مع كل طائرة دريملاينر 787 غادرت خط الإنتاج في مصنع بوينج في إيفريت بالقرب من سياتل في الربع الأول من هذا العام، غادرت معها 26 مليون دولار من الأرباح التشغيلية لشركة صناعة الطائرات.
خفض تكاليف تصنيع طائرة الركاب الرائدة في شركة بوينج، وتحويلها إلى برنامج طائرات مربح، سيكون واحدة من أهم الأولويات بالنسبة لدينيس مولينبرج، المقرر أن يصبح الرئيس التنفيذي لمجموعة الطائرات والدفاع الأمريكية في الأول من تموز (يوليو).
مولينبرج البالغ من العمر 51 عاما، المخضرم في “بوينج”، واضح بشأن المهمة التي يواجهها – ليس فقط في تصنيع طائرة دريملاينر بكفاءة، لكن أيضا التحدي الواسع لإنتاج الطائرات بوتيرة سريعة وقوية بعد أن قامت الشركة بتجميع رقم قياسي من الطلبات المتراكمة لصناعة 5700 طائرة تجارية. كما يعترك أيضا مع تخفيض الإنفاق إلى حد كبير على الدفاع من قبل الحكومات الغربية.
قال مولينبرج، في مقابلة مع “فاينانشيال تايمز” في معرض باريس الجوي في الأسبوع الماضي: “إن تراكم الطلبات هذا يمثل الفرصة الوحيدة الأكبر للشركة. حيث سيسمح لنا باتخاذ القرار المناسب على المدى الطويل بشأن استثمار رأس المال. كما أننا أيضا في موقع يسمح لنا بإدخال الأتمتة إلى المصانع”.
بصفته كبير الإداريين التشغيليين في بوينج خلال العامين الماضيين، كان مولينبرج مسؤولا عن إيجاد الوسائل لاستخراج الأداء التشغيلي الأفضل في أنحاء المجموعة كافة.
وقد استشهد بمثال الـ 60 ألف مربط التي تم وصلها يدويا على كل واحدة من طائرات بوينج 777. الروبوتات، التي سيتم استخدامها على إصدار جديد مقرر للطائرة 777X للحد من المهام التي تتطلب عمالة مكثفة، سيتم نشرها الآن على الأنموذج القائم. يقول: “سنقوم بتخفيض المخاطر أكثر واقتطاع التكاليف”.
المسؤولون في “بوينج” حرصاء على التأكيد على أن ترقية مولينبرج تمثل الاستمرارية مع جيم ماكنيرني، الرئيس السابق ذي الشخصية الجذابة في جنرال إلكتريك الذي قام بقيادة المجموعة على مدى العقود الماضية. وقال مولينبرج إنه كان قد أمضى الشهور الـ 18 الماضية “يتعلم كيف يقوم ماكنيرني بالعمل”.
القرارات الاستراتيجية التي تلوح في الأفق واضحة منذ الآن – خاصة فيما يتعلق ما إذا كان ينبغي على المجموعة إطلاق طائرة تهدف إلى سد الفجوة بين طائرة بيونج 737 وطائرة دريملاينر.
ماكنيرني كان يبدو العام الماضي أنه يستبعد جولة أخرى من الابتكارات المتطرفة عندما قال إنه لن يكون هناك المزيد من “الحلول الضخمة” – وهو تذكير بالألم المالي الذي لحق بشركة بوينج بسبب طائرة دريملاينر، التي دخلت الخدمة في وقت متأخر ثلاثة أعوام في عام 2011، وتجاوزت الميزانية بكثير.
لكن كان يبدو أنه ومولينبرج كانا يقومان بتغيير الأهداف في باريس. قال مولينبرج: “نحن نقوم بدراسة خيارات مختلفة”. وأضاف أنه لا يوجد أي شيء على وشك الحدوث، لكن الأجواء السائدة تتغير، حتى مع اعتراف ماكنيرني الأسبوع الماضي أنه كان هناك طلب على طائرة من هذا القبي
سيكون على مولينبرج التغلب على شركة إيرباص الواثقة على نحو متزايد. والمنافسة بين الشركتين نادرا ما كانت بمثل هذه الشدة.
إيرباص، شركة صناعة الطائرات القائمة في تولوز، حققت السبق في سوق الطائرات قصيرة المدى من حيث الطلبات من أجل إصدار جديد مقرر لطائرة A320، يدعى نيو، الذي سيكون لديه محركات ذات كفاءة في استخدام الوقود مقارنة بالأنموذج القائم. وشركة بوينج تتصدر في مجال الطائرات طويلة المدى ذات المحركين، بعد أن باعت من طائرات دريملاينر أكثر مما يعادلها في شركة إيرباص، وهي طائرة A350.
كلتا الشركتين تقومان بتسريع الإنتاج إلى مستويات قياسية فيما يتعلق بالعديد من برامجهما الخاصة بالطائرات، والفائز سيكون المجموعة التي ستقوم بالتسليم في الوقت المحدد وضمن الميزانية.
في الوقت نفسه، ستكون هناك أيضا أسئلة لمولينبرج حول مستقبل أعمال الدفاع والفضاء في بوينج، التي تقلصت بشكل كبير خلال الأعوام القليلة الماضية، من نحو 60 في المائة من أرباح المجموعة إلى نحو 30 في المائة الآن.
ولأن كثيرا من الحكومات الغربية تقتصد إلى حد كبير في الميزانيات العسكرية، مولينبرج لم يعتذر عن كونه لا يشعر بالتوتر بشأن تقلص أعمال الدفاع في بوينج. وقال: “إذا نظرنا على مدى خمسة إلى عشرة أعوام، سنرى مبيعات الدفاع بين ثابتة إلى حد ما وبين النمو الضئيل. لكن حين يكون خط الإنتاج الأبرز ثابتا إلى حد ما، سنرى نموا في الأرباح”.
بوينج، بالشراكة مع شركة لوكهيد مارتين، تسعى للفوز بعقد لتزويد القوات الجوية الأمريكية بقاذفة ومقاتلة جديدة طويلة المدى. وهي تتنافس ضد شركة نورثروب جرومان.يقول لورين تومبسون، المحلل في معهد ليكسينجتون القائم في فرجينيا: “إن أهم هدف على المدى القريب لدى الشركة هو تأمين عطاء طائرة قاذفة ومقاتلة طويلة المدى، التي في نهاية المطاف يمكن أن تكون بقيمة تبلغ 100 مليار دولار على مدى عدة عقود”.
وقال مولينبرج إنه كان واثقا بصفقة الطائرة القاذفة، لكن من الواضح أن تركيزه الأكبر سيكون على التحديات في مجال الطائرات التجارية. هناك داخلون جدد قادمون – خاصة أن شركة كوماك الصينية من المتوقع أن تقوم في نهاية المطاف بتكثيف المنافسة في سوق الطائرات قصيرة المدى.
ولأن قسم الطائرات التجارية في بوينج يشكل 70 في المائة من مبيعات المجموعة، فإن مستقبل الشركة على المدى القصير إلى المتوسط يعتمد إلى حد كبير على تسليم الطائرات السلس إلى شركات الطيران، والابتكار المستمر.
مبيعات بوينج، التي يغذيها هذا القسم، وصلت إلى 90.8 مليار دولار العام الماضي – مقارنة بـ 52.5 مليار دولار في عام 2004، العام الذي سبق تولي ماكنيرني منصب الرئيس التنفيذي.
إنه مقياس لإنجاز ماكنيرني بأن المشاكل التي تركها لمولينبرج هي في الأساس مشاكل تتعلق بالنمو والاستثمار، وليس ضعف الإدارة.
يقول تومبسون: “عندما جاء ماكنيرني إلى بوينج، كانت منظمة متعثرة إلى حد ما. وقد قام، خطوة خطوة، بتحويلها إلى شركة تعمل بشكل جيد، مع فرص إضافية ضخمة”.
عندما وقف مولينبرج أمام المساهمين في أحد المؤتمرات في أيار (مايو)، كان من الواضح لكثير من الحاضرين أن هناك فصلا جديدا قد تم افتتاحه لمجموعة الطائرات والدفاع الأمريكية.
بعد عقد من الاجتماعات الروتينية مع ماكنيرني، كان كبير الإداريين التشغيليين في ذلك قد جعل المؤتمر يفور فجأة بالطاقة. يقول روبرت ستالارد، المحلل في شركة آر بي سي كابيتال ماركيتس: “قام دينيس بالرقص على المسرح، دون ملاحظات، وكان مسيطرا تماما على كل شيء. كان يقوم بمشاركة فعالة، ومتحمسا للغاية وحقق ما كان متوقعا منه باعتباره مشغلا جيدا بالفعل”. كذلك ترك مولينبرج لدى بعض الجمهور إحساسا بأنهم اختبروا هذا الشعور من قبل. فهو يشبه إلى حد غريب مسؤولا تنفيذيا آخر في مجال الطائرات – توم إندرز، نظيره في شركة إيرباص المنافسة الرئيسية.
مثل إندرز، قضى معظم حياته المهنية في مجال الدفاع. وكان مسؤولا عن عمليات الدفاع والفضاء في بوينج بين عامي 2009 و2013.
يقول بعض المحللين بعضهم في سياتل، موطن أعمال طائرات الركاب في بوينج، ربما يعتبرون تعيين رجل عسكري رئيسا بمنزلة إهانة لقسم الطائرات التجارية الذي يهيمن على مبيعات المجموعة.
لكنها يمكن أن تكون إشارة إلى أن بوينج تنوي أخيرا القضاء على المشكلة التي طال أمدها – كيفية إجبار القسم التجاري وقسم الدفاع على العمل معا بشكل وثيق، وبالتالي تصبح مجموعة أكثر فعالية.