لم تنشغل الاوساط السياسية اللبنانية بـ”همروجة” استطلاع الرأي التي يقودها الجنرال ميشال عون محاولاً إطالة أمد ترشحه لرئاسة الجمهورية من باب استطلاعات الرأي المخالفة للدستور اللبناني والقوانين والاعراف، والتي لا تلزم أي فريق او طرف لبناني، ولا ترضي سوى احلام مطلقها.
وتشير معلومات صحيفة “المستقبل” الى ان سفارتين غربيتين أجرتا استطلاعات رأي وأبلغتا مرجعاً نيابياً بنتائجها، إلا ان هذه النتائج قد لا تعجب الجنرال، لا بل قد تتسبب له المزيد من الإحراج.
وطبقاً لما ورد في نتائج استطلاع أجرته احدى السفارتين، فإن رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع حاز تأييد 31.5 في المئة من المستطلعين لمنصب رئيس الجمهورية في حين ان الجنرال عون حاز تأييد 28.7 في المئة من بينهم، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامه حاز نسبة 10 في المئة، وتوزعت النسب الباقية بين المرشحين بطرس حرب وسليمان فرنجية وامين الجميل وجان عبيد.
وفي إحصاء اجرته السفارة الثانية، جاءت النتائج متقاربة مع الاحصاء السابق حيث رد المستجوبون على سؤال “اي رئيس تفضل للبنان”؟.
وجاءت النتائج لتشير الى ان 53 في المئة من المستطلعين يريدون رئيساً وفاقياً يعمل على إنقاذ البلاد، من خلال الموقع الرئاسي الجامع للبنانيين، اضافة الى ان 18.5 في المئة من المستطلعين ايّدوا وصول الدكتور جعجع لمنصب الرئاسة، في حين أيد 17 في المئة الجنرال عون.
وإزاء هذه النتائج التي وصلت الى مجلس النواب، سأل مرجع نيابي، “هل يستجيب الجنرال عون لنتائج الاستطلاعات ويؤيد وصول الدكتور جعجع الى رئاسة الجمهورية؟.
نقلت اوساط متابعة لجولة النائب ابراهيم كنعان لتسويق عملية الاستطلاع اجواء متفاوتة بلغت مسامع الاخير بين تأييد مع تشديد على عدم المشاركة في الاستطلاع ولا الالتزام بنتائجه، وبين من وصف الاستطلاع ب “السخافة”. وتشير المعلومات الى ان النائب كنعان سمع من “القوات اللبنانية”، عدم اعتراضها على إجراء الاستطلاع، مع التشديد على ان النتائج لا تلزم احداً لبنانياً ولا قواتيا.
وفي الصيفي سمع النائب كنعان موقفاً مختلفاً، حيث شدد حزب “الكتائب” على موقفه من ضرورة انتخاب رئيس توافقي، كما ابدى استغرابه من عدم اعتراض الدكتور جعجع على الاستطلاع.
أوساط قريبة من النائب سليمان فرنجية نقلت عنه قوله إن الاستطلاع هو “سخافة بسخافة” مشيرة الى ان فرنجية ابلغ النائب كنعان ان التعاطي بالمراكز الاولى لا يكون من خلال مخالفة القوانين والدستور، مضيفة أنه “إذا كان هناك تسليم بزعامة الرئيس بري في اوساط الطائفة الشيعية، فيجب ان لا ننسى ان الرئيس بري مؤيد من سائر الطوائف، من السنة والدروز، وان انقسام المسيحيين بشأن تأييده رئيساً للمجلس النيابي لا يلغي حجم التأييد الذي حازه لترؤس المجلس النيابي”.
وأضافت اوساط فرنجية “ان الاستطلاع مضيعة للوقت، وهناك سلة حلول متكاملة نتيجة ارتباط لبنان العضوي بالازمة السورية، وهي تتضمن رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش وحاكمية مصرف لبنان ورئاسة الحكومة وملف النفط”. مشيرة الى ان “هذه السلطة تحتاج الى ما هو اكثر من اتفاق الدوحة واقل من اتفاق الطائف لتأخذ طريقها الى التنفيذ”.
وفي سياق متصل كشفت اوساط النائب فرنجية ان الاخير طالب زميله كنعان بأن يسعى لدى الجنرال للكشف عن نتيجة الاحصاء الذي قام به الصرح البطريركي، حيث تشير معلومات فرنجية الى انه تعادل مع الجنرال عون في نسب التأييد لتوليه الرئاسة.
من جهة ثانية قالت اوساط مسيحية اخرى إن “لدى الجنرال عون ما يكفيه من المشكلات داخل تياره، فبدل التلهي باستطلاعات رأي لا تغني ولا تسمن، الاجدى به ان يبدأ بمعالجتها قبل ان تنفجر في وجهه بعد ان استفحل الخلاف داخل التيار العوني بين “بيت عون” الممثلين بالنائب ألان عون وابن شقيق الجنرال نعيم عون من جهة، والاصهرة الذين يتقدمهم الوزير جبران باسيل، مشيرة الى انه بات شبه مؤكد ان المعارضة العونية داخل التيار تسعى لإيصال ألان عون الى رئاسة التيار في مواجهة محاولة الجنرال نقل الرئاسة الى صهره الوزير باسيل.
وفي هذا الإطار، ابدت الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، سيغريد كاغ استغرابها من موقف القيادات المسيحية في لبنان من الاستمرار في الفراغ الرئاسي، مشيرة الى ان النظام السوري قد ينهار في اي لحظة ولا يتفاجأ أحد في لبنان بانهيار هذا النظام، وتالياً فإن لبنان سيشهد موجة نزوح سورية جديدة تقارب الخمسمئة الف لاجئ من علويين ومسيحيين واقليات اخرى، وتساءلت :”كيف يمكن لهذا البلد ان يواجه هذه الازمة من دون رئيس يعمل على تحصين المؤسسات وحماية الوحدة الداخلية؟”.