عادت الحياة الى أسواق طرابلس القديمة والأثرية منها على وجه الخصوص، بعد العشر الأول من شهر الصوم، واستعادت هذه الأحياء الضاربة في عمق التاريخ، أجواء ليالي رمضان التي اعتادت ان تشهدها منذ عقود، وكانت قد تراجعت نسبيا بسبب الاوضاع الامنية في السنوات الماضية، وغياب الدولة.
ولعل طرابلس التي اعتادت سنويا على إحياء شعائر رمضان بطريقتها الخاصة، من خلال أسواقها القديمة والأزقة المتفرعة منها لجهة منطقة باب الرمل وعمق المدينة الأثرية، بدت في الأيام الأولى لبدء شهر الصوم في حالة ترقب، نظرا لعزوف الكثيرين من أصحاب المقاهي والمحال ومعهم المواطنون عن ممارسة عادتهم المفضلة في السهر في الشوارع، بدءا من انتهاء صلاة التراويح وحتى أذان الفجر، وهو أمر كانت له انعكاسات إيجابية على الحركة الاقتصادية بالدرجة الأولى، نظرا لانتشار العربات والبسطات المعدة لبيع الكعك والحلويات الشعبية والعصائر، فضلا عن طابعها التراثي والديني، حيث كانت تنظم الحفلات الإنشادية والرقصات الصوفية بين حي وآخر ناقلة البهجة وأجواء هذا الشهر الى العموم.
بعد نجاح الخطة الأمنية، كسر ابناء المدينة هاجس الخوف وتحصنوا بإيمانهم وإصرارهم على العيش من دون الاعتماد على أحد، وبدأوا يستعيدون بعضا من هذه الاجواء، خصوصا في الاسواق القديمة لجهة مقهى موسى ومحيطه، حيث عاد الزوار ومعهم رواد المقاهي واصحاب العربات ليفترشوا الطرق، وعادت معهم السهرات الفنية والدينية، حيث شهد المقهى قبل أيام وصلات إنشادية، كما شهد قبل يومين حفلا موسيقيا من تنظيم لجنة إنماء طرابلس والاسواق.
هذه الحفلات انتقلت ايضا الى سائر المناطق داخل الاسواق، حيث شهد امس مقهى التل العليا التراثي حفلا موسيقيا، ومن المفترض أن تنتقل النشاطات الرمضانية من منطقة الى أخرى.