على امتداد الأشهر الماضية كانت الأضواء الإعلامية مسلطة على الوضع في البقاع الشمالي الذي يقع على خط التماس مع السلسلة الشرقية (جبال القلمون)، حيث تدور معارك بين حزب الله وتنظيمات إسلامية متطرفة معارضة للنظام السوري. وأثير على نطاق واسع واقع ومستقبل بلدات البقاع الشمالي لاسيما منها البلدات المسيحية الحدودية (القاع، رأس بعلبك، الفاكهة وغيرها)، إضافة الى بلدات مسيحية واقعة في قضاء زحلة عند نقطة “قوسايا كفرزبد”.
منذ أسابيع تحول الاهتمام والكلام في اتجاه الشمال بعدما أدت التطورات العسكرية في سورية، ولاسيما تقدم “داعش” في تدمر وتقدم “النصرة” في إدلب وريف حماة، الى فتح ملف معركة حمص، هذه المدينة الاستراتيجية التي تعد نقطة فصل ووصل بين الوسط والساحل، والتي تصل في امتدادها الجغرافي الى حدود لبنان الشمالية، الأمر الذي يجعل أن شمال لبنان سيكون معنيا بجبهة حمص إذا فتحت وبنتائجها إذا سقطت في أيدي المعارضة الإسلامية.
بدأت الشائعات تتحدث عن أن انتصار التنظيمات التكفيرية في حمص فيما لو حدث سيترك تداعيات خطيرة على الشمال اللبناني وخصوصا المناطق المسيحية التي ستكون أول من يتأثر بسقوط حمص حيث ستقوم “النصرة” و”داعش” بفتح منفذ بحري على المتوسط من ساحل الشمال.
وتقول مصادر لصحيفة “الأنباء” الكويتية إن المناطق البقاعية في رأس بعلبك ومحيطها وصولا الى دير الأحمر أصبحت خارج دائرة الخطر، وأن المخاوف اليوم انتقلت الى المناطق الشمالية وتحديدا الى القرى المسيحية في عكار وربما أبعد، حيث ان هذه المناطق تتخوف من تداعيات المعركة السورية عليها.
المخاوف واقعة من احتمال انتقال العدوى الى شمال لبنان بعدما ثبت أن حزب الله أمسك المناطق البقاعية والجيش عزز وجوده فيها، وأن يصيب المسيحيين في مرحلة ما، ما أصاب مسيحيي سورية والعراق بعدما تحول لبنان الى أكبر تجمع أو التجمع الوحيد لمسيحيي الشرق.
وتفيد معلومات أن شخصيات مسيحية من مناطق عكارية حدودية، قامت في الأيام القليلة الماضية بزيارات غير معلنة لجهات حزبية على صلة مباشرة بالأزمة السورية وطرحت سؤالا محددا: ماذا نفعل أمام الخطر الآتي؟ عبرت تلك الشخصيات عن قلق بالغ من معركة حمص وتخوفت من احتمال أن تسقط حمص بيد المجموعات التكفيرية، وهذا معناه:
– الشرارة ستتمدد من حمص حتما الى المنطقة الأقرب وهي لبنان، وتحديدا في اتجاه الشمال.
– الإمارة التي سبق أن حذر من إقامتها قائد الجيش العماد جان قهوجي وتمتد من حمص الى البحر الى الشمال اللبناني، ستعلن فورا، بالتوازي مع تحرك لكل الخلايا النائمة أو الكامنة، أو كل المجموعات التي تشكل بيئة حاضنة لتلك المجموعات.
– أول المتضررين هم المسيحيون، وهذا الواقع، إن حصل، يضع مسيحيي عكار والشمال، أمام مجموعة خيارات: الهجرة. الحياد، لكن المشكلة هنا أن الطرف التكفيري لا يضع المسيحيين على الحياد فهو قد هدر دمهم سلفا. البحث عن حماية إقليمية ودولية، ولكن هذا الخيار يصطدم بتجارب ورهانات فاشلة في العراق وسورية.
التسلح والقتال، إلا أن هذا الخيار ضعيف..
إلى ذلك، كشفت صحيفة “النهار” ان وحدات من الجيش دهمت مساء الثلثاء خيماً تابعة للاجئين سوريين في سهل بلدة طليا شرق بعلبك، إثر معلومات توافرت للاجهزة الامنية، عن مخطط ارهابي سينفذ على أيدي سوريين وآخرين من جنسيات مختلفة باستهداف منطقة البقاع الشمالي ومراكز مهمة وحساسة من تجمعات سكنية ومراكز دينية بعشرات الصواريخ تطلق في وقت واحد من نقاط عدة من أرض خالية في سهل طليا.
وتمكنت وحدات الجيش من توقيف 30 شخصاً مشتبهاً فيهم بينهم ثلاثة يحملون الجنسية الأميركية وثلاثة الجنسية الكورية و24 سورياً، نقلوا جميعهم الى بيروت للتحقيق معهم.