Site icon IMLebanon

شركات البلاستيك الأوروبية تنوء تحت ثقل الأسعار

PlasticIndustry1
تانيا باولي

بالنسبة لأي صناعة هذا سيكون بمنزلة كسب غير متوقع: انخفاض بنحو 50 في المائة في تكلفة مدخلاتها الرئيسية. هذا هو ما حدث مع شركات البتروكيماويات الأوروبية خلال العام الماضي، حين انخفض سعر النفط الخام، حيث قدم هدية لا تأتي إلا مرة كل جيل لقطاع كان يعاني المتاعب.

النتيجة لم تكن موحدة. الصناعات الأوروبية التي تقع في أسفل سلسلة التوريد، مثل شركات إنتاج البلاستيك التي تشتري موادها الخام من شركات البتروكيماويات، وتشهد فائدة ضئيلة أو معدومة.

هذا جزئيا بسبب أعوام من نقص الاستثمار التي تركت مصانع البتروكيماويات تواجه موجة من عمليات الإغلاق غير المقررة، ما أدى إلى نقص في البلاستيك الذي أدى إلى رفع الأسعار، على الرغم من أن تكاليف تصنيعه أصبحت أقل من قبل.

مع ذلك، بالنسبة لشركات المواد الكيميائية، فإن انخفاض أسعار النفط عمل على تعزيز الأرباح.

توم كروتي، مدير المجموعة في شركة إنيوس، مجموعة المواد الكيميائية السويسرية، يقول: “حتى وقت الانخفاض في أسعار النفط، كنا في وضع حيث صناعة المواد الكيميائية الأوروبية، كانت في حالة خطيرة جدا عموما بسبب تكلفة الطاقة والمواد الأولية”. ويقول إنها الآن تتمتع بفترة راحة كانت هناك حاجة شديدة إليها.

لطالما كانت شركات المواد الكيميائية الأوروبية تعتبر أقل مكانة، مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة. طفرة الزيت الصخري في الولايات المتحدة منحت شركات إنتاج البتروكيماويات الأمريكية ميزة كبيرة، من حيث التكاليف، على منافساتها في أوروبا وآسيا في الصناعة، حيث مواد اللقيم واستهلاك الطاقة يمثل ما يصل إلى 85 في المائة من تكاليف التشغيل.

في الوقت نفسه، المواد الأولية الرئيسية لصناعة البتروكيماويات في أوروبا هي النفتا، المشتقة من النفط. سعر النفتا كان مرتفعا تاريخيا، الذي كان علامة على الاتجاه الصاعد للنفط الخام في العقد الأول من الألفية.

يقول كروتي، الذي شركته تقوم أيضا بتشغيل معامل التكسير في الولايات المتحدة “إن الفرق بين [مصانع البتروكيماويات المعروفة باسم] معامل التكسير في الولايات المتحدة التي تعمل على الغاز، وتلك التي في أوروبا التي تعمل على النفط، كان كبيرا تماما. لقد كانت قضية تنافسية ضخمة”.

شركات البتروكيماويات الأوروبية تشغل معامل التكسير التي تحلل النفتا إلى الإثيلين، الذي يستخدم كوحدة أساسية في كثير من منتجات البلاستيك.

مع انخفاض أسعار خام برنت منذ صيف العام الماضي بنحو 45 في المائة، كذلك انخفضت أسعار النفتا، الأمر الذي أدى إلى تقليص الفجوة التنافسية. انخفض سعر النفتا من أعلى مستوى يبلغ 975 دولارا للطن في حزيران (يونيو) من عام 2014 إلى أدنى مستوى يبلغ 373 دولارا في كانون الثاني (يناير). وقد ارتفع منذ ذلك الحين إلى 525 دولارا.

الفجوة التنافسية لا تزال موجودة. بن فان بوردين، الرئيس التنفيذي في شركة رويال داتش شل، يقول إن تكلفة المواد الأولية في الولايات المتحدة لا تزال أقل مما يعادلها في أوروبا. “من حيث القدرة التنافسية الأساسية، لا تزال أوروبا متخلفة عن الولايات المتحدة والشرق الأوسط لأن المواد الأولية لا تزال أكثر تكلفة”.

في حين أن الأوقات الجيدة قد عادت بالنسبة لمجموعات البتروكيماويات الأوروبية، إلا أن شركات صناعة البلاستيك – تلك التي تحول المواد إلى منتجات تراوح بين تعبئة المواد الغذائية إلى الأنابيب من أجل صناعة البناء – تحذر من أن عديدا منها تكافح في مواجهة ارتفاع الأسعار.

وقد انخفض سعر البولي إثيلين، وهو مادة بلاستيكية تصنعها مجموعات البتروكيماويات، إلى أدنى مستوى يبلغ 1085 يورو للطن في شباط (فبراير)، لكنه قفز إلى نحو 1635 يورو – متجاوزا ارتفاعه السابق البالغ 1452 يورو في تموز (يوليو) العام الماضي.

رون مارش، الذي كان يترأس مجموعة آر بي سي، وهي شركة تغليف بريطانية، يقول: “الافتراض هو أن الجميع في صناعة البلاستيك يجني المال لأن تكلفة المواد المشتقة انخفضت، لكن هذا ليس هو الحال”.

بدلا من ذلك، ارتفعت أسعار البلاستيك لأن توريد المواد تقلص بعد سلسلة من حالات “القوة القاهرة” التي شهدت قيام شركات المواد الكيميائية بإغلاق مصانعها.

يقول بول راي من شركة آي سي آي إس الاستشارية: “ما كان في البداية كسبا مفاجئا بسبب انخفاض أسعار النفط تحول إلى لحظة من قيود التوريد الحادة، ما جعل الأسعار التي تواجهها شركات صناعة البلاستيك ليست فعلا أفضل مما كانت عليه قبل انخفاض أسعار النفط”.

العديد من شركات البتروكيماويات الكبيرة تضررت من جراء حالات الانقطاع هذا العام، بما في ذلك شل وبريتش بتروليوم وإنيوس.

تقول شركة شل إن موقعها للتصنيع في هولندا في موريدجك، الذي يملك أربع وحدات إنتاج رئيسية، تعرض العام الماضي لحادثين ألحقا الضرر بالإنتاج.

أما شركة بريتش بتروليوم فتقول إنها لا تعلن عن قوة قاهرة إلا عندما تكون هناك “أسباب خارجة عن سيطرتنا المعتادة لعدم قدرتنا على الإنتاج بحسب العقود”. وتقول شركة إنيوس إن جعل جميع المصانع تعمل هو في مصلحتها.

لقد كانت هناك 41 عملية إغلاق لمصانع البتروكيماويات الأوروبية في الأشهر الستة الماضية، مقارنة بـ 26 في العام الماضي بأكمله، وذلك وفقا لاتحاد شركات صناعة البلاستيك الأوروبية EuPC، هيئة التجارة التي تمثل 50 ألف شركة تعمل في صناعة البلاستيك.

يقول مطلعون في الصناعة إن السبب في إيقاف مصانع البتروكيماويات هو نقص مزمن في الاستثمار خلال العقد الماضي. مايكل كونديل، الرئيس التنفيذي في شركة رينوليت، شركة صناعة التغليف الألمانية، يصف الوضع بأنه “غير مستقر”.

يقول: “بقدر ما أستطيع أن أتذكر، خلال فترة 25 عاما لم يكن لدينا هذا العدد الكبير من [إغلاق مصانع البتروكيماويات] في مثل هذه الفترة القصيرة”.

نقص البلاستيك في أوروبا أصبح أسوأ بسبب ارتفاع رسوم الاستيراد منذ كانون الثاني (يناير) الماضي، الأمر الذي جعل الحصول على المواد من خارج المنطقة أكثر كلفة على الشركات.

بول هودجز من شركة إيكم الدولية، الشركة الاستشارية للمواد الكيميائية والسلع، يقول إن الوضع ليس مجرد مسألة قيام المنتجين برفع الأسعار.

فهو يذكر أنه على رأس حالات القوة القاهرة، فإن الربع الثاني من العام عادة ما يكون أقوى وقت للطلب، وأن الارتفاع المحدود في أسعار النفط في بداية عام 2015 تسبب في تسارع المشترين لزيادة المخزونات من البلاستيك، قبل زيادات الأسعار المتوقعة.

ألكسندر دانجيس، المدير العام في اتحاد شركات صناعة البلاستيك الأوروبية EuPC، يقول إن أهم شيء ينبغي أن تفهمه شركات التصنيع التي تستخدم البلاستيك هو المكانة الجيدة التي تتمتع مجموعات البتروكيماويات الأوروبية المناسبة لتزويد السوق خلال الأعوام القادمة.

ويضيف: “إن ثقة شركات تحويل البلاستيك تجاه مورديها هي بمستوى منخفض جدا. نحن بحاجة لفهم ما يحدث بالفعل. هل هناك حاجة لاستيراد المزيد من البوليمرات من خارج أوروبا؟ إذا كان الأمر كذلك، فنحن بحاجة إلى فتح الطرق لنكون قادرين على الاستيراد أكثر”.