ناتاشا بيروتي
تعاني الاسواق التجارية اللبنانية من ضائقة اقتصادية اقل ما يقال عنها انها خانقة، اذ يستقبل التجار الموسم الصيفي بيأس وأسى.
الاسواق التجارية افتتحت ابوابها استعداداً للعيد، وبدأت تنتظر استقبال المواطنون لشراء حاجياتتهم، لكن على ارض الواقع لم تستطع هذه المحال جذب الزبائن نظراً لتقلص القدرة الشرائية في ظل هذه الاوضاع الاقتصادية والامنية المتردية.
وفي جولة لـ «الديار» على بعض الاسواق التجارية، وفي مقدمتها سوق الاشرفية، زحلة وطرابلس، وغيرها من الاسواق التجارية رصدت غياب المتسوقين، بالرغم من التنزيلات والتخفيضات التي ناهزت الـ 50 في المئة.
ويعزو التجار سبب «صيام» المتسوقين عن الشراء الى تراجع قدرتهم الشرائية، وغياب السياح العرب والمغتربيين الذين يشكلون عصب التسوق.
رفع التجار في المناطق التجارية اصواتهم عالياً، الخسائر تتكبد والحركة تتراجع والافلاسات بالجملة، حيث عجز التجار عن احياء الاسواق التجارية وكسر الجمود الذي يخيّم على القطاع التجاري.
لسان حال التجار يدل على عمق الأزمة التي وصلت اليها الأسواق التجارية في مختلف المناطق، فرئيس جمعية تجار الاشرفية انطوان عيد ، وصف الحركة بالخجولة، حيث شهدت تراجعاً من 20 الى 25% مقارنة بالعام الماضي، ما يدعو للقلق، خصوصاً وان الحركة تتراجع عاماً بعد عام.
ويقول: التراجع في الحركة التجارية هو سيد الموقف، حتى وإن خرقته بعض التحسنات. اذ ان ما بين العام 2013 و2015، لم تشهد السوق تحسناً الا في حدود 10%، بعد ان كان التراجع يتراوح بين 20% و30% في العام 2013، علماً ان الأسعار لم ترتفع، لكن المشكلة ليست في الأسعار، بل في الوضع العام».
ويتابع: اطلقنا مهرجان «عيش الاشرفية» لاحياء الموسم والتشجيع على السياحة والتسوق، عل هذه الخطوة تكون بادرة خير لاحياء الموسم.
ويضيف عيد ان تراجع أعداد السياح هو من العوامل الأساسية التي تدفع بالتجار إلى اليأس، الامر الذي دفع التجار الى بيع البضاعة بسعر الكلفة واعتماد التزيلات على مدار السنة تقريباً.
ويرى عيد ان شهر رمضان من اكثر الاشهر جموداً من حيث القدرة الشرائية، آملاً ان يحمل العيد تحسناً في القدرة الشرائية للبنانيين عله يعوض جزء من الخسارة.
بين بيروت والبقاع لا تختلف المعاناة رغم بعد المسافة، اذ يشير رئيس جمعية تجار زحلة ايلي شلهوب الى ان حركة الاسواق التجارية «معدومة» حيث تراجعت نسبة المبيعات الى 70% تقريباً، وجميع المؤشرات لا تبشر بالخير حتى الآن.
ويتابع: بدأنا الحسومات مبكراً لتشجيع الزبائن على التسوق ورغم ذلك لم نلقى اقبالا.
ويضيف الوضع مأساوي بكل ما للكلمة من معنى والمؤشرات الاولية تبين ان الحركة التجارية متراجعة بنسب كبيرة وحتى الآن لم نشعر بوجود رجل غريبة في اسواقنا في حين ان ابناء البلد يحجمون عن الشراء.
ويقول ان المشاكل المتعددة الاوجه التي تمر فيها البلاد، لا سيما الصعوبات الاقتصادية وتداعيات ملف النازحين السوريين الذين حلوا بنسب كبيرة مكان اليد العاملة اللبنانية لم تعد تنفع معها العلاجات العادية، فهي تتطلب، وبسرعة قياسية، اجراءات جذرية وعميقة لاستيعاب الصدمة وحماية لبنان من شر مستطير.
ويؤكد شلهوب انه طالما الاوضاع الامنية والسياسية متأزمة في لبنان طالما ان الانكماش الاقتصادي سيبقى سيد الموقف، داعياً الى الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية لحلحلة الازمة التي يمر بها لبنان.
شمالاً ورغم التشنجات الأمنية في المنطقة، وخصوصاً في طرابلس يشير رئيس جمعية طرابلس اسعد الحريري الى ان الاسواق تعاني جمودا قاتلاً خصوصاً خلال شهر رمضان ولكن سنفتح أسواقنا بعد الافطار ونزيد ساعات العمل من أجل تشجيع «الرجل الغريبة» لزيارة المنطقة، مشيرا الى «ان استمرار هذا الوضع أفقد المؤسسات التجارية مناعتها وقدرتها على الصمود».
ويضيف: المواطن لم يستعد قدرته الشرائية «التي تراجعت بما يفوق 15%» ولكن تجار المنطقة مستمرون في تشجيع الزبائن على الشراء.