هاجر كنيعو
أظهرت الأرقام التي أصدرها البنك الدولي أن كلفة إرسال تحويلات المغتربين من الولايات المتحدة الى لبنان بلغت 5,95% لمبلغ 500 دولار أميركي ( 29,74 دولار) في الفصل الثاني من العام 2015، أي بإرتفاع عن نسبة 5,29% في الفصل الأول من العام(26,4 دولار) وعن نسبة 5,37% في الفصل الثاني من العام 2014. وتتضمن هذه الكلفة رسوم التحويل وهوامش صرف العملة وهي تمثّل معدّل الكلفة لتحويل الأموال عبر المصارف التجارية ومكاتب تحويل الأموال.
واعتبر البنك الدولي لبنان الوجهة السادسة لأكثر كلفة لتحويل مبلغ 500 دولار أميركي من الولايات المتحدة بين 31 بلد تتوفّر لديه البيانات اللازمة. وقد جاءت نتائج الدراسة في النشرة الأسبوعية لمجموعة بنك بيبلوس Lebanon This Week.
وبحسب الدراسة، بلغت كلفة إرسال مبلغ 500 دولار كندي من كندا إلى لبنان 45,58 دولار كندي في الفصل الثاني من هذه السنة، وذلك مقارنة بـ39,13 دولار كندي في الفصل السابق. واعتبر لبنان الوجهة الأكثر كلفة لتحويل مبلغ 500 دولار كندي من كندا بين 12 بلد تتوفّر لديه البيانات اللازمة.
نسيب غبريل
أمام هذه المعطيات، تطرح عدة علامات إستفهام حول مدى تأثير إرتفاع كلفة التحويلات على قدرة المغتربين في إرسال الأموال إلى ذويهم في وطنهم الأم، ينفي رئيس قسم الأبحاث الإقتصادية في بنك بيبلوس الخبير الإقتصادي نسيب غبريل لـ «الديار» اي توقعات في تراجع حجم التحويلات المالية إثر إرتفاع كلفة إرسال الأموال، بدليل أن حجم الأموال المرسلة من المغتربين لاتزال مرتفعة رغم إرتفاع الكلفة، والتي بلغت 7 مليارات و40 مليون دولار في العام 2014، علماً أن تحويلات المغتربين تمثل ما يقارب 15.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ، وقد سجلت التحويلات السنوية زيادة بنسبة6.1 مليارات دولار بين عاميّ 2005 و2009 ، وإرتفعت إلى 7.2 مليارات دولار بين عاميّ 2010 و2014.
هذا وصنّف لبنان ثاني أكبر متلق للإموال من الأسواق الناشئة نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، وإحتل المرتبة السابعة بين البلدان التي تفوق ثروتها 10 مليار دولار سنوياً أيّ بنسبة 1642 دولاراً للفرد الواحد، من هنا تبرز أهمية التحويلات في زيادة الطلب وحجم الإستهلاك.
إلا أنه في المقابل، لم يستبعد غبريل إمكانية إرتفاع حجم تحويلات المغتربين في حال خفضت هذه الكلفة المترتبة على إرسال التحويلات « غير أنه من المرجح في هذه الحالة أن يستقر معدل الأموال التي يرسلها المغترب سنوياً إلى لبنان على 5 آلاف و720 دولار أميركي، ويحتفظ بفارق الكلفة نظراً لإحتياجاته المتزايدة والضرائب الباهظة التي تقع على عاتقه في بلدان الإغتراب».
وإعتبر غبريل أنه من غير الممكن التوقف عند اسباب تصدر لبنان لائحة الوجهات الأكثر كلفة لتحويلات المغتربين، في وقت يعتبر لبنان الوجهة الرابعة الأكثر كلفةً لتحويل من استراليا بين 11 بلد تتوفّر لديه البيانات اللازمة، والوجهة السادسة من الولايات المتحدة الأمريكية ما يعني أنه في المقابل يوجد بلدان أكثر كلفةً، بالإضافة إلى أن الدول الأخرى التي تشكل مصدراً أساسياً للتحويلات مثل الدول الأفريقية والخليج العربي غير ممسوحة في هذه الدراسة بالتالي لا نستطيع الإستناد إلى بلدين أو ثلاثة بلدان لمعرفة الكلفة الحقيقية في كل أنحاء العالم.
مقاربة حكومية لموضوع المغتربين
وفي نظرة أشمل وأوسع على وضع المغتربين في لبنان، إستنكر غبريل عدم وجود مقاربة حكومية دينامية لموضوع المغتربين أو سياسة شاملة تهدف إلى تحسين العلاقات أو الروابط مع المغتربين اللبنانيين الذين لا يتجاوزون في عددهم المليون و500 ألف مِّمن هم لا يزالون على تواصل مع ذويهم في إرسال التحويلات «أمّا الحديث عن وجود ما يقارب 9 ملايين و16 مليون مغترب وغيرها من الأرقام العشوائية فهو أقرب إلى الوهم». ودعا إلى ضرورة وضع إستراتيجية واضحة محددة الأهداف ترتكز على الأمور الأتية:
– منح المغتربين حقهم في الإقتراع في السفارات اللبنانية في الخارج مما يعزز شعور الإنتماء لديهم، الأمر الذي بدوره يؤدي إلى زيادة التحويلات وبالتالي إلى زيادة الإستثمارات.
– تلافي زيادة الضرائب على الودائع المصرفية وحتى خفضها، تجنباً لدفع الضريبة المزدوجة ، ففي الخارج يدفع المغترب ضرائب كبيرة على دخله ليأتي إلى لبنان ويدفع مرة أخرى ضريبة على الودائع المصرفية.
– المغترب لم يعد همه كلفة العقار أو معدل الفائدة على ودائعه، بقدر ما اصبح يطرح اسئلة حول مكافحة التهرب الضريبي التي وقعت عليها الدول الأوروبية، ومكافحة تبييض الأموال. من هنا لا بد من إقرار مجلس النواب ثلاثة مشاريع قوانين أساسية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الأرهاب التي تقبع في إدراج المجلس منذ 3 سنوات.
– تطوير المناخ الإستثماري في لبنان الأمر الذي يشجع على زيادة التحويلات المالية من الخارج.