رعى وزير المال علي حسن خليل ممثلا بالدكتور وسيم منصوري حفل اختتام مشروع تنمية قدرات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مجال الصفقات العامة في لبنان، الذي نفذه معهد باسل فليحان التابع للوزارة بالتعاون مع المعهد العالي للأعمال ESA، وبدعم من البنك الدولي.
وحضر الإحتفال الذي أقيم في مقر المعهد النائب جان أوغاسابيان وسفير تشيلي لدى لبنان خوسيه ميغيل مينشاكا، ومستشار التكامل الإقليمي في قطاع الحوكمة العالمية في البنك الدولي إدوارد أولوو-أوكيري ممثلا مدير دائرة الشرق الأوسط في البنك فريد بلحاج، وعدد من ممثلي الإدارات والمؤسسات العامة والهيئات العسكرية والأجهزة الأمنية والقضائية والمنظمات الدولية والهيئات الاقتصادية والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني.
منصوري
وقال منصوري في كلمة في الحفل، إن المشروع الذي “نفذ للمرة الأولى في لبنان من خلال شراكة جمعت بين معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي والمعهد العالي للأعمال (ESA) والبنك الدولي، نجح في استقطاب 55 مشاركا من أصحاب الشركات، وكبار المسؤولين في 48 مؤسسة صغيرة ومتوسطة في لبنان”.
أضاف: “لقد ساهم البرنامج في تعزيز مهارات المشاركين، وألقى الضوء على الجهود الوطنية لتحديث الشراء العام التي تصب ضمن أولويات وزارة المال، وتساهم في إصلاح إدارة المالية العامة وتعزيز الشفافية والرقابة والمساءلة وهو الهاجس الي يرافق عملنا منذ تولينا مهامنا في الوزارة”.
ورأى أن “دعم البنك الدولي لهذه المبادرة في لبنان، يعبر عن تحول في الأولويات في ظل الأزمات الاقتصادية والمالية العالمية”، وأن “الشراكة مع المعهد العالي للأعمال تعكس إلتزام هذا الصرح الأكاديمي، نتاج التعاون اللبناني-الفرنسي، بدعم الاقتصاد اللبناني من خلال برامجه الريادية وانفتاحاته على التوجهات الدولية الجديدة”.
ووصف هذه الشراكة الثلاثية بأنها “تجربة فريدة ومتقدمة في مجال عمل معهد باسل فليحان ونشاطه”، مبرزا توجه الوزارة “لتعزيز الحوار والتواصل مع الهيئات الاقتصادية ومؤسسات القطاع الخاص من أجل بناء الثقة المتبادلة في ظل ظروف اقتصادية ومالية واجتماعية دقيقة تمر على لبنان”.
وقال منصوري: “إننا ننظر إلى الشراء كمحفز أساسي يتصل بركائز الحوكمة الثلاث الأساسية، وهي: زيادة القيمة الفضلى من إدارة المال العام، وتحسين نوعية الخدمات التي توفرها الحكومة للمواطنين، وإشراك القطاع الخاص من خلال مشاركة المؤسسات المتوسطة والصغيرة في العقود الحكومية”.
واعتبر أن “هذه التجربة هي نموذج يستحق الدعم من أجل تحقيق المزيد في هذا المضمار، والوصول إلى نتائج ملموسة”. وقال: “من هنا، ثمة حاجة ومسؤولية تقع على عاتقنا لجهة الاستمرار بدعم هذه الشركات لما تشكله من دعامة اساسية للإقتصاد اللبناني سواء على صعيد الإجراءات والمعاملات الإدارية، أو التشريعات، أو التمويل، أو على مستوى التسهيلات والحوافز، كذلك ثمة حاجة إلى تعميم هذه التجربة الناجحة على القطاعات الاقتصادية الانتاجية والخدماتية كافة من أجل تطوير نشاطها الاقتصادي وتأمين ازدهار ريادة الأعمال”.
وشدد على أن “تضمين قانون الشراء العام الجديد ضمانات تحمي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المحلية، يشكل خطوة استراتيجية، تساهم في الحد من الاحتكار، وتشجع المنافسة، بالإضافة إلى الإصلاحات المؤسسية والإجرائية، وخطوات أخرى تضمنتها الاستراتيجية الوطنية التي أطلقت أخيرا لدعم هذه المؤسسات”.
وإذ لفت الى أن “لا شك في أن أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة سوقا كبيرة هي الدولة، وللاستفادة منه، يجب تأمين المناخات الملائمة وبذل اقصى الجهود، لاسيما وأن فرص الدعم متاحة وأثبتت نجاحها وجدواها”، أشاد “بتجربة جمهورية تشيلي، وهي تجربة رائدة في العالم تشهد على أهمية قيام الدولة وأجهزتها بالتخطيط الاستراتيجي للمستقبل من خلال أداة أساسية، هي الشراء العام”.
وختم: “لبنان مدعو لتكثيف الجهود للاستفادة من التجارب الدولية الناجحة”.
أولوو-أوكيري
أما مستشار التكامل الإقليمي (قطاع الحوكمة العالمية) في البنك الدولي إدوارد أولوو-أوكيري فقال إن البرنامج الإقليمي الذي نفذه البنك الدولي في ثماني من دول المنطقة، وبينها لبنان، لتوسيع الفرص المتاحة للشركات الصغيرة والمتوسطة في مجال المشتريات العامة، “ينطلق من الدور المهم للشركات الصغيرة والمتوسطة في اقتصادات المنطقة العربية”، مشيرا إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة في كل أنحاء العالم “تخلق فرص العمل وتساهم تاليا في حل مشكلة البطالة”.
وأشار إلى وجود “عوائق أمام مشاركة الشركات في المنطقة في الصفقات العامة”، منها “المناقصات المعتقدة والعالية الكلفة، والضعف في أنظمة الشراء العام، والإفتقار إلى القدرات، والمعايير المعتمدة للتقييم، وسواها”.
وقال إن “البرنامج الإقليمي الذي نفذه البنك الدولي “ينطلق من التناقض بين أهمية الشركات في الاقتصاد والعوائق التي تحول دون مشاركتها في الشراء العام”، وشدد على ضرورة أن “تولي الحكومات اهتماما بتذليل هذه العوائق”.
وكشف أن “عدد المشاركين في البرنامج على مستوى المنطقة كلها بلغ نحو ألف”، مشيدا “بجهود معهد باسل فليحان التابع لوزارة المالية والمعهد العالي للأعمال لإنجاحه في لبنان ولتشجيع القطاع الخاص على المشاركة فيه”.
وقال: “نظرا إلى هذا النجاح، ستكون ثمة مبادرات مستقبلية لزيادة قدرات الشركات الصغيرة والمتوسطة للمشاركة في اسواق الشراء العام، وتوسيع فرص هذه المشاركة، وزيادة نسبة ترسية المناقصات وعقود الشراء العام على الشركات الصغيرة والمتوسطة”.
أتالي
وأبدى المدير العام المعهد العالي للأعمال ستيفان أتالي افتخار المعهد بكونه جزءا من هذا البرنامج، ملاحظا أن “نجاحه فاق التوقعات”. ورأى ان “مشاركة ممثلي القطاع الخاص أظهرت الحاجة والاستعداد للتعلم واكتشاف إمكانات نمو جديدة”. واعتبر أن الشراكة بين المعهد العالي للأعمال ووزارة المالية والبنك الدولي “تتيح جمع جهود هذه المؤسسات وشبكاتها وإمكاناتها بما يساهم في النمو الإقتصادي في لبنان”.
وشدد على أهمية دور المؤسسات التعليمية ومنها المعهد العالي للأعمال “في بناء مستقبل مستدام”، مشددا على أن “التغيير والتقدم غير ممكنين من دون التعليم والتدريب”.
بساط
ووصفت رئيسة معهد باسل فليحان التابع لوزارة المالية لمياء المبيض بساط البرنامج بأنه “فريد من نوعه”، مشيرة إلى أنه “ثمرة التعاون والجهود المشتركة مع البنك الدولي والمعهد العالي للأعمال ESA”.
وأوضحت الاهتمام بموضوع إصلاح الشراء العام يعود إلى كونه “في صلب منظومة إصلاح إدارة الموارد العامة وهو أداة فاعلة لخفض النفقات من خلال تنفيذ مسؤول وشفاف للموازنة العامة”. وذكرت بأن “وزارة المال واكبت جهود إصلاح أنظمة الشراء العام من خلال مبادرات عدة، ومنها إعداد وتعميم خمسة دفاتر شروط نموذجية على كل الإدارات العامة والمؤسسات من شأنها المساهمة في توحيد الممارسات خلال إعداد العروض، وتنمية القدرات من خلال البرامج التدريبية والشهادات التخصصية، والإنتاج المعرفي وتسهيل الوصول إلى المعلومة من خلال الدراسات والتقارير العلمية، والمشاركة الفاعلة في مبادرات تشجيع الحوار بين الجهات المعنية بالشراء من القطاعين العام والخاص والمنظمات الدولية”.
وأشارت إلى أن المعهد يستضيف غدا الأربعاء الاجتماع الخامس لشبكة خبراء الشراء العام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، معتبرة أن هذه الشبكة “ساهمت في توسيع الرؤية حول الشراء العام وفي تغليب الأهمية الماكرو اقتصادية للشراء على المفهوم القانوني الذي كان طاغيا”. وإذ أشارت إلى “أثر الشراء العام على تنافسية الإقتصاد وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومكافحة الإهدار والفساد”، ذكرت بأن “الشراء العام هو أكبر الأسواق حجما”. وعرضت لوضع الشراء العام في لبنان بالمقارنة مع دول المنطقة.
البرنامج
ثم قدم بعض الذين شاركوا في البرنامج شهادات حية عما اكتسبوه من مشاركتهم، فأكدوا أن الفائدة منه كانت كبيرة، واشادوا بهذه الخطوة متمنين تكرارها.
وكان 55 من أصحاب الشركات وكبار المسؤولين فيها من الفئتين الوسطى والعليا، يمثلون 48 مؤسسة صغيرة، شاركوا في ورشات العمل التدريبية، 43 في المئة منهم مديرون عامون ومديرون تنفيذيون، و27 في المئة رؤساء اقسام ادارية و/أو مديرو أقسام شراء. وبين الشركات التي أفادت من البرنامج، 16 في المئة تنشط في القطاع الصناعي، و15 في المئة شركات استشارية و13 في المئة مختصة بخدمات تكنولوجيا المعلومات.
عرض ونقاش
ثم كان عرض لتجربة هيئة الشراء الحكومية المركزية في تشيلي “تشيلي كومبرا”، في مجال تحديث أنظمة الشراء العام وانعكاسها على المالية العامة والاقتصاد، قدمها الخبيران السيدة فيرونيكا فاييه سارا والسيد رودريغو روبليز.
كذلك، كان عرض لتجربة منظومة الشراءات العمومية على الخط في تونس TUNEPS قدمته سونيا بن سالم من الهيئة العليا للمشتريات العمومية في تونس.
تلت هذين العرضين مداخلة للمدير للعام لإدارة المناقصات في لبنان جان العلية، عن جهود تحديث الشراء العام في لبنان، ثم مداخلة للمدير العام لصندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية هيثم عمر.