Site icon IMLebanon

رمضان السوريين.. تقشف اقتصادي برعاية النظام

Market-Syria
مروان أبو خالد
يحلّ شهر رمضان كئيباً على السوريين وسط عجزهم المتزايد عن تأمين احتياجاتهم المعيشية اليومية، ولاسيما الغذاء الذي تقلص الإنفاق الحكومي عليه لأقل من 10% حسب الباحث الاقتصادي عابد فضيلة، فبدلاً من أن يكون رمضان شهراً للإحسان والرحمة حولّه تجار النظام إلى شهر للنهب، مبددين بذلك آمال السوريين الفقراء، الذين كانوا يمننون أنفسهم بإنخفاض الأسعار خلال هذا الشهر، لإحياء موائدهم الرمضانية. فاللحوم انخفض استهلاكها إلى النصف، من 4 ألاف إلى ألفي ذبيحة يومياً، مقارنة بما كانت عليه قبل 4 أعوام، حسب جمعية حماية المستهلك في دمشق، وذلك بسبب استمرار ارتفاع الأسعار، حيث وصل سعر كيلوغرام لحم الخاروف إلى 3000 ليرة (10.1 دولارا) بعد أن كان 2400 ليرة (8.08 دولارا) قبل رمضان، أما كيلوغرام لحم العجل فقد وصل إلى 2500 ليرة (8.4 دولارا)، علماً ان اللحوم لم تسلم من الغش الذي يجتاح الأسواق.
وبإعتراف عضو الجمعية بسام درويش، في تصريح لجريدة الوطن الموالية للنظام، فإن نسبة الغش في لحم العجل قد وصلت إلى 90%، إذ يتم خلطها بلحوم الجاموس الأقل سعراً، حيث يبلغ سعر الكيلوغرام منه 1500 ليرة (5.05 دولارا). أما الفروج والبيض فقد ارتفع سعر كل منهما وسطياً بقرابة 40%، إذ وصل سعر كيلوغرام الفروج المذبوح إلى 600 ليرة (2.02 دولاراً)، في حين لا يقل سعر البيضة الواحدة عن 20 ليرة (0.06 دولارا)، وذلك على عكس التوقعات بانخفاض أسعارها خلال رمضان، نظراً لتوقف الصادرات بعد سقوط معبر التنف بيد “داعش” الشهر الماضي، وهو آخر معبر حدودي بين سوريا والعراق والذي كان يستحوذ على 90% من صادرات الدواجن السورية. فبرغم وجود فائض في الإنتاج بعد توقف التصدير، إلا أن معدلات التضخم في الأسعار لم تنخفض نتيجة لارتفاع تكاليف الإنتاج- خصوصا لجهة غلاء الأعلاف التي تشكل 80% من كلفة الفروج- المرتبطة بسعر الدولار، في وقت تنهار القدرة الشرائية للسوريين، وسط غياب حكومي عن تقديم أي دعم للمنتجين والمستهلكين معاً. والأمر ذاته ينطبق على الخضروات والفواكه، فبرغم تراجع تصديرها بشكل كبير بعد أزمة المعابر البرية، فإن أسعار معظم الخضروات والفواكه ما زالت مرتفعة.
ارتفاع اسعار السلع انعكس على كلفة ارتياد المطاعم، وبرغم تقديم معظمها لعروض رمضانية تتضمن وجبات سحور وفطور، إلا أن أسعارها لا تناسب الغالبية العظمى من السوريين، وهي موجهة فقط للقلة المحتكرة للمال والسلطة من تجار الحرب، فأقل وجبة سحور تبلغ 1500 ليرة للشخص الواحد (5.05 دولارا)، في حين تبدأ عروض الفطور من 3000 ليرة (10.1 دولارا) للشخص الواحد. حتى ارتياد المقاهي الشعبية للسهر بعد الإفطار أصبح صعباً على غير الميسورين، فتناول كأس شاي مع نرجيلة فقط، يكلف 500 ليرة (1.6 دولارا) بالحد الأدنى. وهذه الأسعار النارية التي تفوق قدرة مداخيل غالبية السوريين، تحرم الأسر ذات الدخل المحدود من الاستمتاع برمضان.
هذا الوضع، يأتي وسط حملة يشنها مسؤولو الحكومة للدفاع عن تجاوزات مافيات التجار وتحكمهم بمعيشة السوريين، فالهيئة العامة للمنافسة والاحتكار قد أصدرت دراسة خاصة بأسواق دمشق خلال الأسبوع الأول من رمضان، اعتبرت فيها أنه لا يوجد أي مؤشر مخل بالمنافسة، إذ تتوفر سلع اللحوم والفروج والتمور وغيرها بأنواع متعددة وأسعار مختلفة متوافقة مع مفهوم المنافسة وتغطي حاجة الأسواق. وهذا كلام زائف، إلا إذا كان مفهوم المنافسة لدى مؤسسات الحكومة يعني تعزيز حرية التجار وتفلتهم من القوانين. وحتى جريدة الوطن الموالية لحكومة النظام، اعترفت نقلا عن مصادر حكومية، بوجود 200 تاجر يخالفون يومياً جدول الاسعار، ناهيك عن عمليات الغش.
غياب الحكومة عن مراقبة الاسواق، يجعل من اسعار رمضان بورصة تتحرك بحسب جشع التجار، أما السوريون فلا يكادون يرتاحون لانخفاض سعر سلعة معينة، حتى يرتفع سعر سلع أخرى، حتى بات التقشف المعمول به أصلاً منذ بداية الأزمة السورية، صفة لا تفارق بيوت السوريين.