IMLebanon

أوساط مسيحية متعاطفة مع الجنرال تقلق من “استطلاع”…يخدم جعجع!

Geagea-aoun

 

 

لم يستقر استطلاع الرأي الذي اقترحه العماد ميشال عون لمعرفة من يريد المسيحيون رئيساً للجمهورية على صيغة نهائية بعد، في ظل رفض البعض له، كحزب «الكتائب»، والتعديلات الجوهرية التي اشترطها البعض الآخر للموافقة عليه، وتحديداً رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية الذي كان حريصاً على الاحتفاظ بـ «سترة النجاة» عندما قال إنه لن يحيد عن دعم عون للرئاسة، ولو فاز رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بالمرتبة الاولى في الاستطلاع.

وتعتبر اوساط مسيحية، معروفة بتعاطفها مع الجنرال، ان استطلاع الرأي المقترح من الرابية يُعرّض المصالح الاستراتيجية لعون نفسه الى مخاطر مجانية، سواء احتل جعجع المركز الاول ام الثاني، إذ حتى لو كان ثانياً، فان ذلك يكفيه في الوقت الحاضر، لان هذه المرتبة ستسمح له بتكريس الثنائية المسيحية، واستكمال عملية تلميع صورته وتنقيتها، في انتظار أن يرث الموقع الأول لعون في المستقبل، مفترضاً أن «القوات اللبنانية» ستكون آنذاك القوة الوحيدة المنظمة والقادرة على الاستقطاب.

وتشدد الأوساط على ان خسائر الاستطلاع أكبر من أرباحه، لأن جعجع سيكون فائزاً في كل الأحوال على المديين المتوسط والطويل، لافتة الانتباه الى ان الاستطلاع المقترح، والذي ستنظمه شركة أو شركات إحصائية خاصة، يوحي بأن هناك «خصخصة» للقرار السياسي.

وتنبّه الاوساط الى أن استطلاع الرأي هو، من حيث التعريف العلمي، مجرد مؤشر لا أكثر ولا أقل، مشيرة الى انه يُعتمد على العموم قبل الانتخابات النيابية لمعرفة مكامن الضعف لدى المرشحين من أجل تصحيحها، من دون أن يكون هناك أي انعكاس على نقاط القوة او على الخيارات السياسية، أما هذه المرة فإن الاستطلاع يُربط برئاسة الجمهورية ويراد له أن يؤثر في مجرى الاستحقاق الرئاسي، فهل يجوز أن تُبنى قرارات استراتيجية على مزاج عيّنة؟ وهل تجوز المجازفة بالثوابت الوطنية من أجل استطلاع هو أقل بكثير من الاقتراع؟

وتعتبر الاوساط المسيحية أن هامش الخطأ في استطلاعات الرأي واسع، كما أن طبيعة الأسئلة وطريقة طرحها تؤثر على النتائج، إضافة الى ان بعض الشركات الإحصائية التي قد يُستعان بها، لا تحظى بالثقة المطلوبة من جميع القوى المسيحية، وهذا ما يفسر مطالبة فرنجية بتكليف ثلاث شركات متخصصة بإجراء الاستطلاع.

وتشير الأوساط الى انه إذا كان المتحمّسون للاستطلاع يفترضون أنه سيثبّت أرجحية عون في الساحة المسيحية، فإن ذلك لن يقدّم او يؤخر في المعادلتين السياسية والرئاسية، باعتبار أن هناك إقراراً في الأساس من قبل كثيرين بان الجنرال هو الاول مسيحياً. وبالتالي ما الفائدة من تأكيد هذه البديهية المُسلّم بها، الا اذا كانت لدى عون ضمانة بأنه في حال فوزه بالمركز الاول فإن جعجع سينسحب له وسيدعمه للوصول الى رئاسة الجمهورية، وهو الامر المستبعَد، في ظل تأكيد رئيس «القوات» بأن الاستطلاع غير إلزامي، ما يعفيه مسبقاً من أي مترتبات.

وتلاحظ الاوساط عدم وجود حماسة للاستطلاع في الساحة السياسية المسيحية، حيث يواجه اعتراض حزب «الكتائب» والعديد من شخصيات وقوى «14 آذار»، فيما يتعامل معه فرنجية بموقف مركّب، فهو يتجنب الخلاف في شأنه مع عون الحليف، لكنه يحاول في الوقت ذاته تحصينه بضوابط سياسية وتقنية، من شأنها إذا تمّ الأخذ بها أن تقلل من خسائره وتمنع حرفه عن وجهته.

وتشدّد الاوساط على ان إحدى أهم تلك الضوابط هي توسيع رقعة الاستطلاع، من الاطار المسيحي المحض الى الإطار الوطني الشامل، وبذلك يصبح الاستطلاع عادلاً ومنصفاً، لان رئيس الجمهورية هو رئيس لكل اللبنانيين، ويجب أن يكون للمسلمين رأي فيه، كما للمسيحيين.

وتستنتج الأوساط ان طرح فرنجية يؤدي الى تحصين شرعية المرشح للرئاسة بقبول عام، من المسيحيين والمسلمين على حد سواء، مشددة على ان الرئيس المسيحي القوي يبقى ضعيفاً ما لم يحصل على دعم الجزء الأكبر من المسلمين أيضاً.

وتتساءل الأوساط: إذا جرى حصر الاستطلاع بالبيئة المسيحية، فمن يضمن ان الفائز الاول سيكون مقبولاً من المسلمين حكماً، وبالتالي ما النفع إذا كان متصدراً في بيئته ومرفوضاً لدى الآخرين؟

وتضيف: في المقابل، فإن الثاني أو الثالث عند المسيحيين وربما بفارق ضئيل عن الاول، قد يكون حائزاً على ثقة أكثرية المسلمين، فلماذا نحرمه من فرصته؟

وتشدّد الأوساط على ضرورة وضع استطلاع الرأي المقترح في سياقه وحجمه، من دون مبالغات أو تأويلات قد تقلب السحر على الساحر.