Site icon IMLebanon

هجوم تونس يستنزف الاحتياطيات لكن بوسع الاقتصاد تحاشي الأزمة

Tunis-Tunisia
دفع هجوم على منتجع تونسي أودى بحياة 39 شخصا السياح إلى المغادرة ووجه ضربة عنيفة إلى قطاع السياحة بالبلاد لكن الاقتصاد عموما قوي بما يكفي لتجاوز الصدمة.

وتجلي شركات السياحة الأوروبية آلاف السياح بعد هجوم يوم الجمعة الذي شنه مسلح منفرد على شاطئ في سوسة ومن المرجح أن يحجم أجانب كثيرون عن زيارة تونس في الأشهر المقبلة.

وسينال ذلك بدوره من احتياطيات تونس من النقد الأجنبي وقد يؤدي إلى إضعاف عملتها.

لكن المحللين يقولون إن الاقتصاد سيتفادي الوقوع مجددا في الركود الذي أعقب ثورة عام 2011. فالتضخم يبدو مستقرا دون الستة بالمئة وحصيلة الضرائب تتحسن والسلطات بدأت كبح الإنفاق وهو ما قد يخفف أثر التراجع السياحي.

ولا يقل أهمية عن ذلك أن انتخابات أواخر 2014 أسفرت عن ائتلاف حاكم بأغلبية برلمانية كبيرة. وقد يسمح ذلك للحكومة بالمضي قدما في إصلاحات طال انتظارها لجذب مزيد من المستثمرين.

وقال جون سفاكياناكيس مدير أشمور جروب لإدارة الصناديق في الرياض “رغم الصدمات السلبية على الدخل السياحي في المدى القصير فإن الاقتصاد حقق بعض الخطوات الإيجابية المهمة.”

واضاف “الأغلبية البرلمانية ستتيح الموافقة على إصلاحات هيكلية تأخرت بسبب الانتقال السياسي بين عامي 2011 و2014 ومنها إصلاحات القطاع المالي وقوانين المنافسة والإفلاس والشراكة بين القطاعين العام والخاص.”

واستأنفت الأسواق المالية نشاطها يوم الاثنين بعد الهجوم وبدا أن المستثمرين غير خائفين. وتراجعت سوق الأسهم واحدا بالمئة وانخفض الدينار بشكل متواضع فحسب أمام الدولار.

وقال أرنو لويس المدير في فيتش ريتنجز التي رفعت في مارس آذار نظرتها المستقبلية لتصنيف الديون الأجنبية لتونس البالغ ‭‭‭BB-‬‬‬ إلى مستقرة من سلبية إن الهجوم سيكبح النمو الاقتصادي ويضر بمصدر رئيسي للنقد الأجنبي.

لكنه قال إن ذلك لن يوقف بالضرورة التعافي الاقتصادي للبلد ولن يؤثر تأثيرا مباشرا على الجدارة الائتمانية لتونس. وقال “نحن راضون عن التصنيف الحالي.”

ضغوط

وقلصت القلاقل الناجمة عن الثورة التونسية في 2011 إيرادات السياحة من العملة الصعبة بمقدار الثلث.

وبحلول 2014 عادت الإيرادات إلى مستويات ما قبل الثورة لكن 2015 عام صعب للقطاع. فقد قتل 23 شخصا في هجوم على متحف باردو بالعاصمة تونس في مارس آذار مما أدى إلى إحجام بعض السياح عن المجيء. ثم جاء هجوم سوسة.

وشبه خالد عبد المجيد مؤسس مينا كابيتال لإدارة الاستثمار التي تركز على الشرق الأوسط الوضع بهجوم 1997 في الأقصر بمصر الذي قتل أكثر من 60 شخصا. وقال إن تعافي القطاع السياحي المصري استغرق من عامين إلى ثلاثة أعوام.

ومن شأن تكرار الأداء الضعيف لعام 2011 أن يحدث نقصا بنحو 1.2 مليار دينار (615 مليون دولار) في دخل تونس السنوي من النقد الأجنبي ليزيد عجز ميزان المعاملات الجارية الذي بلغ 7.39 مليار دينار في 2014.

لكن هذا لن يفضي إلى أزمة في ميزان المدفوعات. فالعجز ينكمش وبنسبة بلغت 38 بالمئة على أساس سنوي في الربع الأول من 2015 بسبب تنامي الصادرات وتراجع أسعار النفط.

وتونس أقدر الآن على تحمل الضغط في ميزان المدفوعات عنها قبل عام. فقد أعادت بناء صافي احتياطيات النقد الأجنبي من 10.39 مليار دينار بما يغطي واردات 93 يوما في ابريل نيسان 2014 – وهو مستوى وصفه محافظ البنك المركزي بأنه “خطر” – إلى 13.51 مليار دينار بما يغطي واردات 117 يوما وهو ما يقول المصرفيون إنه مستوى مريح.

وتعامل البنك المركزي مع أزمة الاحتياطيات الأجنبية العام الماضي عن طريق تقليص مبيعاته من العملة الصعبة والسماح بتراجع محكوم للعملة المحلية إلى حوالي دينارين للدولار في مارس آذار هذا العام من حوالي 1.57 في ابريل نيسان 2014. وبحلول الساعة 1415 بتوقيت جرينتش كان الدينار مستقرا عند حوالي 1.95.

وقد يستأنف البنك سياسة التراجعات المحكومة إذا عاودت الاحتياطيات انكماشها.

وقال عبد المجيد “ستكون تلك استراتيجية حصيفة للتأقلم مع الوضع وخفض تكلفة الصادرات.”

وقال لويس إن تونس تستطيع التعويل على دعم حلفاء مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إذا زادت الضغوط المالية عليها.

لكنها لن تتفادى الألم إذا استمر عزوف الأجانب كما هو متوقع وهو ما سيؤدي إلى فقد آلاف الأشخاص لوظائفهم في الأشهر المقبلة.

وبحسب المجلس العالمي للسياحة والسفر توظف السياحة بشكل مباشر نحو 228 ألف شخص وتسهم بسبعة بالمئة من الوظائف ومن الناتج المحلي الإجمالي بشكل مباشر وبنسبة 15 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي شاملا الثروة المتولدة بشكل غير مباشر.

غير أن الوضع الاقتصادي يبعث على التفاؤل في مجالات أخرى فقد توقع صندوق النقد الدولي الشهر الماضي تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى ثلاثة بالمئة هذا العام من 2.3 بالمئة في 2014 وهو ما يعني أن تونس قد تفلت من الركود.

وتوقع عبد المجيد استقرار معدل النمو عند اثنين إلى 2.5 بالمئة في عام 2015.