فولفجانج مونشاو
عندما تحدث صدمة تكون قد توقعتها بالفعل، ستظل تبدو كأنها صدمة. أليكسيس تسيبراس كان محقا في الخروج من المفاوضات. لكن مع ذلك، كان قرارا خطيرا عندما رفض رئيس الوزراء اليوناني عرضا من شأنه السماح لليونان بسداد ديونها إلى صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي. ما أعاني في سبيل فهمه هو لماذا قرر فجأة الدعوة لإجراء استفتاء يوم الأحد المقبل على ما إذا كان ينبغي قبول عملية الإنقاذ.
قد يكون هناك بعض الاستراتيجية فائقة الذكاء خلف هذا تفوق قدرتي على الفهم. المشكلة في إجراء الاستفتاء هي أن العرض الذي طلب من الشعب اليوناني التصويت عليه لم يعد متاحا. والبرنامج الذي يرتبط به ينتهي اليوم في منتصف الليل. فلماذا يفترض باليونانيين أن يصوتوا بـ “نعم” على صفقة لم يعد الدائنون أنفسهم يوافقون عليها؟
مع ذلك، أكبر خطأ تكتيكي تم ارتكابه حتى الآن خلال عطلة نهاية الأسبوع، كان رفض وزراء المالية في منطقة اليورو تمديد برنامج عملية إنقاذ اليونان لمدة خمسة أيام إلى ما بعد الاستفتاء. من خلال هذا القرار، منعوا الطريقة الوحيدة لإبقاء العرض قائما. وعززوا أيضا، دون قصد، الحجة السياسية لرئيس الوزراء اليوناني. الآن سيكون قادرا على القول: في البداية أراد الدائنون تدمير الاقتصاد اليوناني من خلال برنامج التقشف الخاص بهم. والآن هم يأملون في تدمير الديمقراطية اليونانية.
حتى نرى إلى أين يمكن أن ينتهي هذا، من المفيد أن نخوض في السيناريوهات المختلفة، ونلغي غير المقبول منها ونرى ماذا سيبقى.
إذا تم إجراء الاستفتاء اليوناني يوم الأحد وكانت نتيجته التصويت بـ “لا”، فإن خروج اليونان ربما سيلوح في الأفق. وإذا كانت النتيجة نعم، سيكون هناك ارتباك أولي. التصويت بقبول عملية الإنقاذ قد يتم تفسيره على أنه تصويت لمصلحة البقاء في منطقة اليورو. في هذه الحالة، أتوقع من الحكومة اليونانية – أيا كانت بعد التصويت بنعم – أن تحافظ على نظام من ضوابط رأس المال وإدخال عملة موازية، مقومة باليورو.
سيناريو العملة الموازية يمكن أن ينقسم إلى ثلاثة اتجاهات: خروج اليونان في غضون فترة زمنية قصيرة؛ ونظام تعجز اليونان فيه عن سداد ديونها لكنها تستمر في فرض ضوابط رأس المال إلى أجل غير مسمى؛ ونظام يتم فيه رفع الضوابط في نهاية المطاف وتبقى اليونان في منطقة اليورو.
الأخير قد يتطلب قرارا من أجل المصارف اليونانية. وهذا من شأنه أن يكون السيناريو المثالي لكن من الصعب القيام به. وبما أن منطقة اليورو تفتقر لاتحاد مصرفي حقيقي، الطريق الوحيد لإعادة رسملة المصارف سيكون من خلال جولة أخرى من المفاوضات بين اليونان ودائنيها.
على وجه التحديد، يتطلب ذلك تنفيذ برنامج من قبل آلية الاستقرار الأوروبي ـ صندوق الإنقاذ ـ لإنقاذ المصارف اليونانية. الهدف لن يكون فقط لتعزيز المصارف، لكن أيضا تسوير رأسمالها وحمايته من الدولة اليونانية. في غضون ذلك، يحتاج البنك المركزي الأوروبي إلى مواكبة برنامج مساعدات السيولة الطارئة الخاص به.
البنك المركزي الأوروبي بالفعل يقترب من، وربما ينتهك قريبا، الحدود القانونية لما يستطيع القيام به. فهو يستمر في تنفيذ برنامج مساعدات السيولة الطارئة، لكنه وضع سقفا للمبلغ المتاح للإقراض. نتيجة لذلك، قررت الحكومة اليونانية إغلاق المصارف وفرض ضوابط على رأس المال.
حتى تنجح خطة إعادة رسملة المصارف، تحتاج الحكومات الأوروبية واليونان إلى أن تجتمع بسرعة كبيرة، مع اعتماد عقلية متفتحة واتخاذ موقف إيجابي. كما سيطلب من برلمانات البلدان الدائنة أن تأتي بالمال من أجل المصارف اليونانية، في الوقت الذي تعجز فيه الدولة اليونانية عن سداد ديونها. أنا أترك للقراء فهم الاحتمال الرياضي لمثل هذا الحدث، والانتقال إلى السيناريو التالي.
الآن لنفترض أن النتيجة هي تصويت كبير بـ “نعم”. عندها سيستقيل تسيبراس. ويتبعه إجراء انتخابات. ولنفترض أن هذه الانتخابات ستنتج تحالفا مؤيدا لسياسية التقشف. عندها يظهر السؤال الذي يطرح نفسه: هل ستقدم منطقة اليورو صفقة جديدة إلى اليونان؟
بالطبع، لا. يجب أن يكون برنامجا جديدا تماما، على اعتبار أن القديم قد انتهى. بحلول ذلك الوقت، ستكون اليونان قد عجزت عن سداد ديونها لكل من صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي. كان الدائنون يتعاملون مع أنطونيس ساماراس، رئيس الحزب الديمقراطي الجديد، من قبل عندما كان رئيسا للوزراء. عندما كان في السلطة، أعطى وعودا لم يتم الوفاء بها. وبحلول الوقت الذي سيتم فيه إعادة بناء الثقة، سيكون الاقتصاد اليوناني في حالة انهيار كامل.
الخلاصة التي توصلت إليها هي أن هناك نتيجتين محتملتين. الأولى هي نظام إلى أجل غير مسمى من ضوابط رأس المال، وربما مع إعادة هيكلة المصارف في وقت لاحق كجزء من حزمة أوسع لتخفيف عبء الديون. وهذا من شأنه أن يترك اليونان داخل منطقة اليورو.
السيناريو الثاني هو خروج اليونان من اليورو. الأول قد يكون مفضلا. والثاني قد يظل مفضلا على الصفقة التي رفضها تسيبراس، أو العودة إلى الآراء المؤيدة لسياسة التقشف.
مصدر قلقي الأكبر سياسي. ماذا سيحدث إذا صوت الناخبون اليونانيون بـ “نعم” لكن اليونان ستكون لا تزال مضطرة للخروج من منطقة اليورو، لأن الدائنين والبنك المركزي الأوروبي لم يتركوا لهم أي خيار آخر؟
هذا السيناريو سيكون الأكثر سمية على الإطلاق. سيعني أن أي اتحاد نقدي داخل الاتحاد السياسي يمكن أن يوجد فقط عند انتهاك المبادئ الأساسية للديمقراطية. وسينظر إليه على أنه نظام شمولي.