IMLebanon

دول الخليج تواجه موازنة النمو السكاني السريع مع النمو الاقتصادي

ArabGulfCountries
أكد أحدث تقرير إحصائي أن دول مجلس التعاون الخليجي سجلت أسرع معدلات النمو السكاني في العالم خلال العقد الماضي. وأظهر أن معدل تزايد سكان دول الخليج، جاء أعلى بنحو 4 مرات من نظيره في الولايات المتحدة، وأعلى 7 مرات من الصين، ونحو 10 مرات من دول الاتحاد الأوروبي.

وأرجع التقرير الصادر عن مؤسسة آسيا للاستثمار الكويتية (وهي منظمة حكومية)، أن سبب ذلك النمو هو تدفق المغتربين الذين يشكلون الآن نسبة كبيرة من سكان دول مجلس التعاون الخليجي، وتقدر نسبتهم بنحو 33 بالمئة في السعودية وأكثر من 85 بالمئة في الإمارات وقطر.

وتوقعت المؤسسة في تقريرها أن يواصل عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي نموه بمعدل 1.8 بالمئة سنويا، ما يعني أنه سيكون ضعف معدل النمو في معظم الأسواق الناشئة، في وقت رجحت فيه انخفاض عدد السكان في الاتحاد الأوروبي واليابان.

ورجّحت أن يرتفع عدد السكان في دول المجلس بنحو 30 بالمئة بحلول عام 2020، وفقا للتقديرات الصادرة عن وحدة إيكونوميست للمعلومات المختصة في مجالات الاقتصاد والعمل والتي يوجد مقرّها في لندن.

ويرى التقرير أن النمو الكبير في عدد الوافدين في دول الخليج، أمر طبيعي في ظل ما تشهده تلك الدول من انتعاش اقتصادي ناتج عن امتلاكها لثروات النفط والغاز الكبيرة، في ظل انخفاض الكثافة السكانية في تلك الدول.

ويعتقد الخبراء في شؤون المنطقة أن معدلات نمو السكان المرتفعة في دول مجلس التعاون الخليجي، تعود بالأساس إلى الطفرة الاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع الطلب على العمالة الوافدة.

لكن موجة الهبوط الحاد في أسعار النفط منذ يونيو من العام الماضي وأزمة العقارات السكنية، قد تدفع عددا من حكومات الخليج إلى تقليص أعداد العمالة الوافدة في المنطقة، ما يؤدي ربما إلى اعتدال معدل نمو تلك الفئة من السكان. وقد أطلقت بعض الحكومات بالفعل، برامج لتوطين الوظائف، لكن تلك الخطوات لاتزال بطيئة.

وقد باشرت السعودية منذ عامين بإصلاح سوق العمل وفرض رسوم على تشغيل العمالة الأجنبية، وقد أدى ذلك إلى مغادرة أكثر من مليون عامل أجنبي. كما اعتمدت دول أخرى برامج مشابهة لتشجيع الشركات على تشغيل المواطنين.

وتطرح طفرة نمو السكان الحالية والمتوقعة، تحديات كبيرة أمام حكومات دول الخليج، التي أعلنت في السنوات القليلة الماضية عن خطط تنموية للملاءمة بين نسق النمو الديمغرافي والنمو الاقتصادي والاستحقاقات المعيشية، لكن انخفاض أسعار النفط، الذي يعد المصدر المالي الرئيسي لتلك الدول، أربك عددا من تلك الخطط وتسبب في تعثر إنجاز العديد من المشاريع التنموية.

ويشير تقرير مؤسسة آسيا للاستثمار، إلى أن مواجهة تلك التحديات، تحتاج إلى سياسات تنموية مدروسة يتعين اتّباعها لتوفير فرص العمل لأعداد المواطنين المتزايدة وضمان استمرار النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

ودعا إلى ضرورة تنويع الاقتصاد من خارج القطاع النفطي، وتقليص عدد الوظائف في القطاع العام، وتشجيع المبادرة والمشاريع الخاصة.

وتأتي الدعوات التي أطلقتها المؤسسة متناغمة مع تحذيرات سابقة أطلقتها مؤسسات مالية عالمية مثل صندوق النقد الدولي، الذي حثّ دول الخليج النفطية على تنويع مصادر الدخل، للملاءمة بين نسق النمو السكاني السريع وبين الاستحقاقات المترتبة عليه من سكن وتشغيل وخدمات صحية وتعليمية.

وأوضح التقرير أن ارتفاع عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي، يستدعي أيضا التفكير في ارتفاع وتيرة الاستهلاك مقابل ندرة الموارد الاستهلاكية الطبيعية في المنطقة، ومن أهمّها المياه.

وقال إن هناك حاجة ملحّة لتنفيذ سياسات تنموية لأن ارتفاع عدد سكان دول المجلس قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، وعدم الاستقرار السياسي بشكل رئيسي.

واعتبر التقرير أن التركيبة السكانية لدول الخليج ملائمة لتعزيز النمو الاقتصادي، إذا ما أحسنت الحكومات في المنطقة استثمار هذا العامل وتوظيفه على النحو الأفضل.

ويرى محللون أن التركيبة السكانية لا تزال داعمة للنمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة، لا سيما في منطقة الخليج وآسيا، حيث من المتوقع أن يتواصل نمو السكان بمعدل يصل إلى 3 أضعاف ما هو عليه في الاقتصادات المتقدمة.

ويدفع الارتفاع السريع لعدد السكان عادة الحكومات، إلى زيادة كبيرة في برامج البناء والاستثمار في البنى التحتية من أجل تلبية الحاجة للاسكان والحاجات الاستهلاكية المتزايدة.

ومن المتوقع أن يبقى النمو السكاني المتباين بين الدول المتقدمة والناشئة خلال العقد المقبل، وأن ينخفض الفارق تدريجيا، لكن الفجوة تؤكد حاجة الأسواق الناشئة إلى استمرار معدلات النمو الاقتصادي السريع في السنوات والعقود المقبلة.