لا تتوقف عجلة تطوير مشاريع الخطط الاستراتيجية في دول مجلس التعاون الخليجي التي ستتواصل على مدى نحو 20 سنة. وتتصل هذه الخطط بالنظرة العامة لما يجب أن تكون عليه الدول على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وكل القطاعات الرئيسة، التي لا بد لها أن تعمل على تعزيز الاستفادة من الثروات واستغلالها في كل مرحلة من النمو المستهدف.
ولاحظت شركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي، أن خطط التنمية في دول المنطقة «تتشابه بالأهداف العامة وتختلف بآلية التنفيذ ومراحله». واعتبرت أن صمود اقتصادات دول المنطقة بعد سنة من بدء تراجع أسعار النفط إلى مستويات متدنية «شكل دليلاً على بداية الدخول في مرحلة التقويم والتعديل لتحقيق مزيد من النجاح في الخطط المستقبلية».
وأشار التقرير إلى أن مشاريع الطرق والسكك الحديد في دول مجلس التعاون «تشهد تركيزاً استثمارياً غير مسبوق حالياً، فيما تستحوذ على الحصة الأكبر من الإنفاق الحكومي، ولم يطرأ على الخطط والمشاريع المتصلة بقطاع النقل والمواصلات أي تغيير أو تأجيل أو إلغاء». وأظهرت البيانات أن كلفة مشروع الربط الخليجي الموحد من خلال السكك الحديد ستتجاوز 20 بليون دولار، وهو يشكل إضافة مهمة لمنظومة النقل في دول المنطقة كماً ونوعاً، وتمثل جزءاً من الخطط التنموية الطويلة الأجل التي تستهدف تحقيق التكامل والتوافق بين دول المنطقة، مع الأخذ في الاعتبار أهمية النقل والربط بالسكك في القدرة على تيسير التجارة والتنشيط الاقتصادي على مستوى دول المنطقة والعالم». يُضاف إلى ذلك «خفض آثار النقل البري على البيئة تحقيقاً لمفاهيم الاستدامة». وتستهدف دول المنطقة حالياً «توفير شبكات سكك حديد عالمية المستوى، تتسم بالفعالية والأمان وتحسين كفاءة شبكات الخدمات اللوجستية لدول المنطقة، التي تتوسع في شكل كبير».
ولفت التقرير إلى أن مشاريع الطرق والمواصلات ومترو دبي «كانت الملهم الأول لانطلاق عدد من مشاريع الطرق والمواصلات في دول المنطقة. وتستعد دبي لتنفيذ خطة زيادة طول «الخط الأحمر» للمترو ليصل إلى موقع معرض «إكسبو 2020».
وتستعد إمارات الدولة لـ «بدء مشروع قطار الاتحاد الذي سيربط كل الإمارات بشبكة نقل ومواصلات فريدة تقدر كلفتها بـ 40 بليون درهم، والمتوقع انطلاقه بحلول عام 2018». وسيؤمّن المشروع لدى تشغيله آلاف فرص العمل مع توسيع طاقته وبدء خدمات نقل الركاب.
وتشهد المملكة العربية السعودية أيضاً حركة قياسية في هذا المجال، إذ أظهرت البيانات أنها «أنفقت ما يزيد على 90 بليون دولار على هذا القطاع، وتتضمن الخطة خمسة مشاريع للمترو والحافلات وآلاف الكيلومترات من شبكات السكك الحديد خلال السنوات العشر المقبلة في مدن المملكة الرئيسة». يُضاف إلى ذلك «استثمار نحو 51 بليون دولار في العمليات التشغيلية».
وأشار التقرير إلى أن المملكة تستهدف أن «تصبح محوراً مهماً في مجال النقل والمساندة بإنفاق ما يزيد على 13 في المئة من المصاريف الحكومية، انسجاماً مع استراتيجية جديدة تضع قطاع النقل ضمن أولوياتها، إلى جانب قطاعي الطاقة وتقنية المعلومات».
وفي قطر، ترتبط مشاريع الطرق والمواصلات في شكل مباشر باستضافة «مونديال 2022» وبـ «رؤية قطر 2030»، وفقاً للتقرير. إذ تظهر التقديرات أن القطاع الخاص «يساهم بأكثر من النصف في مشاريع النقل وهي تشمل المطارات والموانئ والقطارات، وتصل القيمة الإجمالية لمشاريع النقل والسكك الحديد في قطر إلى 40 بليون دولار». ويحظى قطاع النقل والمواصلات بـ «اهتمام الجهات الرسمية باعتباره مقياساً للتطور ونهضة الدولة ورفاهية المجتمع». وتسعى قطر إلى «استخدام أحدث التقنيات في مجال النقل لتقليص التأثيرات على البيئة وزيادة معدلات النمو، مع تأكيد مساهمة حزمة المشاريع الجاري تنفيذها في زيادة الناتج المحلي».
ولفت تقرير «المزايا» إلى أن قطر «تعمل على تحسين بنيتها التحتية كي تجاري الدول المتقدمة في هذا المجال، مع الأخذ في الاعتبار شمول مشاريع الطرق والمواصلات كل مدن الدولة». ويُعتبر قطار المسافات الطويلة «أحد مشاريع التنمية الوطنية وهو أكبر مشاريع النقل في نظام السكك الحديد. وسيحدث ثورة على مستوى نقل المسافرين والبضائع، وتقدر كلفته بـ 35 بليون دولار». وسيربط برنامج تطوير السكك الحديد القطري المراكز السكنية والصناعية الرئيسة في الدولة، بالشبكة الرئيسة لدول مجلس التعاون».
وأكد التقرير أن التحول الكبير في خريطة الاستثمار خلال السنوات الماضية «دليل على أهمية هذا القطاع في تحقيق أهداف التنمية».
وسيكون لمشاريع النقل والسكك الحديد والمترو في دول المنطقة «أثر إيجابي في الحركة الاقتصادية والإنتاجية والمنافسة، في حين ستتمكن الدول من تحقيق وفر مالي كبير نتيجة رفع كفاءة القطاع وسهولة حركته وشموله على مستوى الدول والإقليم من خلال مشاريع الربط». وأفاد التقرير بأن تطوير طرق النقل في دبي «وفّر نحو 72 بليون درهم خلال السنوات السبع الماضية، إضافة إلى تقليص الوقت والجهد، لأن لدى الإمارة نظام مواصلات يُعتبر الأسرع مقارنة بـ 12 مدينة عالمية». ولم يغفل التقرير أن «لا حدود لعائدات مشاريع الطرق والنقل الاستثمارية، وسيكون لتطوير شبكات الطرق والمواصلات دور مباشر في رفع جدوى الاستثمار في قطاع الخدمات اللوجستية، الذي يشهد توسعاً ملموساً».