Site icon IMLebanon

الشباب السوري اللاجىء يبني مستقبله بالتكنولوجيا

InternetTechnologySchool
كريستوفر شرودر
ذهبتُ إلى تركيا بتوقعات محدودة. كنت أظن أني سألتقي بأطفال غاضبين ألِفوا حقيقة أنهم لاجئون ورضوا بها”. هكذا وصف مهند غشيم، وهو أحد رواد أعمال التكنولوجيا بمنطقة الشرق الأوسط، أول زيارة له لبلدة ريحانلي بتركيا التي زارها في إطار مشروع تجريبي لتنمية القدرات القيادية من مؤسسة كرم، وهي مؤسسة غير .ربحية تساعد مدارس اللاجئين السوريين

وتأثَّر مهند بشدة بهذه الرحلة وبما لمسه لدى المراهقين السوريين من فضول وتعطش للمعرفة ومهارات وكيف أنهم اكتسبوا مهارات الحاسوب وفكرة تأسيس شركات خاصة بهم. وأضاف قوله “المفاجأة أن الأطفال الأربعة عشر في البرنامج كانوا على أتم استعداد ويحرصون على دراسة كل المواد التي بعثنا بها إليهم.. لقد أنجزوا البرنامج الذي يستغرق أربعة أيام أو خمسة في يومين. كانوا متعطشين للتعلم”.

مصطفى أحد المنتسبين الأربعة عشر الذين شاركوا في مشروع كرم التجريبي لتنمية القدرات القيادية الذي يهدف إلى تسهيل وصول المراهقين من اللاجئين السوريين إلى التكنولوجيا والمُعلِّمين.

إنه شاب طويل ووسيم أتم لتوه الفصل الدراسي العاشر، ويرتدي دائما قبعة البيسبول. وهو من قرية الحولة التي تقع خارج حمص وأصبحت الآن مشهورة بالمذبحة التي شهدتها في عام 2012.

عاش مصطفى في بلدة الحولة، وحضر دورات تدريبية على الحاسوب في حمص منذ أن كان في الفصل الدراسي الخامس. وهو إنسان ذكي، لكنه لا يدرك ذكاءه ونبوغه. تعلَّم بنفسه خمس لغات للبرمجة عبر الإنترنت، وصمم أكثر من مائة لعبة. وقد تشرد عدة مرات قبل أن يستقر في ريحانلي حيث انضم إلى المشروع التجريبي لمؤسسة كرم في نوفمبر/ تشرين الثاني. وأخذ دورة تدريبية في الترميز على برنامج إسكراتش (Scratch coding) مع معلمين آخرين من أمثال مهند وسرعان ما تقدَّم واكتسب المزيد من المهارات ليقوم بتدريس برنامج إسكراتش للأطفال الصغار في المدرسة. وتم تعيينه منذ ذلك الحين ليصبح مُعلِّما في معمل كرم للكومبيوتر.

يعيش اليوم أربعة ملايين لاجئ في أنحاء تركيا والأردن والعراق ولبنان وغيرها، وذلك من بلد يبلغ عدد سكانه نحو 22 مليونا. وحينما يتأمَّل المرء نزوح الناس في الأزمة السورية، يجد أن الأرقام رهيبة إلى درجة أنها أصبحت لغة مجردة. ومن حيث النسب المئوية لسكان الولايات المتحدة، فإن هذا يشبه قولنا إن كل سكان تكساس وكاليفورنيا انتقلوا إلى كندا أو المكسيك في خلال بضع سنوات. أضف إلى ذلك أنه وفقا لتقديرات الأمم المتحدة يعيش ستة ملايين آخرين داخل سوريا بدون الضروريات الحياة الأساسية، ويتعرض اللاجئون داخل حدودهم – فضلا عن كل شيء آخر – لأعمال عنف لا يمكن وصفها.

وتُركِّز معظم منظمات اللاجئين على الأزمة الأساسية، وهي نقص الغذاء والمأوى والرعاية الصحية والسلامة. ولكن مع دخول هذه الأزمة عامها الرابع، ونظرا لعدم وجود أية مؤشرات واضحة تلوح في الأفق على قرب عودة اللاجئين إلى الوطن، ثمة عبارة أصبح من الشائع سماعها وهي أن هناك جيلا يتعرض للضياع بسبب قلة التعليم وغياب طريق واضح إلى مستقبل اقتصادي.

واليوم من شهد أثر الحلول التكنولوجية وقدرتها على التعامل مع المشاكل الكبيرة يؤمن بالتكنولوجيا كحلول لهذه المشاكل.

لقد كان للأمر مغزى خاص لمهند السوري المولد الذي أصبح أسطورة في الشرق الأوسط بوصفه مؤسس مشروع التجارة الإلكترونية الجديد والناجح شوب جو (ShopGO). قال مهند لي موضحا “التكنولوجيا مهمة في هذا السياق لسببين.،الأول أن التكنولوجيا أكسبتني حياة بكل ما تعني الكلمة. وكل السوريين الذين أعرفهم كمهاجرين أو لاجئين يسعون جاهدين لتقبُّل الحياة الجديدة أو الاندماج فيها أو التكيُّف معها أو التأقلم معها. إنها حياة بلا تاريخ، حياة يجب أن تثبت فيها نفسك مرارا وتكرارا”. وبفضل التكنولوجيا، يُمكِنني أنا – أو أي أحد – التحدث بلغة العصر. وأنا مواطن دولي. وأنا بالفعل جزء من العالم الجديد. والثاني، أنه بفضل التكنولوجيا أمكنني تأسيس شركتي بعد شهرين. فالتكنولوجيا رخيصة ويمكن للمرء الوصول إلى الملايين بسهولة. وأستطيع بدء تأسيس شركة والمحاولة والفشل سريعا دون أن أخسر الكثير. وإذا نجحت فإنني أبني وظائف للكثيرين وإذا لم تنجح فإنني حينما أبحث عن وظيفة فهذا ما يبحث عنه الجميع – أيدي عاملة تتمتع بمهارات التكنولوجيا”.

أُطلِق مشروع كرم التجريبي لتنمية القدرات القيادية في نوفمبر/تشرين الثاني من خلال مركز يحوي 22 جهازا للحاسب الآلي. ويشتمل المركز على ورش عمل للمساعدة في تنفيذ التعليم الأساسي والمهارات اللازمة لخلق مورد رزق اليوم وللاستعداد لليوم الذي يعودون فيه للوطن.

تفهم لينة سيرجية عطار التي شاركت في تأسيس مؤسسة كرم أن مصطفى بذرة ونواة – وحينما ينمو ويقوى سيحذو حذوه عشرات آخرون. فالنجاح يولِّد النجاح وأول الغيث قطرة. وهي تبتسم حينما تتذكَّر وتقول “حينما التقينا به أول مرة كان خجولا وحينما سألته ماذا تريد أن تكون؟ رد بقوله “مهندس كومبيوتر”. وهذه المرة كان يبتسم ابتسامة ملؤها الثقة وبدا شخصا آخر وسألته ثانية “ماذا تريد أن تكون” قال “أريد أن أذهب إلى أمريكا إلى أفضل جامعة وأن أصمم أفضل الألعاب”.

إنه يتحدث عبر برنامج واتس آب كل يوم عن مستقبله مع مُعلِّمين آخرين التقى بهم في مشروع كرم التجريبي لتنمية القدرات القيادية.

ويؤمن مهند أن “الوظائف هي جواز السفر إلى المستقبل وأن التكنولوجيا هي جواز السفر السويدي. إنه سيأخذ هؤلاء الأطفال إلى أي مكان”.