أعلنت الحكومة التونسية عن حزمة إجراءات، قالت إنها استثنائية لإنقاذ ما تبقى من الموسم السياحي، في محاولة لاحتواء تداعيات الهجوم الإرهابي الأخير على فندق بمحافظة سوسة الساحلية والذي أودى بحياة العشرات من السياح معظمهم بريطانيون.
وقالت وزيرة السياحة التونسية سلمى اللومي الرقيق، إن مجمل الإجراءات تتعلق بتشديد إجراءات حماية المنشآت السياحية ودعم القطاع المتعثر، عبر إعادة جدولة ديون مؤسساته وإلغاء رسم الجباية الذي كان مفروضا على السائح قبل مغادرته البلاد والمقدر بنحو 15.4 دولارا.
وأكدت أن الإجراءات تتضمن أيضا خفض تكاليف النقل الجوي والبحري للمغتربين التونسيين في الخارج بنسبة تصل إلى نحو 30 بالمئة لتشجيعهم على زيارة البلاد.
وأضافت، أنه سيتم نشر عناصر أمن مسلحين في كامل المناطق والمؤسسات السياحية، اعتبارا من يوم الأربعاء، لتأمين السياح والمصطافين تطبيقا لقرارات رئيس الوزراء الحبيب الصيد ووزير الداخلية ناجم الغرسلي.
وأوضحت في مؤتمر صحفي في العاصمة، أن الحكومة تتحرك بما أتيح لها من إمكانيات لإنقاذ الموسم السياحي واستعادة ثقة السياح خاصة منهم الأوروبيون.
وكشفت أن من بين الإجراءات التي اتخذتها الحكومة “تفعيل قرار منح التأشيرة على الحدود للمجموعات السياحية من الصين وإيران والهند والأردن، ومنح تأشيرة متعددة الدخول لفترة سنة كاملة لرجال الأعمال والمستثمرين من البلدان المذكورة”.
وتابعت أنه سيتم إلغاء التأشيرة على بعض البلدان النامية على غرار أنغولا وبوركينا فاسو وبوتسوانا وقبرص وروسيا وكازاخستان.
كما أقرت وزارة السياحة عددا من الإجراءات لتخفيف الأعباء المالية عن المؤسسات والمنشآت السياحية، منها تأجيل دفع أقساط القروض المستحقة عليها وإعادة جدولة ديونها.
ولم تخف وزيرة السياحة التونسية أن الهجوم الإرهابي الذي نفذّه طالب تونسي يدعى سيف الدين الرزقي، كان له تأثير كبير على الاقتصاد. وقالت، إن الخسائر ستكون كبيرة.
وتابعت سلمى اللومي الرقيق “نعيش اليوم حالة استثنائية تتطلب إجراءات استثنائية لإنقاذ الموسم”.
وقدّر مسؤولون وخبراء حجم الخسائر المتوقعة في قطاع السياحة جراء الاعتداء الإرهابي الذي أودى، الجمعة الماضي، بحياة 39 سائحا، بنحو 515 مليون دولار، أي ما يعادل ربع إيراداتها السنوية من السياحة التي بلغت في العام الماضي، نحو 1.95 مليار دولار.
ويمثل قطاع السياحة نحو 7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويشغل حوالي 400 ألف شخص، ويوفر ما يصل إلى 20 بالمئة من إيرادات العملات الأجنبية، كما يوفر أعدادا كبيرة أخرى من فرص العمل المؤقت خلال الصيف.
وأظهرت بيانات رسمية تراجع إيرادات الدولة من السياحة خلال الربع الأول من العام الجاري بنحو 6.8 بالمئة، بمقارنة سنوية، متأثرة بتراجع عدد الوافدين الأجانب خاصة بعد الاعتداء الإرهابي على متحف باردو في شهر مارس الماضي، الذي قتل وأصيب فيه العشرات من السياح.
وأعلنت وزارة الداخلية التونسية، أنها ستنشر ألف جندي مسلح إضافي من شرطة السياحة لحراسة الفنادق والمواقع السياحية، بينما أعلنت وزارة الدفاع أنها ستستدعي قوات الاحتياط لتعزيز الإجراءات الأمنية.
وفي سياق التحركات لاحتواء الأزمة، أطلق مجلس نواب الشعب التونسي (البرلمان) من جهته أمس، مبادرات للبدء في إجراء سلسلة من اللقاءات بين أعضاء ولجان البرلمان وممثلين عن قطاع السياحة الذي تلقى ضربة قاصمة يوم الجمعة الماضي.
وقال محمد الناصر رئيس مجلس نواب الشعب التونسي في مؤتمر صحفي، إن البرلمان اتخذ جملة من القرارات وصفها بالاستثنائية، بعد تدارس الوضع العام في البلاد، على خلفية العملية الإرهابية.
وقال الناصر، إن المجلس قرّر تنظيم حوار مشترك مع ممثلي قطاع السياحة، حيث ستعقد اللجان المعنية بهذا القطاع داخل المجلس جلسات للاستماع لشواغلهم.
واعتبر الناصر، قطاع السياحة، قطاعا منكوبا بعد العملية الإرهابية الغادرة، مؤكدا أن الحوار يهدف إلى إنقاذ القطاع السياحي واتخاذ الإجراءات المناسبة لمعالجة الأزمة.
وأضاف أنه تقرّر تعليق العطلة البرلمانية المقررة في الفترة ما بين شهري يوليو وأكتوبر 2015 وتنظيم دورة نيابية استثنائية. وستخصص هذه الفترة للنظر في مجموعة من مشاريع القوانين التي تهم مؤسسات الدولة والاقتصاد الوطني.
واعتبر مراقبون، أن الإجراءات التي أعلنتها الحكومة التونسية لاحتواء تداعيات الاعتداء الإرهابي ومعالجة أزمة قطاع السياحية، غير كافية وأشاروا إلى أنه سبق لها أن أعلنت عن إجراءات أمنية مشدّدة عقب الهجوم على متحف باردو بالعاصمة في مارس الماضي، لحماية السياح والمسالك والمنشآت السياحية، لم تحل دون وقوع الاعتداء الإرهابي الأخير.