آن سيلفين تشاساني
نزهة في الشمس في حديقة كلية باريس للاقتصاد يمكن أن تكون أفضل، لكن فات الأوان. نحن في “لي جاردان دي بول ها”، المخبز الذي تحول إلى مطعم للمأكولات الجاهزة في المنطقة 14، وتوماس بيكيتي أخذ يقضم واحدة من البيض المسلوق.
إنه على بعد خمس دقائق سيرا على الأقدام من مكتب الرجل الذي تشير إليه وسائل الإعلام بـ “عالم الاقتصاد المشهور مثل نجوم الروك”، لكن من الصعب أن تجد الكثير من البريق هنا أو في حياته هذه الأيام. نجاح كتاب بيكيتي “رأس المال في القرن الحادي والعشرين” (2013)، الذي يقع في 700 صفحة ويعتبر بشكل مفاجئ أكثر الكتب مبيعا، ألقى به في زوبعة وسائل الإعلام لمدة عام. لكن الآن صاحبه يتوق للحياة الطبيعية. كنا في غرفة خلفية مهجورة نتناول وجبتنا من عبوات بلاستيكية على صوان زرقاء داكنة، بينما يوجد ملصق متقشر باهت للشاطئ في جزر سيشيل على الحائط إلى جانبنا.
واضعا ساقا على ساق ومائلا على الكرسي الفارغ بجانبه، يشرح بيكيتي: “لقد كانت لدي مراحل ترويج للكتاب ومؤتمرات، أستمتع بها كثيرا، لكني في حاجة إلى العودة إلى الحياة الطبيعية،”. ويتابع متنهدا وعيناه تدوران في محجريهما: “الحياة العادية موجودة في مكتبي من الساعة التاسعة صباحا حتى السابعة مساء. ليس هناك شخص يزعجني.
الناس لا يدركون أن البحث يتطلب وقتا وهدوءا. كذلك استراحة لمدة ساعتين لتناول طعام الغداء …”.
كنت قد لمحت المسكن الطبيعي لبيكيتي عندما أخذت الباحث البالغ من العمر 44 عاما من مكتبه الذي تبلغ مساحته 12 مترا مربعا، عبارة عن غرفة خانقة تقع في مبنى رمادي يعود إلى فترة ما بعد الحرب. وهذه الغرفة تعد موطنا لمؤسسة بحثية ساعد في إنشائها عام 2006.
كتاب “رأس المال في القرن الحادي والعشرين” يدعي أن الرأسمالية، بحكم طبيعتها، تفاقم عدم المساواة، (نشر الكتاب لأول مرة باللغة الفرنسية عام 2013 ثم باللغة الإنجليزية بعد ثمانية أشهر)، وبذلك أثار جدلا عبر الأطلسي، ووضع وجها لوجه أنصار تدخل الدولة ضد المؤمنين بالسوق الحرة.
وفي حين أن المعلقين أثنوا بشكل واسع على البيانات حول الدخل وتوزيع الثروة، إلا أن نظريات واستنتاجات بيكيتي – أن نسبة الدخل والثروة التي تذهب إلى أغنى 1 في المائة وصلت إلى مستوى مرتفع تاريخيا، وأن العائد على رأس المال يتجاوز عادة النمو الاقتصادي، ما يؤدي إلى زيادة تلقائية في عدم المساواة – تعرضت أيضا للهجوم. ومع دعواته لفرض ضرائب أعلى ومزيد من الضوابط التنظيمية، فقد أصبح محبوبا من اليسار وعدوا لليمين.
تأثير الشهرة
بينما كنت أنتظر حتى تبرد المعكرونة التي سخنت في فرن مايكرويف، أسأله كيف يكون الشعور أن تكون من المشاهير. بيكيتي، يرتدي قميصا ضيقا أزرق فاتح مع عدم إغلاق الزرارين العلويين، يقول إنه يرحب بذلك طالما أنه يترجم إلى بيع المزيد من الكتب. وقد تم شراء مليوني نسخة حتى الآن، كما يقول بسرور.
ويضيف: “نجاح كتابي يبين أن هناك الكثير من الناس الذين هم ليسوا اقتصاديين، لكن تعبوا من أن يقال لهم إن هذه الأسئلة تعتبر معقدة جدا بالنسبة لهم”، وهو يختار شريحة خيار غارقة في المايونيز. ويتحدث بسرعة ومع كثير من حركات اليد. إنه متشوق لمعرفة عمري – “أوه، إنك أصغر من أختي” – ويستفسر حول مسيرتي المهنية. إنه ينضح بالثقة بالنفس.
“في كثير من الأحيان، يبني الاقتصاديون نماذج رياضية معقدة جدا حتى يظهروا بمظهر العلماء من أجل إثارة إعجاب الناس. ليس لدي شيء ضد الرياضيات – دراستي الجامعية الأولى كانت في الرياضيات – لكن كان الهدف في العادة إخفاء نقص في الأفكار”. ويقول: “ما يسرني أن هذا الكتاب يصل للناس «العاديين»، إلى جمهور واسع إلى حد ما. والدتي مثال على ذلك”، مضيفا أنها نادرا ما تقرأ الكتب الأكاديمية الكبيرة ومع ذلك فهمت كل شيء فيه.
الخلفية اليسارية
عندما كنت أسأل ما إذا كان للخلفية العائلية اليسارية لبيكيتي أي علاقة باهتمامه الأولي بعدم المساواة، يرفض هذا الربط. لم تكن السياسة تناقش في المنزل، كما يقول. كان والداه في شبابهما نشطاء تروتسكيين مع لوت أوفريير. لكنهما تركا الحزب اليساري المتطرف قبل أن يولد. مثل كثير من الشبان المتطرفين الذين يعيشون في مرحلة ما بعد أيار (مايو) 1968 في فرنسا، كانت تغريهم الحياة في الريف الذي انتقلوا إليه من العاصمة في منتصف السبعينيات. ولمدة ثلاث سنوات، رعوا الماعز وباعوا الجبن في الأسواق في كاستيلنو دود، وهي قرية قرب ناربون جنوبي فرنسا. على الرغم من أنه ليس لدى أمه أو أبيه شهادة البكالوريا، الثانوية العامة الوطنية، أخذت والدة بيكيتي في وقت لاحق دروسا ليلية للتدريب مدرسة في المدارس الابتدائية، وأصبح والده فني أبحاث في المعهد الوطني للبحوث الزراعية.
وهلل كلاهما عندما انتخب زعيم الحزب الاشتراكي، فرانسوا ميتران، رئيسا للبلاد في عام 1981. ويقول بيكيتي: “إنهما منذ فترة طويلة في انتظار اليسار ليصل إلى السلطة”. لكن جده لوالده “الذي من خلفية برجوازية،” أعطى صوته لمرشح يمين الوسط، فاليري جيسكار ديستان. ويضيف “كما هو الحال في أي عائلة أخرى، بعضهم يصوت لليسار، وبعض يصوت لليمين. أنا أحبهم كلهم!”.
كان والداه معارضين للانتهازية، كما يقول. لم يكن لهما شأن بدخوله مدرسة المعلمين العليا، واحدة من “المدارس العليا” الأكثر تنافسية في فرنسا، عندما كان عمره 18 عاما، أو لعمله مدرسا في معهد ماساتشيوستس للتكنولوجيا بعد حصوله على إجازة الدكتوراه وعمره 22 عاما. لكنهما علماه “الحكم الذاتي، لأثق بنفسي” – وهو النهج الذي يقول إنه يكرره مع بناته الثلاث، جولييت (18 عاما)، وديبورا (15 عاما)، وهيلين (12 عاما).
تشكيك “فاينانشيال تايمز”
أنا عاقدة العزم على إعطاء البولونيز (مرق كثيف قوامه اللحم المفروم) فرصة، لكن المعكرونة العريضة المطهوة جيدا تعيد لي ذكريات سيئة عن مقصف مدرستي. وبالنظر إلى تاريخ الجدل بين الباحث الفرنسي و”فاينانشيال تايمز”، أتساءل عما إذا كان المقصد من غدائنا الانتقام. ففي النهاية، يشير بيكيتي إلى مقال مثير للجدل يسلط الضوء على تناقضات في بحثه. فحالما بدأنا في تناول المأكولات اللذيذة، قال مازحا إنه لا يريد أن يكلف “فاينانشيال تايمز” الكثير من المال بالنظر إلى كل “الدعاية المجانية” التي منحتها له.
بصورة ملحوظة، تحليل “فاينانشيال تايمز” شكك في استنتاج بيكيتي أن التفاوت في الثروة اتسع في المملكة المتحدة. لكنه أجاب عن الادعاءات بالتفصيل ودافع عن منهجه، بحجة أنه حتى لو كانت الانتقادات حقيقية، فإن التناقضات لن تغير النتائج التي توصل إليها.
ويقول بطريقة محسوبة: “فاينانشيال تايمز؟ لم أقرأها حقا أبدا. آسف، ما كان يجدر بي أن أقول ذلك!”. ويضيف: “أجد أنها متوقعة إلى حد ما. عندما قرأت أول جملتين، أشعر أنني أعرف بقية المقال. حسنا، ذلك ليس دائما. وبعد ذلك هناك الجائزة. الأمر كله يبدو مربكا إلى حد ما”، مشيرا إلى أن “رأس المال في القرن الحادي والعشرين” فاز بجائزة “فاينانشيال تايمز وماكينزي” لكتاب الأعمال لعام 2014.
توماس بيكيتي داخل مكتبه في باريس وعلى يده نسخة من كتابه “رأس المال في القرن الحادي والعشرين”. «رويترز»
من الواضح أنه تحمس لموضوعه، ويواصل قائلا إنه قد يكون من الخطأ بالنسبة لـ “فاينانشيال تايمز” أن تنكر اتساع التفاوت في المملكة المتحدة “للدفاع عن مصالح قرائها”.
وحين رحت أعترض، أدركت أن بيكيتي يظن أنني هنا فقط لتمثيل مصالح أعلى 1 في المائة. عندما اتفقنا على اللقاء قال إننا قد نسير إلى حانة “بسيطة تقدم السلطة والشطائر”، مؤكدا مدى “اهتمام قراء فاينانشيال تايمز بالفاتورة”.
طوابير موسكو
يقول بيكيتي إن اهتمامه بعدم المساواة تبلور بعد انهيار جدار برلين وحرب الخليج الأولى. ويتذكر زيارة إلى موسكو في عام 1991 أثارت خلالها انتباهه بشدة “الطوابير أمام المحال التجارية”. وعاد مطعما ضد الشيوعية – “أنا أؤمن بالرأسمالية والملكية الخاصة، والسوق” – لكن أيضا مع سؤال أساسي: “كيف نفسر أن خوف هؤلاء الناس من عدم المساواة والرأسمالية في القرنين الـ 19 والـ 20 إلى درجة أنهم أنشأوا مثل هذه البشاعة؟ كيف يمكننا معالجة عدم المساواة دون تكرار هذه الكارثة؟”.
ويعتقد أن حرب الخليج الأولى أثبتت تهكم الغرب: “لقد قيل لنا باستمرار إن الدول لا تستطيع أن تفعل أي شيء، ومن المستحيل أن تنظم جزر كايمان والملاذات الضريبية الأخرى لأنها قوية جدا، وفجأة دون توقع نرسل مليون جندي على بعد عشرة آلاف كيلو متر من البلاد …”. أنا في منتصف طريقي لتناول البولونيز الفاتر، عندما كنت أسأله لماذا كان لدى عمله هذا الأثر في الولايات المتحدة، مع أنه في فرنسا سمع الناس به بشكل بسيط وقت النشر الأصلي.
يقول بيكيتي إنه استحوذ على الانتباه الأمريكي في عام 2003، عندما جمع مع إيمانويل سايز، وهو مختص اقتصادي فرنسي يدرس في جامعة كاليفورنيا، أول بيانات تاريخية عن أغنى الناس في الولايات المتحدة.
في عام 2009، استخدم الرئيس المنتخب حديثا، باراك أوباما، رسما بيانيا للاقتصاديين الفرنسيين أظهر أن عدم المساواة كان يعود إلى ذروتها في عام 1929. ويتذكر: “أصبحنا هدفا لمراكز الأبحاث التابعة للجمهوريين”. ومن رأيه أن النسخة الفرنسية من الكتاب كانت بمنزلة دعابة لأولئك النقاد، ما يساعد في دفعه إلى أعلى قائمة أفضل الكتب مبيعا في “أمازون” لمدة ثلاثة أسابيع عندما أطلقت نسخته الإنجليزية.
“صعود أعلى 1 في المائة هو شأن أمريكي. ليس من قبيل المصادفة أن حركة احتلو وول ستريت حدثت في وول ستريت، وليس في بروكسل وباريس أو طوكيو. إنها مختلفة في أوروبا. هنا، عدم المساواة يأخذ شكل البطالة والدين العام”.
ضريبة ريجان
على الرغم من أن بيكيتي يعترف بأن ضريبة الثروة العالمية التي يوصي بها هي حلم يشبه “المدينة الفاضلة”، إلا أنه يقول أيضا إن ضريبة تزيد على 80 في المائة على الأرباح التي تتجاوز مليون دولار قد تنجح. ويواصل القول إنه، في الواقع، كان هذا المعدل مطبقا لمدة خمسة عقود قبل رئاسة رونالد ريجان، ومن شأنه أن يضع حدا للرواتب والتعويضات الضخمة التي يتلقاها التنفيذيون، دون الإضرار بالإنتاجية.
ويلاحظ أن هذا المعدل المرتفع “لم يقتل الرأسمالية الأمريكية في ذلك الحين – ارتفعت الإنتاجية أسرع في ذلك الوقت. هذه الفكرة، التي تنص على أنه لن يقبل أحد أن يعمل بجد مقابل أقل من عشرة ملايين دولار سنويا (…) لا بأس في أن ندفع مبلغا من المال يقدر بعشرة أضعاف أو 20 ضعف راتب العامل العادي، لكن هل أنت بحاجة حقا لتدفع لهم 100 أو 200 ضعف حتى تجعلهم يبذلون جهدا في العمل؟”.
هل معنى ذلك أنه أشاد بفرانسوا هولاند عندما فرض الرئيس الاشتراكي ضريبة بنسبة 75 في المائة على أرباح تتجاوز مليون يورو؟ يقول بيكيتي وهو يقضم فتات الرغيف الفرنسي: “هذا كان من باب التظاهر والاستعراض. أولا، لأنه لا يوجد الكثير الذين يكسبون هذا المبلغ من المال في فرنسا. ولأن، وأنا متأكد من أنكم لاحظتم ذلك، فرنسا بلد أصغر من الولايات المتحدة. ويمكن للمقر الرئيسي الانتقال بسهولة إلى أمستردام. يجب عليك توخي الحذر”.
ومع إدراكي أن موضوع الثروات الشخصية مجال يتطلب حذقا ومهارة، قررت مع ذلك اختبار مكانة بيكيتي المكتسبة حديثا كصاحب ملايين. هل معنى ذلك أنه أصبح الآن يخضع لمعدل 75 في المائة؟ لدهشتي، يجيب بكل سرور مع تفاصيل: الدولة ستفرض ضريبة ما بين 60 و70 في المائة على دخله هذا العام. ويقول: “معدل ضريبة بنسبة 90 في المائة لن يزعجني. سيظل لدى مال كثير، على اعتبار أننا نتحدث عن عدة ملايين. لقد استفدت من نظام التعليم والبنية التحتية العامة. أصبحت محظوظا أيضا (…) فكرة أن بيل جيتس اخترع الكمبيوتر وحده، هذه نكتة. من دون باحثي علوم الحاسوب الذين لم يقدموا براءة اختراع لعملهم، من الذي كان سيخترعه؟”.
بيكيتي، الذي انفصل عن والدة بناته منذ عدة سنوات وتزوج جوليا كاجيه، المختصة الاقتصادية الفرنسية البالغ من العمر 31 عاما التي التقاها في كلية باريس للاقتصاد في الآونة الأخيرة، ليس عبدا للمال. “أنا محظوظ بالحصول على وظيفة رائعة، وأعيش في أجمل مدينة في العالم، ولدي ثلاث بنات رائعات، وزوجة رائعة”.
أزمة اليورو
نغرس الشوك البلاستيكية في قطع الأناناس، المقطعة مسبقا عل شكل مربعات صغيرة ـ تبين أنها قمة الطهي في هذا الغداء، ناضجة وناعمة. ويقول بيكيتي، هولاند شخص “ميؤوس منه”. بيكيتي رفض في كانون الثاني (يناير) جائزة وسام جوقة الشرف لأنه، كما قال ذلك الحين، لم يكن لدى الدولة “الحق في تحديد من هم الشرفاء”. ويواصل القول، لقد فشل الرئيس الفرنسي في تحقيق وعد حملته الانتخابية بتغيير حالة التقشف السائدة في أوروبا.
هذا يجعله مسؤولا، مثل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، عن مشاكل منطقة اليورو. ويسخر قائلا “لقد استبدلنا ميركوزي (ميركل ـ ساركوزي) بميركولاند (ميركل ـ هولاند). أوروبا تختار الطريق الخطأ، طريق الندم الأبدي (…) سيكون من الكارثة إجبار اليونان على الخروج من منطقة اليورو”.
ومن المثير للسخرية، كما يقول، أن يفرض التقشف على اليونان المثقلة بالديون من قبل بلدين، وهما ألمانيا وفرنسا، استفادا من إلغاء الديون بعد الحرب العالمية الثانية: وهي الخطوة التي جعلت من الممكن تحقيق نمو على مدى 30 سنة في القارة. ويقول: “هناك نوع من فقدان الذاكرة الجماعي، إنه هذا الإلغاء الذي سمح لهما بالاستثمار في التعليم والابتكار والبنية التحتية العامة.
والآن، هذان البلدان نفسهما يقولان إن اليونان ستضطر لدفع 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمدة 30 عاما. من يستطيع أن يصدق هذا؟”. ويتنهد قائلا إن دور صندوق النقد الدولي في المحادثات اليونانية “كارثي”.
أزمة منطقة اليورو، وفقا لبيكيتي، هي علامة على حوكمة معيبة بشكل كبير، حيث يقرر زعيمان فقط من الذين يدعون إلى “إجراء إصلاح ديمقراطي للمؤسسات الأوروبية (…) هذا فقط لأننا غير قادرين على تنظيم أنفسنا سياسيا وأننا في أوضاع سيئة للغاية”. ويقول: “من وجهة نظر الاقتصاد الكلي، اليونان غير مهمة”.
ويلاحظ أن منطقة اليورو تتبع مثال المملكة المتحدة التي قضت القرن التاسع عشر في سداد كومة ديونها الضخمة الموروثة من الحروب النابليونية مع وجود فوائض الميزانية. نجحت في ذلك – لكنها استغرقت 100 سنة، أهملت خلالها المملكة المتحدة نظامها التعليمي.
زيارة المغرب
ويقول إنه يأمل في بقاء المملكة المتحدة داخل الاتحاد الأوروبي، وليس اختيار أن “تصبح مجرد ملاذ ضريبي مع مركز مالي كبير”. ويحذر، مع ذلك، من أن لندن بحاجة إلى أن تدرك أن أوروبا ليست “حول التربح من التداول الحر للسلع من الجيران في حين تشفط قاعدتهم المالية العامة”.
ويضيف: “كنت أفضل انضمام توني بلير إلى منطقة اليورو بدلا من إرسال قوات إلى العراق، لكن أستطيع أن أفهم لماذا منطقة اليورو ليست جذابة في هذه الأيام. ربما في عام 2040، من يدري؟”.
قيل لنا إن القهوة والكيك في طريقها إلينا لكن بيكيتي حريص على العودة إلى مكتبه. وأثناء تناولي الكيك بالسكر ذي القوام المطاطي بأصابعي، لعدم وجود شوك أو سكاكين، أحاول الحصول على بضع دقائق إضافية للحديث عن خطط بيكيتي. “مواصلة البحث”، كما يقول.
إنه يعمل على توسيع قاعدة بياناته حول الثروة في أمريكا اللاتينية وإفريقيا. وقد وافق أيضا على التدريس أربعة أيام في السنة في مدرسة لندن للاقتصاد – يستطيع أن يقفز على القطار السريع “يوروستار” بسهولة كونه يعيش بالقرب من محطة الشمال، التي تقع في حي يبشر بالخير ومتنوع عرقيا شمالي باريس.
لكن أولا سيأخذ “الفتيات” في رحلة إلى المغرب في آب (أغسطس). قبل أن نغادر، أسأل بيكيتي إذا كان سيضع توقيعه على الفاتورة. هو أحد نجوم الروك، بطبيعة الحال، ويقبل ذلك بحبور. “أنا في مطلع شبابي”، كما يقول، ونحن نخطو نحو أشعة الشمس يقول: “لدي المزيد من الكتب التي أريد كتابتها”.