السيناريو السوري ـ اللبناني الأسوأ: “معركة دمشق ـ حمص” وموجة نزوح كبيرة عبر المصنع والهرمل
تسود في أوساط 14 آذار وتيار المستقبل توقعات ومخاوف بشأن المرحلة المقبلة.
التوقعات تتصل بسقوط مفاجئ للنظام السوري مع انتقال المعركة الى دمشق، والمخاوف تتصل بانعكاسات سريعة ومقلقة وموجة نزوح جديدة وواسعة الى لبنان.
وتنقل شخصيات لبنانية عن أكثر من مسؤول عربي التقوهم أخيرا، قلقهم على مستقبل الوضع في لبنان محذرين من عدم التحسب منذ الآن لاحتمال انهيار الوضع في سورية وتدفق عشرات الألوف من النازحين السوريين واتخاذ التدابير الكفيلة باستيعابهم، خصوصا أنهم ينتمون الى طوائف عدة.
وينقل عن أحد القادة العرب دعوة لبنان الرسمي والسياسي الى التهيؤ لاستقبال هذا العدد الكبير من النازحين، مع أن لا قدرة له على استيعابهم في وقت يشكون من تراجع الاهتمام الدولي بتقديم الدعم المطلوب لتوفير الاحتياجات للنازحين الحاليين الذين فاق عددهم المليون.
ونصح هذا القائد العربي بضرورة التحسب لأسوأ الاحتمالات الناجمة عن تصاعد وتيرة الحرب في سورية، خصوصا إذا ما امتدت الى دمشق وحمص، ما سيدفع سكان هاتين المدينتين الى الفرار، وقد يكون لبنان المحطة الأقرب لاستقبالهم رغما عن إرادته.
والتقديرات الأولية لحجم اللجوء السوري الجديد الذي ينتظره المسؤولون تدور حول نصف مليون لاجئ سيتدفقون على لبنان عموما وبيروت خصوصا. واللاجئون الجدد هم للمرة الأولى منذ بداية الأزمة السورية سيأتون من دمشق التي بدأت تتحضر لـ «عاصفة الجنوب» التي انطلقت من درعا. وعندما يجري الحديث عن لاجئين من دمشق فمعنى ذلك أن مئات الألوف من العلويين والمسيحيين الذي يشكلون البيئة الحاضنة للنظام سيكونون الموجة الجديدة للجوء وهم آخر المجموعات في سورية التي بقيت في الأعوام الأربعة الأخيرة من الحرب السورية في العاصمة.
لا تعني هذه التطورات المرتقبة أن دمشق ستسقط بيد المعارضة التي ستتدفق من الجنوب السوري. بل تعني، وفق ما شرحه السفير الأميركي السابق روبرت فورد قبل أيام، أن العاصمة السورية ستتحول «ساحات للمعركة ما يعني توافد المزيد من اللاجئين السوريين الى الحدود»، مشيرا الى ما سماه «السيناريو الأكثر احتمالا» وفيه نشوء «منطقة يسيطر عليها العلويون وميليشيا حزب الله المدعومون من إيران وروسيا على طول الحدود مع لبنان على ساحل البحر الأبيض المتوسط».
وتشير مصادر الى أنه جغرافيا، غالبية المنطقة المعنية بالمعارك المتوقعة هي على تماس مع لبنان، من دمشق إلى الساحل. ولذلك، سيتدفق اللاجئون إلى المعابر مع لبنان بمئات الألوف، وفق الوتيرة التي كانت قبل اتخاذ الحكومة اللبنانية تدابيرها الضابطة للمعابر. عندئذ، سيكون لبنان محشورا أمام المجتمع الدولي في إقفال معابره، «متجاهلا الضرورات الإنسانية». وقد يضطر، مباشرة أو «تحت الطاولة» إلى غض النظر عن التدفق، فيرخي قبضته عن المعابر مجددا. وهذا ما يزيد اللاجئين في لبنان إلى ما فوق الـ 55% بكثير، ويرفع منسوب الاحتقان الأمني والاجتماعي والمذهبي إلى حد الانفجار.
والأكثر إثارة سيكون السيناريو الذي تتحدث عنه المعارضة السورية ـ إذا حصل ـ أي الهجوم على معاقل العلويين في الساحل لاجتياحها، سعيا إلى هزيمة الأسد. عندئذ، لن يكون أمام علويي سورية (قرابة المليونين) لا تركيا ولا الأردن، بل لبنان. ولأن تركيبة عكار الطائفية غير مهيأة لاستقبال هؤلاء، فإما أن يقع اصطدام، وإما أن يعبر هؤلاء ريف حمص لبلوغ الهرمل. ويكشف أحد الوزراء أن الأمم المتحدة أوعزت الى المنسقة الخاصة لأمينها العام سيغريد كاغ بوضع تصور أولي يتضمن مجموعة من المقترحات لمواجهة كل الاحتمالات في حال تدفق أعداد كبيرة من السوريين الى لبنان هربا من الحرب التي يمكن ان تضرب في دمشق وريفها. ويلفت الى أن كاغ ستتقدم بتقرير مفصل في هذا الخصوص الى مجلس الأمن في جلسته المقررة في السابع من تموز المقبل، إضافة الى تقريرها الخاص حول تطبيق القرار الدولي في منطقة جنوب الليطاني. وتقول مصادر ديبلوماسية أوروبية إن مقاربة مجلس الأمن للتداعيات المباشرة على لبنان يجب أن تأخذ في الاعتبار مجموعة من المعطيات والاحتمالات أبرزها:
– وجوب التدقيق في العدد الإجمالي لهذا النزوح وما إذا كان أقرب الى العدد الموجود حاليا في لبنان والذي يقارب حوالى مليون ونصف مليون نازح.
– هل يقتصر هذا النزوح على منطقة البقاع أم أنه يتوسع في اتجاه الجنوب وكيفية التعاطي معه وهل سيكون له تأثير في القرار 1701.
– لن يقتصر النزوح على العدد الكبير من النازحين المؤيدين للمعارضة، وإنما قد يشمل أعدادا موالية للنظام ومن بينهم من ينتمي الى الطائفة العلوية.
– من يضمن مع ارتفاع عدد النازحين عدم حدوث توترات ذات طابع طائفي ومذهبي بين الحاليين منهم والوافدين الجدد طلبا للأمان خصوصا إذا ما تصاعدت وأدت الى حصول اشتباكات؟ -هل لدى الحكومة استعدادات لوجستية وأمنية في حال اقتصر استقبال النازحين على بلدات بقاعية ليس في مقدورها استيعابهم لأن عدد النازحين الآن هو أضعاف أضعاف عدد سكان هذه البلدات.
– أين الخطة الأمنية والدفاعية لضبط الحدود وحمايتها لمنع التدفق العشوائي للنازحين الذي قد يتسبب بإخلال بالأمن هذا إذا لم تتسرب الى الداخل اللبناني مجموعات إرهابية يمكن ان تهدد السلم الأهلي.
– ما العمل إذا اضطر هؤلاء النازحون الجدد الى التوجه الى مناطق خارج البقاع، وكيف يمكن ضبطهم ما لم يؤخذ في الاعتبار وضع خطة أمنية استيعابية لا تقوم على ردود الفعل وإنما على استباق أي محاولة للإخلال بالأمن، وهذا ما يزيد الأعباء على عاتق المؤسسة العسكرية التي نجحت حتى الآن بالتعاون مع قوى الأمن والأجهزة الأمنية الأخرى في ضبط الأمن وفي توقيف العشرات من الشبكات الإرهابية.
– أين تقف الأطراف المحلية من هذا النزوح، خصوصا إذا ما نتج منه نقل الخلافات في سورية الى لبنان وهل ستنقسم بين فريق مؤيد للمعارضة وآخر داعم لنازحي النظام في سورية؟