادة العدد او الكراسي نحن لا نريد هيمنة لا بالصوت، ولا بالعدد رغم ان اصحاب العمل هم الذين يعانون وهم الاكثر تأثرا بهذه الاوضاع.
وردا على سؤال حول اعتبار النداء موجهاً ضد ميشال عون قال صراف: النداء الذي اطلقناه موجود، قل لي اين هو موجه ضد ميشال عون، ان مطالبتنا بانتخاب رئيس للجمهورية مقبولة من كل الاطراف حتى البطريرك الماروني لا يترك مناسبة الا ويتحدث عن ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية.
على اي حال فان المجتمع المنتج قد سارع الى التحرك على ضوء المؤشرات الاقتصادية المتراجعة خلال النصف الاول من العام 2015.
مع اقتراب نهاية النصف الاول من العام يظهر التراجع في العديد من المؤشرات الاقتصادية، خاصة القطاعات الاكثر علاقة بالنشاطات الزراعية والصناعية وحتى الخدماتية، وحركة الرساميل الوافدة، والتوظيفات والاستثمارات الجديدة:
1- تراجعت حركة الرساميل والاستثمارات الوافدة خلال الثلث الاول 48% من 5 مليارات دولار في 2014 الى حوالى 2.5 مليار دولار في 2015 (4 اشهر).
2- ازمة التصريف الزراعي التي تأثرت اكثر من غيرها نتيجة عمرها القصير وتقطع الاوصال بسبب التطورات الامنية في سوريا مع الاسواق التي تستورد الانتاج اللبناني، لا سيما اسواق الخليج التي تستوعب وحدها اكثر من 54% من الصادرات اللبنانية الزراعية، ومن ثم الصناعية التي تشكل عصب الحركة الاقتصادية في موضوع التجارة الخارجية اللبنانية.
3- وضع المالية العامة ليس بافضل في ظل غياب الموازنة العامة وعدم القدرة على تحسين الايرادات في ظل تردي الظروف الاقتصادية العامة في مواجهة كلفة تزايد النفقات ونمو كلفة الدين العام الذي ينمو مع نمو كلفة العجز، مضافا اليه التراكمات من اسعار الفوائد، مع انها تراجعت بشكل ملحوظ خلال الفترة الاخيرة.
4- مؤشرات القطاع المصرفي:
تحسن حركة الودائع باكثر من مليار دولار خلال الثلث الاول لتخطى 3100 دولار في بداية النصف الاول من العام.
* تراجعت التسليفات للقطاعات الاقتصادية بحوالى 300 مليون دولار عن الفترة ذاتها من 2014 (بلغ حجم التسليفات للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم 51.4 مليار دولار في نهاية نيسان بزيادة 2.3 مليارات مسجلة زيادة سنوية بنسبة 6.96%).
* الميزانية العامة للمصارف التجارية بلغت حوالى 147.4 مليار دولار (نهاية نيسان)، مسجلة ارتفاعا شهريا بنسبة 1.38% مقابل ارتفاع 0.23% خلال الشهر السابق. وعلى مدار سنة بلغت نسبة النمو 6.97%.
5- المبيعات العقارية، وهي من المؤشرات الابرزعلى النشاط الاقتصادي والحركة التجارية، تراجعت بدورها، حيث تراجعت عن الفترة ذاتها من 2014 حوالى 600 مليون دولار ونسبتها 21%.
وتظهر الاحصاءات ايضا: تراجع عدد المعاملات العقارية بنسبة 18.49% الى 23130 (ايار 2015) مقارنة مع 28377 معاملة خلال الفترة ذاتها من 2014- تراجع مساحات البناء المرخصة 20.71% سنويا الى 4024148 م2 خلال اول خمسة اشهر من 2015 مقارنة مع 5074977م2 للفترة نفسها من العام السابق.
على صعيد اخر متصل، اظهر تقرير التوقعات الاقتصادية اللبنانية LBO (استطلاع اقتصادي لتوقعات اقتصاديين بارزين في مجالهم) عن اداء القطاعات الاقتصادية ومؤشرات الاقتصاد الكلي:
* انخفاض لتوقعات النمو للعام الحالي من 2% الى 1.5%/
* لم يتوقع اي من الاقتصاديين الـ 17 المستطلعين ارتفاعا في العمليات العقارية او ارتفاعا في اسعار العقارات في الاشهر الـ 12 المقبلة، في حين ان 10 منهم توقعوا حصول انخفاض في العمليات والاسعار معا.
* توافق الاراء بين الاقتصاديين ان الاتفاق العام وقطاع المصارف وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمطاعم ستشكل الدافع الاساسي لعملية النمو.
* تشاؤم الاقتصاديين عموما مما كانوا عليه في بداية العام، خصوصا بعد النتائج الاقتصادية المخيبة للامال في الاشهر الاربعة الاولى من العام. فالافق السياسي اصبح اكثر غموضا، ولا يبدو ان الازمة في سوريا ستنحسر. اما المأزق السياسي في لبنان، فاصبح يسبب شللاً شبه كامل في السياسة المالية.