أعلن صندوق النقد الدولي في بيان اليوم أن مجلسه التنفيذي إختتم في 26 حزيران 2015 مشاوارت المادة الرابعة مع لبنان.
وجاء في البيان: “لا يزال الصراع القائم في سوريا، وقد دخل عامه الخامس، مهيمنا على لبنان، حيث يشكل اللاجئون حاليا أكثر من ربع السكان. وتتسبب أزمة اللاجئين في إجهاد المجتمعات المحلية، وتزيد من الفقر والبطالة، وتضغط أكثر على المالية العامة والبنية التحتية الضعيفة أصلا. اضافة إلى ذلك، يواجه لبنان وضعا سياسيا داخليا صعبا. فلا يزال منصب الرئاسة شاغرا منذ شهر أيار 2015، كما أن عدم توافق الآراء بين الأحزاب الرئيسية يعيق تمرير التشريعات الرئيسية.
وفي ظل هذه الأجواء، لا يزال النمو ضعيفا. فبعد الهبوط الحاد في عام 2011، أخذ النمو يرتفع ببطء ليصل إلى نسبة 2-3%، وان بقي أقل كثيرا من المستوى الممكن. وتشير تقديرات خبراء الصندوق إلى زيادة إجمالي الناتج المحلي في 2014 بنسبة قدرها 2% فقط، وتظهر توقعاتهم إلى تحقيق مستوى مماثل من النمو المتواضع في عام 2015. فقد تعرضت محركات النمو التقليدية في لبنان – أي السياحة والعقار والبناء – لصدمة كبيرة ولا يرجح أن تشهد قريبا أي انتعاش قوي. وأصبح من الصعب أن يستعيد لبنان مستوى النمو الممكن (4%) قبل عام 2019. كذلك، سجل التضخم تراجعا حادا في 2015 على خلفية انخفاض أسعار النفط وعوامل أخرى غير متكررة، لكن يفترض أن يعود إلى 3% تقريبا بنهاية عام 2015”.
أضاف: “وعلى جانب المالية العامة، أدت بعض العوامل الاستثنائية إلى تكوين فائض أولي في عام 2014، ولكن ما لم تتخذ إجراءات حاسمة فسوف يستمر التدهور المالي في عام 2015. فهذا الفائض الأولي في 2014 الذي يقدر بـ2.5% من إجمالي الناتج المحلي يعود بدرجة كبيرة إلى التحويلات الاستثنائية من قطاع الاتصالات، والى حد ما إلى المدفوعات المحتجزة أو المتأخرة. ولكن من المتوقع أن يسجل الرصيد الأولي عجزا قدره 1.25% من إجمالي الناتج المحلي في 2015، مع بقاء الدين العام مرتفعا عند نسبة قدرها 132% من إجمالي الناتج المحلي. ولا تزال أسواق القطع الأجنبي والأسواق المالية في لبنان متينة، رغم احتياجات لبنان الكبيرة إلى التمويل الخارجي. ولا تزال التدفقات الرأسمالية الوافدة كبيرة، لا سيما بشكل ودائع غير المقيمين؛ وفي سياق ربط العملة اللبنانية بالدولار الأمريكي، ظل مصرف لبنان محتفظا بمستوى كاف من إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي”.
تقييم المجلس
وتابع: “أشاد المديرون التنفيذيون بالسلطات لحفاظها على الاستقرار الاقتصادي الكلي وثقة السوق بالرغم من التداعيات الإنسانية والاقتصادية غير المسبوقة من جراء الصراع الدائر في سوريا، بما في ذلك تدفق اللاجئين الهائل الذي أثر سلبا على المالية العامة والبنى التحتية والنسيج الاجتماعي. وإزاء هذه الخلفية، طلبوا من المجتمع الدولي تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية والإنمائية إلى لبنان. واذ أقر المديرون بأن صعوبة الأوضاع الاقتصادية والسياسية تحد من البدائل المتاحة على مستوى السياسة، فقد حثوا السلطات على زيادة دعم الثقة والتأكد من تحقيق نمو أكثر شمولا لمختلف شرائح السكان عبر تنفيذ سريع لإصلاحات المالية العامة والإصلاحات الهيكلية ذات الأولوية.
وأكدوا ضرورة تصحيح أوضاع المالية العامة على نحو مستمر. ورحبوا بتحقيق فائض أولي في عام 2014، لكنهم ذكروا أنه يعود أساسا لعوامل غير متكررة. ونبهوا إلى أنه في غياب مزيد من التدابير التصحيحية، فإن نسبة الدين العام ستواصل الارتفاع وستؤدي إلى زيادة مواطن الضعف القائمة ومزاحمة الاستثمارات العامة والنفقات الاجتماعية الضرورية. وكخطوة أولى، شجع المديرون السلطات على تمرير موازنة طموحة لعام 2015. وأكدوا أيضا الحاجة الملحة لإصلاح قطاع الكهرباء، لتخفيف العبء الذي يستنزف المالية العامة.
وعموما، أكد المديرون الحاجة إلى توجيه المديونية العامة نحو مسار تنازلي مستدام. وفي هذا السياق، نصحوا بتوخي الحذر في تعديل سلم أجور موظفي القطاع العام. وأشاروا إلى وجود إمكانيات كثيرة لزيادة الإيرادات بشكل عادل، لا سيما من خلال تحسين مستوى الامتثال الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية، بدءا بالضرائب على الوقود. وذكر المديرون أيضا أن تعديل الإنفاق نحو الإنفاق الاستثماري والاجتماعي سيساعد في التخفيف من التأثير المواكب لعملية التصحيح المالي. ورأوا كذلك أن تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي واصلاح نظام التقاعد قد يؤديان إلى تحسين إنصاف واستمرارية المالية العامة.
وأشادوا بمصرف لبنان المركزي لدعمه الاستقرار الاقتصادي الكلي وحفاظه على احتياطيات دولية كافية. واتفقوا على ضرورة بقاء السياسة النقدية موجهة نحو دعم نظام سعر الصرف المربوط بالدولار الأمريكي، والذي أفاد منه لبنان كثيرا. وبالنسبة للمرحلة المقبلة، أكدوا أن تصحيح أوضاع المالية العامة سيسهم في تخفيض الأعباء المالية والمؤسسية على المصرف المركزي المتعلقة بأنشطة شبه المالية العامة”.
وختم البيان: “أشار المديرون إلى الدور الحيوي الذي يضطلع به النظام المصرفي اللبناني في تأمين النمو الاقتصادي المستمر على نطاق واسع. وأشادوا بالرقابة المتشددة التي تمارسها السلطات على النظام المالي، وشددوا على ضرورة توخي اليقظة المستمرة وبذل الجهود لتقوية الإطار التنظيمي. وأبرزوا أهمية زيادة الاحتياطيات الرأسمالية الوقائية، وتحسين القواعد الحاكمة لتصنيف القروض واعادة هيكلتها، وتعزيز إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ورحب المديرون بطلب السلطات مؤخرا إجراء تقييم محدث في سياق برنامج تقييم القطاع المالي.
وأكد المديرون الحاجة إلى إعطاء دفعة للإصلاحات الهيكلية لتشجيع خلق فرص عمل وتحسين القدرة التنافسية. والى جانب إصلاحات قطاع الكهرباء، وهي أولوية بالغة الأهمية، أبرز المديرون الحاجة لإجراء إصلاحات في سوق العمل، وادخال التحسينات في تقديم الخدمات العامة، ووضع تشريع لتنشيط الاستثمار الخاص، بما في ذلك في قطاع النفط والغاز. كذلك حث المديرون السلطات على تحسين النظام الإحصائي في لبنان، والبناء على التقدم الجاري في هذا الصدد”.